وزير التعليم يكشف تعديلات المناهج في العام الدراسي الجديد    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    "طاقة الشيوخ" يناقش آليات الحكومة لمواجهة التصحر ونقص المياه    الاتصالات تشارك في تنفيذ المشروع الوطني للتطوير المؤسسي الرقمي للجمعيات    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    «مش هاسيب لأولادي كل ثروتي».. تصريحات مثيرة ل سميح ساويرس حول التوريث    افتتاح معرض إعادة التدوير لمؤسسة لمسات للفن التشكيلي بحضور وزيرة البيئة    انطلاق جولة جديدة من المحادثات الروسية الأوكرانية في تركيا    إيران: نحتاج لأن نرى تغييرات في موقف أمريكا بشأن العقوبات    وزير الخارجية: مصر أكثر طرف إقليمي ودولي تضرر من التصعيد العسكري في البحر الأحمر    عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل    ريوس يبرر خسارة وايتكابس الثقيلة أمام كروز أزول    5 من 8.. صلاح أفضل لاعب في ليفربول 2024/25    التفاصيل المالية لصفقة انتقال جارسيا إلى برشلونة    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    الأزهر: امتحانات الشهادة الثانوية تسير في أجواء منضبطة ومريحة للطلاب    فتح باب الاشتراك في الدورة الثانية لمهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدًا    دنيا سامي تدافع عن مصطفى غريب: "كلامي عن هزارنا جاب له الشتيمة"    «واكلين الجو».. 3 أبراج هي الأكثر هيمنة وقوة    دعاء يوم عرفة 2025 مستجاب كما ورد عن النبي.. اغتنم وقت الغفران والعتق من النار    وزير الصحة يشهد احتفال إعلان مصر أول دولة في شرق المتوسط تحقق هدف السيطرة على التهاب الكبد B    زيلينسكي يعرب عن تطلعه إلى "تعاون مثمر" مع الرئيس البولندي المنتخب    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    لو معاك 200 ألف جنيه.. طريقة حساب العائد من شهادة ادخار البنك الأهلي 2025    برواتب تصل ل350 دينارا أردنيا.. فرص عمل جديدة بالأردن للشباب    وزير الصحة يتسلم شهادة الصحة العالمية بالسيطرة على فيروس B    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    خبر في الجول - محمد مصيلحي يتقدم باستقالته من رئاسة الاتحاد قبل نهاية دورة المجلس    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    وزير الثقافة: افتتاح قصر ثقافة الطفل بسوهاج يوليو المقبل    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    بعد 15 سنة محاولة.. حاج مصري يصل إلى مكة المكرمة مع زوجته لأداء مناسك الحج    مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة وضبط 333 كيلو مخدرات| صور    مراجعة الصيانة.. جهاز المنيا الجديدة يصدر بيانا بشأن منظومة مياه الشرب والصرف    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    عيد الأضحى 2025.. ما موقف المضحي إذا لم يعقد النية للتضحية منذ أول ذي الحجة؟    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفا العراقي – حياة جديدة في صربيا

عبر نحو مليون شخص صربيا سعياً للوصول لإحدى دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها ألمانيا. لم يرغب أحدهم في البقاء في صربيا، لكن صفا العراقي الذي وصل بلغراد قبل 10 أعوام لديه قصة مختلفة. مهاجر نيوز التقى صفا واستمع إلى قصته.يقول صفا العبيدي أثناء دخوله الغرفة المخصصة له في مركز استقبال اللاجئين:"الغرفة تغرق في الفوضى". شد انتباهنا صور على الجدران يظهر فيها عمران أصغر سناً بكثير وبجانبه زوجته. صورة لحفل زفاف. لكن الصور على الجدران وبعض الزهور الجافة تكشف عن أن المقيم بالغرفة يستقر بها منذ أمد بعيد، فبرغم كل هذه الفوضى يمكنه أن يمد يده ليخرج ما يريد من متعلقاته. هذا المكان الصغير هو كل ما يملكه صفا من الحياة بعد أن ترك كل شيء خلفه في العراق.
