اشتهر قسم شرطة المطرية الواقع شرقي القاهرة بشارع الكابلات كونه مقبرة جماعية للأحياء، وسلخانة لتعذيب المعتقلين، خاصة بعد ارتقاء نحو 9 معتقلين بالقسم، خلال العام الماضي، شهداء بعد تعرضهم للتعذيب المستمر في القسم. كانت وزارة داخلية الانقلاب حصنت القسم، إبان الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو، بعد بنائها لكتل خرسانية وأسمنتية أمام القسم، وإمداد ضباطه بالأسلحة الثقيلة، ليبدأ القسم نهجه القمعي بحق المعارضين السياسيين مع فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. استطاعت شبكة "رصد" الحصول على شهادات معتقلين حاليين وسابقين داخل القسم تروي أشكال التعذيب التي يلاقوها على يد ضباط الشرطة والأمن الوطني خاصة داخل ما عرف إعلاميا ب "سلخانة الدور التاني"، والتي يتولى رئيس مباحث القسم شخصيا إدارة عمليات التعذيب فيها. حاورت الشبكة المعتقل السابق بالقسم "أحمد بهاء – 18 عام"، والذي تحدث عن ما رآه من دروب التعذيب المختلفة خلال أسبوع بقسم شرطة المطرية في رحلته التي دامت 48 يوما من الاعتقال بالسجون المختلفة، بعد اعتقاله في 9 سبتمبر من العام الماضي. روى بهاء أنه أقتيد إلى الدور الثاني في القسم مقيد اليدين بشكل خلفي، ومعصوب العين، ليتم التحقيق معه من قبل رئيس المباحث، وفور انتهاء التحقيق معه بدأ يرى مشهدا دراميا بقيام رئيس المباحث بإخراج جنزير حديدي من درج مكتبه، ليضرب المكاتب والكراسي جوار المعتقلين لمحاولة إيخافتهم. ووأضاف: "بعدها بدأت حفلة التعذيب بالتعدي بالضرب على ظهري وكتفي وصدري بالجنزير، ثم بدأ رئيس المباحث يلطم وجهي مستخدما الجنزير حتى تسبب في كسر أسناني". وتابع المعتقل السابق أنه رأى اثنين من المعتقلين أثناء تعذيبهم، وقع أحدهم شهيدا بعد ذلك في أحداث 25 يناير الأخيرة، كان الأول يصعق بالكهرباء بشكل مستمر مع الضرب بالجنازير على جسده، فيما كان الثاني يصعق في أماكن مسامير جراحية بقدمه، كونه كان يعاني من كسر بالقدم. وأضاف الشاب قوله أن الزنزانة الواحدة بالقسم تحوي نحو 150 معتقلا، رغم أنها ضيقة للغاية ولا تتحمل أكثر من 25 معتقل، ما كان يسبب معاناتهم في التحرك أو النوم أو أداء أعمالهم اليومية. صورة من داخل إحدى زنازين المعتقلين بالقسم: وبسؤاله عن أسباب استشهاد عدد من المعتقلين مؤخرا في القسم بسبب التعذيب، قال إن ضباط القسم يتعاملون مع المعتقلين ك"الحيوانات"، ولا يتعاملون بطريقة آدمية معهم، سواء من الازدحام داخل الزنازين أو حفلات التعذيب المقامة دوريا. القسم شهد عدة حالات تعذيب لمعتقلين حتى الموت، كان آخرها تعذيب المحامي "كريم حمدي - 28 عام"، والذي استشهد نتيجة التعذيب المستمر له في أواخر فبراير الماضي، بدورها حاورت "رصد" زوجة أحد شهداء القسم للوقوف على حقيقة ما يحدث داخل هذه السلخانة. حيث صرحت زوجة "عماد العطار"، الذي استشهد في 24 فبراير من العام الجاري داخل القسم، بعد قضائه فترة الشهر اعتقال بالقسم، عقب اعتقاله في 30 يناير من ذات العام، أن زوجها كان يشكو لهم تعرضه للتعذيب خلال الزيارة الأسبوعية لهم. وقالت: "لما كنا بنزوره وهو معتقل كان بيقولنا بيعذبوني و بيدلقوا عليا مياه، و كان بيشتكي من إنهم بيكهربوه كتير، احنا استلمنا الجثة تاني يوم وفاة، ومكتوبلنا في تقرير الطب الشرعي إن سبب الوفاة صعق بالكهرباء في أماكن حساسة، والقسم يقولنا إنه مات مختنق!". وأضافت أنها في وداعها لجثمان زوجها وجدت زراعه مكسور، وآثار كدمات على ظهره، ونزيف في مخه نتيجة الضرب المستمر بالبنادق على رأسه.