نشرت مؤسسة الفكرى العربى للبحوث والدراسات ورقة بحثية بعنوان “خمسة أمور يجب معرفتها لفهم ما جرى في مصر ” ، وقالت المؤسسة عن صباح اليوم التالى للحركة الانقلابية التى قام بها الدكتور مرسى نشرت مجلة لكسبرس الفرنسية أظهرت فيه الرئيس المصري محمد مرسي في موقع القوة بعدما أقال وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي وألغى الصلاحيات الواسعة التي كان يتمتّع بها العسكر في مصر ، فور إعلان خبر الإقالة تجمّع آلاف المصريين في ميدان التحرير في القاهرة؛ فقد أعاد الرئيس مرسي بذلك خلطَ الأوراق السياسية مرةً أخرى في مصر، بعد 18 شهراً من سقوط الرئيس السابق حسني مبارك . وفى سياق ذلك أردات المجلة تحليل الموقف من خلال خمسة أمور اولها حلقة جديدة في مسلسل الدستوري المصري حيث كانت في أول انتخابات تشريعية حرّة في مصر فاز الإخوان المسلمون ب 47% من أصوات الناخبين المصريين ، وفازالسلفيون ب 24%. لكن المحكمة الدستورية العليا حلت المجلس وأعيد التشريع مرة أخرى للمجلس العسكرى . فى نفس الوقت حل المجلس العسكرى الجمعية التأسيسية للدستور الجديد وأعاد تشكيلها من جديد بدعم من الطبقة الليبرالية خوفا من تزايد نفوذ الأسلاميين ، وبعد ذلك صوت المصريين فى انتخابات الرئاسة بدون اعلان واضح لصلاحيات الرئيس ، وبعد إعلان النتائج وتقلد مرسى للحكم أعاد البرلمان وحلته مرة أخرى المحكمة الدستورية العليا وفى نهاية المطاف انتصر مرسى وألغى الإعلان الدستورى وحل المجلس العسكرى . وقالت المجلة أن ثانى الأمور هو عامل التوقيت خاصة بعد النقد الموجَّه إلى الجيش حول كيفية التعامل مع مجزرة سيناء ، جاءت هذه المفاجأة السياسية في وقت كانت تواجه فيه مصر قضية خطيرة في سيناء ، حيث قُتِل 16 جندياً من حرس الحدود بين غزة وإسرائيل ، ومنذ ذلك اليوم اضطلعت مصر بعملية واسعة النطاق لاستعادة الرقابة على منطقة واسعة تخوض فيها حرباً مع “إرهابيين” متهمين بقتل الجنود المصريين . نتائج تلك الاستعادة غير واضحة وغير موثوقة فهي موضع شك بعدما أوضح شهود عيان حقيقة “النجاح” الذي تتباهى به قوى الأمن في المنطقة. وبالتالي فإن المديح الذي كيل لجيش لم يتمكّن من حفظ الأمن في سيناء هو مديح في غير محلّه. واضافت مجلة لكسبرس الفرنسية أن الأمر الثالث أن مرسي يفوز في إطار “الصراع” التاريخي بين الإخوان المسلمين والجيش ، منذ أن تبوّأ محمد مرسي وهو أول مدني، ومن الإخوان المسلمين، يصل إلى الرئاسة في مصر المنصب الرئاسي لم ينفكّ عن ممارسة اللين والشدَّة معاً، في تعامله مع المجلس العسكري، فيعمد إلى التفاهم معه تارةً وإلى التخاصم تارةً أخرى، بغية فرض إرادته عليه. فعندما ألغى الإجراءات التي تمنح الجيش صلاحيات واسعة، وأقالَ قادته الراسخين في مناصبهم منذ عهد الرئيس مبارك، قلّص إلى حدّ كبير حجم سيطرة الجيش تاريخياً على مصر؛ ففي ما يتعدّى السلطة التشريعية، كان جنرالات الجيش يحتفظون بحق الفيتو على كل قانون جديد وكل قرار يتعلق بالموازنة المالية، ويتمتعون بالكلمة الفصل في شأن كتابة الدستور المقبل. إن أدنى ما يمكن أن يُقال في الخطوة التي اتخذها الرئيس المصري هو أنها كسرت جمود الوضع المصري الراهن، وأعادت خلط الأوراق من جديد. فعندما أصدر محمد مرسي “إعلانه الدستوري البديل” يوم الأحد استعاد السلطة التشريعية، وامتلك حق تشكيل لجنة دستورية جديدة تتمثل فيها مكوّنات المجتمع المصري كافّة، إن عجزت اللجنة الدستورية الحالية عن “إتمام مهمّتها وإنجازها”. وأوضحت المجلة أن هناك ما هي التغيُّرات التي حدثت في الجيش المصري نتيجة ذلك؟ ، حيث كان إقصاء بعض قادة الجيش المصري مفاجأة خفف من شدّة وقعها ما قاله مرسي من أنها لم تحصل إلا بعد مشاورات أجراها مع المؤسسة العسكرية؛ فمساء يوم الأحد نفى الرئيس مرسي أن يكون عازماً على “تهميش” هذه المؤسسة، موضحاً ضرورة مدّ الجيش المصري ب”دم جديد طال انتظاره”. ذلك أن الضباط الكبار الذين يتولّون شؤون ذلك، منذ رحيل حسني مبارك ، فشلوا في عملهم العشوائي طيلة الفترة الانتقالية، وفقدوا التأييد الشعبي الذي حصلوا عليه في بداية الثورة المصرية ضد النظام القديم. علاوةً على الدور القمعي الذي قام به الجيش ضد المتظاهرين في ساحة التحرير، يتحمّل الجيش أيضاً في نظر عدد كبير من المراقبين كاملَ المسؤولية عن حالة الفوضى العارمة التي تتخبّط فيها البلاد حالياً، ومسؤولية انعدام الاستقرار الناجم عن ذلك. ولذا، من غير المستبعَد أن يكون بين ضباط الجيش تيار يريد التخلّص من المشير حسين طنطاوي ممثل النظام البائد وفساده، ويسعى إلى إيجاد توازن جديد بين العسكر والسلطة المدنية . وفى نهاية التقرير قالت المجلة أن قرار مرسى لاقى استحساناً واسعاً حيث رأت الصحافة المصرية في إمساك الرئيس مرسي بزمام السلطة “عملاً ثورياً وضع حدّاً لسلطة المجلس العسكري” .