المستشار حسام مكاوي ألم يعلم من دعوا لمليونية القضاء على القضاء الأخيرة أن سيدنا عمر رضى الله عنه قال : ويل لديانى أهل الأرض من ديان السماء يوم يلقونه، إلا من أمر بالعدل وقضى بالحق ولم يقضى بهوى، ولا لقرابة، ولا لرغبة، ولا لرهبة وجعل كتاب الله بين عينيه. أيها النابهين فلتعلموا إن تدخل السلطة الحاكمة سواء كانت مؤسسة الرئاسة أو الأحزاب أو المؤثرين على القرار فى أعمال السلطة القضائية يعتبر “معصية”. فبهذا التدخل يدفعون القضاة للحكم رهبة أو رغبة أو بهوى. وهناك قول للمالكية إعتبروه من ضمن مهام القاضى وهو انه يكون مستخفياً بالأئمة، أى لا يخاف منهم. إن تلك المليونية المزعومة تحت شعار تطهير القضاء- بجانب أنها لا تمت للسياسة أو للإصلاح القضائي بصلة، فإنها لطخت يد كل من شارك فيها وبينت مدى ضحالة فكر بعض التيارات الحاكمة أو المحسوبة على الحاكم، فلم يقدموا فكراً أو نظرية، لم يطرحوا رؤية أو إستراتيجية . كيف يدعون لتطهير أشرف وأنقى وأحسن من فى مصر وهم لا يستطيعوا تنظيف شوارعهم من القمامة. لقد نشرتم بتلك المليونية كُرهاً وغلاً. لن أستفيض دينياً أو أخلاقياً معكم فيه – ولكننى أخاطب العقول من حزب الوسط بصفتهم سائلاً بقوة : هل تعلمون أن نص المادة 77 من الدستور فى فقرتها الثالثة نصت على”… وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة فى جنحة أو جناية” أى أن الجنايات ستنظر على درجتين لأول مرة وسيبدأ العمل بهذا النظام بعد مرور عام من إقرار الدستور طبقاً للمادة 234من الدستور، وبذلك يتعين أن ننشئ دوائر جنايات ” كدرجة أولى” ودوائر لإستئناف الجنايات مع الإحتفاظ بدوائر النقض، ومعنى هذا لكل نبيه اننا بحاجة لقضاة وليس للتخلص منهم. هل يعلم هؤلاء النابهون أن تبريرهم لتخفيض السن لإتاحة الفرصة للشباب من القضاة يصطدم مع نص المادة 45 من قانون السلطة القضائية والتى تشترط في من يتولى منصب مساعد وزير العدل أن يكون بدرجة نائب نقض أو رئيس إستئناف وهى أخر درجات السلم القضائى وبالتالى فمبررهم ” الشباب ” ليس له محل من واقع أو قانون. ألا يعلم الدكتور عصام العريان الذى توعد القضاة أن الدستور الإيرانى ” بمناسبة التقارب السياحى بين الدولتين ” نص فى مادته 160 على أن رئيس السلطة القضائية يقدم لرئيس الجمهورية قضاة ليختار من بينهم وزيراً للعدل وليس فقط النائب العام، وبذلك تكون السلطة القضائية أرسلت رجلاً من رجالها ليكون وزيرا ولم تفرض السلطة التنفيذية رجلها على القضاة، ويكون مسئولاً عن جميع الأمور ذات الصلة بين السلطة القضائية من ناحية وبين التنفيذية والتشريعية من جانب أخر، وذلك لحساسية المنصب وعلاقته بالقضاء كسلطة. هل يعلم قادة مليونية القضاء على القضاء ان قضاة مصر فى عام 2007 فصلوا إثنين مليون وستمائة ألف دعوى مدنية تقريباً، وفى تسعة مليون ومائة ألف جنحة، وكان عددهم 3072 قاضى تبلغ اعمارهم من 30 حتى 42. ولا يوجد قضاة على كوكب الأرض يفصلوا فى تلك النسبة خلال ستة أشهر. هل تعلموا يا سادة ان القوانين واللوائح والشروحات الحالية تستطيعوا أن تضعوها فوق بعضها البعض من اى نقطة فى مصر فتروا الاهرامات. لا أتفق مع السيد سعد الكتاتنى حينما قال إن المرحلة الإنتقالية إنتهت، فقط أذكره بان الدولة وفقاً للدستورتحتاج إلى مجلس نيابى و مجلس شورى و نائب عام جديد و رئيس وزراء وفقاص للنظام البرلمانى ومجالس محلية ومفوضية انتخابات خلال عشر سنوات ومجلس الأمن القومى ومجلس الدفاع الوطنى بكافة تشكيلاتهم والمجلس الإقتصادى الإجتماعى المشكل من 150 عضو والهيئة العليا لشئون الوقف والهيئة العليا لشئون التراث والمجلس الوطنى للتعليم والبحث العلمى والهيئات المستقلة للصحافة والإعلام ثم إنتهاء فترة العزل السياسى، وقتها فقط تستطيع سيادتكم ان تقول ونحن معك ان المرحلة الإنتقالية إنتهت، اقول قولى هذا لألزمك وحزب ومؤيدوك أن تعملوا لاجل هذا بدلاً من ضربكم بفأس فى عرض بحر القضاء. ثم هل يعلم عاصم عبد الماجد صاحب دعوة محاصرة القضاة ببيوتهم ومحاكمهم ان كاتب هذه الكلمات حضر إليه أهله من صعيد مصر محملين ومدججين بالسلاح المرخص لحماية إبن عائلتهم وقبيلتهم من تهديداتك وهم مستعدون . .. إن قضاة مصر ليسوا ملائكة ولا معصومون ولكننا كالصندوق الأسود، نتطهر يومياً على أيدى رجال منا. يا أمة محمد ويا اتباع عيسى ، قضائكم مكلف دستورياً فى المادة 74 بحماية الحريات وسيادة القانون فلا تخافوا ولا تحزنوا. يا سيادة الرئيس إعلم انه ليس بيننا وبينك عداوة او بغضاء، وانا أدعو لك بالسداد وأرفض مطالبات تدويل قضيتنا او الإستعانة بقوة إحتلال، ولكنى أخشى ان يُرشدك صديق لسلوك ذات طريق الحجاج حينما ضرب الكعبة بالمنجنيق وهدم بعض أجزائها ليمسك بعبد الله بن الزبير خليفة مكة والحجاز والعراق والذى قُتل فى عهد عبد الملك بن مروان وكانوا جميعا مسلمين. يا قضاة مصر إن القضاء يحتاج لحوارات ولقاءات مباشرة حول المفاسد و الإصلاحات ولا يجب أن نتمسك بالقديم ولا بالاعراف الظالمة أو موروثنا من اللامساواة، إن المرجعية التى وضعها الأباء لمنظومة العدالة عفى عليها الزمن وقضت عليها الثورة. مؤتمر العدالة الثانى حان أن ينطلق شبابياً ليصحح كافة الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية والقانونية خلال المرحلة الإنتقالية والمستقبلية.