توقع تقرير صندوق النقد الدولي، بشأن مستجدات آفاق الاقتصاد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، استمرار التعافي "المتواضع" في المنطقة عام 2015، وذلك على الرغم من هبوط أسعار النفط واحتدام الصراعات الإقليمية واستمرار حالة عدم اليقين بشأن التحولات التي أعقبت الربيع العربي. وتوقع الصندوق في تقريره، الذي صدر اليوم الثلاثاء، ارتفاع معدل النمو في الدول المستوردة للنفط في المنطقة، زمن بينها مصر ولبنان والمغرب والسودان وتونس إلى 4 بالمائة عام 2015، مقابل 3 بالمائة عام 2014، مع توقع ارتفاع الصادرات بسبب التعافي التدريجي في منطقة اليورو (الشريك التجاري الرئيسي لعدد من دول المنطقة). وأشار التقرير إلى تنفيذ العديد من دول المنطقة إصلاحات هيكلية صعبة، والذي من المتوقع أن تساعد على تقليل العوائق في توفير إمدادات الطاقة ومواصلة دعم الاستثمارات والصادرات ومواجهة ضغوط ارتفاع سعرالصرف الحقيقي. ويُرجح التقرير أن يسهم انخفاض سعر النفط في دعم الثقة، من خلال المساهمة في تخفيف مواطن ضعف المالية العامة والحسابات الخارجية. ويتوقع الصندوق تراجع معدل التضخم بصورة حادة عام 2015 بمقدار 2.5 نقطة مئوية ليصل إلى 7 بالمائة، وهو ما يرجع بدرجة كبيرة إلى انخفاض أسعار الغذاء، بينما توقع استمرار الضغوط التضخمية فى بعض الحالات نتيجة لإلغاء دعم الطاقة وتمويل عجز المالية العامة. كما يرى صندوق النقد أن انخفاض دعم الطاقة بنسبة تصل إلى 0.5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي عام 2015 سيحقق وفورات فى الموازنة فى البلدان التي تواصل تقديم الدعم، كما هو الحال فى مصر وتونس والسودان. وخفض الصندوق توقعات الدين العام في 2015 بنقطتين مئوتين من إجمالى الناتج المحلى مقابل تقديرات اكتوير ليصل إلى 75 بالمائة من إجمالى الناتج المحلى. وقال إن إصلاحات الدعم ساعدت على وقف زيادة العجز فى الميزانية العامة والذى انخفض بمقدار 1.5 نقطة مئوية ليصل إلى أقل من 8 بالمائة من إجمالى الناتج المحلى عام 2014. وساهمت إصلاحات الدعم فى زيادة التحويلات إلى البرامج الاجتماعية لدعم غير القادرين والانفاق على التعليم والرعاية الصحية. واستخدمت مصر جزءا من الوفورات من انخفاض فاتورة دعم الطاقة فى تمويل جزء كبير من فواتير الأجور والانفاق الرأسمالى، مستغلةً المنح المقدمة من دول الخليج.. وقد ساعد ضبط أوضاع المالية العامة إلى جانب انخفاض فواتير الطاقة خلال الربع الأخير من عام 2014 على تضييق عجز الحسابات الجارية وتعزيز الاحتياطيات الوقائية الخارجية. غير أن الصندوق حذر من أن مستوى تغطية الاحتياطيات، ما يكفى حوالى ثلاثة أشهر من الواردات- لايزال متدنيا في أكبر اقتصادات المنطقة، وتوقع الصندوق أن تواصل الحكومات ضبط مراكز المالية العامة فى 2015 مع التركيز على تدبير الإيرادات. كما توقع التقرير تراجع معدلات عجز المالية العامة بمقدار نقطة مئوية أخرى من إجمالى الناتج المحلى ليصل إلى 7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلى هذا العام، وأن تركز سياسات تدابير الإيرادات الضريبية، بما فى ذلك إلغاء الإعفاءات وتحسين الإدارة الضريبية وتبني إصلاح ضريبة الدخل فى حال الأردن وضريبة القيمة المضافة فى حال مصر. ومن ناحية أخرى، توقع التقرير الذى صدر اليوم استمرار النمو المطرد فى الدول المصدرة للنفط بما فى ذلك دول الخليج بمعدل 2.4 بالمائة عام 2015 مصحوبا بمعدل تضخم منخفض وذلك على الرغم من التراجع الحاد فى أسعار النفط. وأرجع التقرير هذا النمو إلى التعافى فى إيران ونمو الأنشطة المتعلقة بالنفط فى المملكة العربية السعودية، ويقول التقرير أنه بينما تواجه هذه الدول خسائر كبيرة في إيراداتها النفطية حيث هبطت أسعار النفط من يوليو 2014 وأبريل 2015 بنسبة 50 بالمائة، فمن المتوقع أن تستخدم الاحتياطيات المالية المتراكمة وموارد التمويل المتاحة للتخفيف من وطأة انخفاض الإيرادات على النمو وإبطاء إنفاقها من المالية العامة بالتدريج حتى تتمكن من إعادة بناء الاحتياطيات الوقائية التى تساهم في التكيف مع تقلب أسعار النفط. غير أن التقرير حذر من أن زيادة معدل النمو الاقتصادى في المنطقة لاتزال أقل مما يسمح بتخفيض معدلات البطالة المرتفعة على مستوى المنطقة وخاصة بين الشباب، مؤكدا أن تحسين آفاق الاقتصاد على نحو قابل للاستمرار واحتوائي، يتوقف على إجراء إصلاحات هيكلية متعددة.