مقر إقامة صفا المنفصل عن مركز الاستقبال الواقع في قرية بانيا كوفيلجاكا غربي بلغراد، أعطى له نتيجة جهود يقوم بها مع اللاجئين لتكون نوعاً من الاعتراف بالجميل لما يفعل الرجل الستيني.
حصل صفا على "حماية ثانوية مؤقتة" في صربيا عام 2008، ما يعني أنه لم يمنح بعد حق اللجوء الكامل، لكن أيضاً لا يمكن إعادته إلى دياره. وهكذا استمر وضع "صفا" مؤقتاً لما يقرب من عقد من الزمان.
يقول صفا:"بغداد دمرت بالكامل، وكان كل شخص في الشارع يحمل مدفع رشاش، وتنتشر المركبات العسكرية في كل مكان". صفا يتحدث عن فترة سقوط نظام صدام حسين والغزو الأمريكي. "كان الكل يقتل كما يحلو له كل يوم."
صفا يحمل درجتين أكاديميتين من جامعة عراقية. وبدا من حديثه أن أوضاعه هناك كانت أفضل بكثير مما هو عليه في صربيا. لكنه كان خائفاً من الموت بشدة، حيث اتخذ قراراه بالفرار عقب مقتل أحد أصدقائه المقربين في بغداد. "غادرت ببساطة. تركت كل شيء خلفي. لم أكن أهتم إن كنت سأستقر في صربيا أو إيطاليا أو ألمانيا أو ليبيا … أردت فقط أن أرى عائلتي آمنة. أن أسبقهم وأرسل إليهم ليلحقوا بي".
لكن ما كان يفكر فيه صفا لم يحدث أبداً لعدة أسباب: الأول البيروقراطية في صربيا، ثم نقص المال، وأخيراً رفض زوجته وابنه للحاق به. قطعا الاتصالات معه ولم يعد يعرف عنهما شياً أكثر من أنهما هاجرا إلى الولايات المتحدة.
يبكي صفا وهو يقول:"هذه غلطتي. لم أستطع مساعدتهم"، يسكت قليلاً محاولاً التقاط أنفاسه، لتخفي دموعه إحساساً هائلاً بالذنب والخذلان. "رأيت ابني مرتين لبضع دقائق في دردشة فيديو، لكنني لم أستطع الحديث … ماذا يمكنني أن أقول؟".
يتابع صفا: حاول كثير من الأصدقاء التوسط لعمل اتصال لكنهم كانوا يرفضون. يبدو أنهم يفكرون أن لدي الآن عائلة أخرى وأطفال. وأنا كما ترى. وحيد منذ عشرة أعوام. يقتلني شوقي إلى ابني وزوجتي كل يوم ألف مرة. أحاول تجاوز الأمر بإغراق نفسي في الأعمال اليومية مع اللاجئين. هذا هو حالي منذ عشرة أعوام".
قبل موجة النزوح الكبرى عام 2015، لم يكن لدى صربيا سوى عدد قليل للغاية من اللاجئين معترف بهم في السجلات، ليس منهم بالطبع مئات الآلاف من الصرب الذين فروا من كرواتيا والبوسنة وكوسوفو خلال الحروب اليوغوسلافية الدموية في التسعينيات.
وقد مر أكثر من مليون مهاجر عبر البلاد على ما يسمى بطريق البلقان في العامين الماضيين. لكن بضع عشرات فقط أرادوا البقاء. وتعاني صربيا من معدلات بطالة مرتفعة ومرتبات منخفضة للغاية. في العام الماضي فقط غادر حوالى 40 ألف صربى البلاد بحثاً عن فرص أفضل فى أماكن أخرى.
على عكس صفا، يرغب مهاجرون آخرون في المغادرة بأسرع وقت ممكن، وغالبا ما يدفعون الكثير من المال للمهربين أو يحاولون عبور الحدود بمفردهم. يقول صفا: "أقول لهم إن عليهم الاستفادة من وقتهم في صربيا لتعلم شيء عن الحياة".
يتحدث صفا إنجليزية ضعيفة نوعاً ما وغالباً ما يختار كلمة صربية عندما ينسى الكلمة الإنجليزية ليعبر عما يريد."أقول للاجئ: إذا كنت تريد أن تذهب، وداعاً، ولكن لا تنسى صربيا. صربيا صغيرة ولكن لديها قلب كبير"، يضيف صفا، وهو يعمل على آلة الخياطة في ورشة صغيرة.
