أكد الدكتور نبيل حشاد الخبير المصرفي والاقتصادي بصندوق النقد الدولي أن مصر بحاجة ضرورية حاليًا لنموذج جديد للتنمية يرتكز على العدالة الاجتماعية ويصنع الرخاء من خلال المساواة في الفرص وتحسين الانتاجية وتوفير العمل الكريم وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية ويشمل الحوار المجتمعي بعيد عن الصراعات السياسية. وقال حشاد إن الإصلاحات الداعمة للسوق لاتعني أن تكون الأسواق غير خاضعة للتنظيم بل إن تأثيرها الاجتماعي يجب أن يوضع في الاعتبار عند اتخاذ القرارات بشأن الاصلاحات المزمع تنفيذها. وأشار حشاد إلى أن حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي لايرتبط بالتصنيف الائتماني لمصر الذي تراجع وفقا لوكالة موديز العالمية إلى مستوى “بي تو”. وأوضح حشاد أن انخفاض الجدارة الائتمانية يتم حسابها وفقا لمقدار السيولة من النقد الأجنبي المتوفر بالبلد، وقدرتها على سداد التزاماتها المالية في مواعيدها المحددة. وقال إن قرض صندوق النقد الدولي تحصل عليه البلاد التي تعاني بالفعل من حالات من العجز في ميزان مدفوعاتها وماينعكس على عجز الموازنة ، فالصندوق يمنح الدول التي تمر بالأزمات وليس التي تنعم بالرخاء الاقتصادي ، وضرب مثل على ذلك اليونان التي تتشابه ظروفها الاقتصادية مع مصر وتراجع تصنيفها الائتماني وبرغم هذا لم يمتنع الصندوق عن مساعدتها وإقراضها. وأشار حشاد إلى أنه وفقًا لمؤشرات تحديد المستوى الملائم للاحتياطيات الدولية “مقياس عرض النقود ومقياس الديون الخارجية طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل ومقياس عدد أشهر الواردات (يحدد بنحو 3 شهور) فإن حجم الاحتياطيات الدولية الرسمية في مصر “كاف عند الحد الأدني”. ولفت إلى الديون الخارجية لمصر وصلت إلى 34.5 مليار دولار ، منها 15% قصيرة الأجل و الباقي 85% طويل ومتوسط الأجل ولذلك فإن نسبة كفاية الاحتياطيات الدولية الرسمية عند الحد الأدني وتلبي الحاجة في الأجل القصير، موضحًا أن الاحتياطيات الدولية الرسمية في مصر تلبي حاجة البلاد لمدة شهرين و24 يوما وانتقد حشاد السلوك السياسي للمصريين حاليا وهو الذي ينعكس بالأساس على الأوضاع الاقتصادية وتأزمها، مشيرًا إلى أن هناك أشياء في مصر ماكان لها أن ترتفع لاسيما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير إلا أنها ارتفعت وبشدة ومنها الخلافات السياسية الاهتمام بالبعد السياسي على حساب البعد الاقتصادي، كثرة عدد المتحدثيين الرسميين وغير الرسميين من الأحزاب السياسية ، الإضرابات والاعتصامات وأعمال العنف وتعاظم الأنا عند الأحزاب، وكثرة عدد المليونيات، وازدياد أعداد المفتيين في وسائل الإعلام من غير المتخصصين ، وتفاقم عجز الموازنة الذي شارف 200 مليار جنيه ، واتساع فجوة العجز بميزان المدفوعات. وبالنسبة لسعر صرف الجنيه وتراجع قيمته الحالية، قال حشاد إن حجم الاحتياطيات الدولية الرسمية يؤثر على سعر الصرف لاسيما في ظل نظام سعر الصرف المرن الذي ينتهجه البنك المركزي المصري ، مؤكدًا أن الهبوط الحاد الذي شهده الجنيه مؤخرا أمام الدولار يعود بالأساس إلى تقلص حجم الاحتياطيات الدولية، برغم مساع البنك المركزي عبر ضخ جزء كبير من الاحتياطي للحفاظ على استقرار سعر الصرف. وتوقع حشاد استمرار السوق السوداء للدولار حتى نهاية عام 2013 ، وذلك بسبب العرض الضئيل للعملة الخضراء والطلب المتزايد عليها لتلبية المتطلبات. وأعرب حشاد عن قلقه إزاء استمرار تفاقم الأوضاع السياسية في مصر وأثرها على الأبعاد الاقتصادية والتنموية في البلاد ، لاسيما بعدما أعلن البنك المركزي عن اعتزامه طرح جزء من رصيد الذهب لديه لتوفير العملة الصعبة. وأكد حشاد أن مؤشرات ميزان المدفوعات إذا استمرت على ماهي عليه الآن فأنه بعد 6 ِأشهر سيكون الاقتصاد المصري في حالة يرثى لها. واختتم حديثه بأن مصر تمر حاليًا بمرحلة حرجة للغاية، تحتاج إلى الاعتماد على أكفاء وخبراء متخصصين مشهود لهم بالكفاءة والمصداقية ولديهم ثقل في المحافل الدولية والاقتصادية.