أنشئ مركز طالبي اللجوء في بانيا كوفيلجاكا قبل نصف قرن، ليكون الأول من نوعه حينما كانت دولة يوغوسلافيا الاشتراكية لازالت قائمة. بناء قوي على تلة فوق المدينة، وتحيط به الغابات العتيقة، يستوعب الآن حوالي مائة شخص، ومعظمهم من العائلات.
وفي أواخر السبعينات والثمانينيات، قام المركز بإيواء اللاجئين من الكتلة الشرقية أو حتى التشيليين بعد انقلاب عسكري وقع في بلادهم. الآن معظم المقيمين هم من الأفغان أو الأيزيديين العراقيين. وبالنسبة للكثيرين منهم، تصعد صربيا طريق مسدود لرحلتهم نحو أوروبا الغربية، حيث إن حدود البلدان المجاورة مغلقة وتسيطر عليها بإحكام قوات حرس الحدود.
يقول روبرت ليستماستر، مدير مركز اللجوء، الذي أمضى ثلاثة عقود في عمله: "كل هؤلاء الناس كانوا يبحثون عن حياة أفضل، بعضهم لم يكن سوى مهاجرين أرادوا حياة أفضل قادمين من مناطق منهارة اقتصادياً، وبعضهم هرب حقاً من فظائع الحرب".
يضيف:"يعمل صفا معنا يومياً في المركز". يتابع مبتسماً: "رأى صفا في حياته ما قد يرى عشرات آخرين مجتمعين. قابل الآلاف من المهاجرين وتعامل معهم وساعدهم. لم يبق منهم أحد إلا صفا بشاربه العراقي المميز". ويتابع: "يحصل على أجر لمساعدتنا في الترجمة من العربية إلى الصربية التي يجيدها كما يساعد بطرق أخرى، فهو شخص محبوب للغاية من الجميع خصوصاً الأطفال ويريد مساعدة كل هؤلاء الناس".
"هذه هى الحياة"
تظهر ابتسامة مشرقة على وجه صفا بمجرد أن يتحدث عن الأطفال والشباب الذين مروا عبر المخيم. بعضهم أطلق عليه اسم "الأب". يقول صفا: " أحد الشباب عاش معنا لعدة أشهر، وحينما كان يهم بالمغادرة قال لي: شكراً صفا. أنت فقط لم تعلمني اللغة. بل علمتني الحياة".
على الرغم من أنه يحق له أن يبحث عن وظيفة حقيقية خارج المركز ويعيش أينما أراد بحكم وضعه القانوني، إلا أنه لم يكن يرغب في ترك غرفته الفوضوية في بانيا كوفيلجاكا. "هذه هي عائلتي .. عائلتي هنا"، يتابع باكياً: "في كل يوم أرى هؤلاء الأطفال وهؤلاء الناس أرى ابني، ابن أخي، زوجتي … أرى أهلي، كلهم بحاجة إلى مساعدة، وأنا أساعدهم"
لصفا ثلاثة أشقاء يعيشون في ألمانيا، أحدهم طبيب شهير في فرانكفورت. وفق ما عرف من مقربين فإن زوجته وابنه بخير ويعيشون في سان فرانسيسكو. يقول صفا: "أريدهم أن يأتوا إلي، لكنهم لا يريدون ذلك". بالطيع هو أمر صعب أن يترك أحدهم كاليفورنيا لينتقل إلى مقاطعة صربية صغيرة. "هذه هي الحياة".
هل سيترك المركز؟
يقول صفا:"مضى على وجودي في هذه البلاد عشر سنوات حتى الآن، وإذا ماكانت "ماكا" التي تربيها في المنزل تصبح من أهل البيت بعد عدة أشهر ولا ترغب في المغادرة". ماكا هي كلمة صربية للقطة الصغيرة. "هي تقدر ما فعله معها من اهتم بها وآواها ووفر لها الأمن وبيتاً دافئاً. أنا ماكا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.