إعداد : أحمد عبد الحميد متحف الموصل هل دمر تنظيم «داعش» بالفعل مقتنيات متحف الموصل بالعراق؟ هل تهاوت آثار حضارة تعود للقرن الثامن قبل الميلاد؟ أم أن نُسخًا مقلدة وضعت بعناية فى المتحف من أمد طويل خوفًا عليها من يوم كارثى كهذا اليوم؟ فوجئ العالم بتسجيل فيديو نشره ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية، يظهر فيه متحدثًا منهم يقف أمام مجسم أثري كبير فيما يفترض أنه متحف نينوى .. وأشار بيده إلى المجسم قائلاً "إن هذه أصنام وأوثان لأقوام في القرون السابقة كانت تُعبد من دون الله". وأضاف بأن "ما يسمى بالآشوريين والأكّاديين وغيرهم كانوا يتخذون آلهة يشركون بها بالله ويتقربون إليها بشتى القرابين"، ثم شرعوا بتدمير كافة مقتنيات المتحف بالمطارق، فيما تتردد فى الخلفية آيات من القرآن الكريم تروى قصة الخليل إبراهيم مع الأصنام وكيف أنه حطمها، وهو أسلوب يتبعه التنظيم فى استخدام آيات القرآن والأحاديث النبوية لتبرير ما يفعلونه دومًا. نُسخ مُقلدة باحترافية ملاحظة غريبة يجدها متابع تسجيل الفيديو ذو العين المدربة، وهى أن كافة الآثار بيضاء اللون من الداخل، بينما تغلب ألوان أخرى من الخارج على التماثيل، وهو أمر لا نجده فى مقتيات المتحف المصرى بالقاهرة، حيث تتكون آثاره من العديد والعديد من مواد البناء مثل الصخور بأنواعها النارية والرسوبية والمتحولة، وهى ذات ألوان رمادية و بنية وصفراء وسوداء بدرجاتها ، بالإضافة إلى مواد الخشب والعظام والعاج، أما الآثار التى ظهرت فى الفيديو فنجد «لبها» و«قلبها» أبيض تماما يتشابه مع لون الحجر الجيرى المُتاح تجاريًا !! وكأنها نسخ مقلدة باحترافية وضعت فى المتحف بلا اكتراث أو خوف عليها. متحف الموصل والغزو الأمريكى للعراق نشرت صحيفة الجارديان البريطانية، فى إبريل 2003، تقريرًا مطولًا تحدثت فيه عن ذهاب موظفي «متحف الموصل» إلى عملهم فى صباح أحد الأيام ليجدوا أن محتوياته لا وجود لها، فقد تم نهبه أثناء الليل، وكان اللصوص يعلمون جيدًا ماهية مقتيات المتحف، لذلك لم يستغرقوا أكثر من 10 دقائق استولوا فيها على تماثيل تقدر بملايين الدولارات، يأتى على رأسها تمثال لملك بارثينى عمره 2000 عام اختفى من واجهة عرضه الزجاجية، ووجد العاملون عشرات التماثيل المحطمة لطيور وآلهة أسطورية. الآثار الحقيقية تم تهريبها لتركياوقطر يقول «مجتبى حسن»، طالب عراقى بجامعة كربلاء : "إن عناصر تنظيم داعش حطموا مراقد وقبور أنبياء الله، كما حطموا العديد من المساجد والحسينيات، فقد فجروا مرقداً دينياً شمال الموصل، فيما قاموا بهدم مسجد وسط المدينة، مشيراً إلى أن التنظيم أمر أئمة مساجد الموصل والقائمين عليها بإزالة المنحوتات والعبارات التي تحتوي على اسم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)". وأضاف «مجتبى» لوكالة ONA ، «الدواعش» لا يعرفون شئ عن الحياة الدنيا أو الدين الإسلامى..لا يعلمون غير القتل وسفك الدماء والهدم، وبالتأكيد فإن آثار الموصل قد تم تهريبها إلى خارج العراق، وهناك دلائل قوية على تهريبها إلى تركيا أو قطر أو غيرهما من البلاد المجاورة. تدمير بوابة نركال التاريخية من جانب آخر أفاد مصدر محلي في محافظة نينوى العراقية، بأن مسلحي "داعش" قاموا بهدم أجزاء كبيرة من بوابة نركال التأريخية شرق الموصل، وآثار وصروح تأريخية في ناحية النمرود جنوبالمدينة، كما فخخوا ما تبقى من بوابة نركال تمهيداً لتفجيرها". المكتبات لم تسلم من التدمير وقال أستاذ للتاريخ فى جامعة الموصل ، إن المتطرفين بدأوا الهجوم على مجموعات من الكتب فى مكتبات عامة خلال الشهر الماضى، مشيرًا إلى وقوع دمار كبير لأرشيف المكتبة الإسلامية ، ومكتبة الكنيسة اللاتينية ودير الآباء الدومنيكان، بالإضافة إلى مكتبة متحف الموصل التى تحتوى على أعمال يعود تاريخها إلى 5 آلاف عام قبل الميلاد. النسخة المقلدة قد تتشابه مع الأثر الأصلى بنسبة 90% من جانبها قالت «ريم مختار» مهندسة تصميمات بهيئة الآثار المصرية، إن التقليد وارد جدا وغير مُستبعد، مضيفة أن بعض النسخ المقلدة من الآثار قد تصل إلى نسبة 90% من شكل الأثر الأصلى، ومن الصعب معرفتها إلا من خلال لجان متخصصة تقوم بفحصها بواسطة أجهزة. وأضافت مهندسة التصميمات لوكالة ONA ، إن مواد الخشب، والحجر الجيرى، والبوليستر من أكثر الخامات توافرًا فيما يختص بتقليد الآثار الحقيقية، وليست هناك مشكلة فى عمل أى نسخة بأى حجم سواء كبيرة أم صغيرة، كم يمكن التحكم فى كثافة التمثال ومدى تحمله للعوامل الجوية وعوامل الزمن، ويُنظر لعملية الصميم والتنفيذ اقتصاديًا من حيث تكاليف الإنتاج. لا أحد يعلم مصير الآثار الحقيقى من هنا يتبين لنا أن فكرة نجاة مقتنيات متحف الموصل مطروحة على الساحة، وإن كان مجهول مكانها الحقيقى، إلا أنها ليست هى التى ظهرت فى التسجيل الداعشى المفزع، ونتحدث هنا فى هذه التقرير الصحفى عن الآثار داخل المتحف وليس البوابات العملاقة ولا التماثيل الضخمة، فهى حقيقية بالطبع ومن الصعب نقلها أو تقليدها، ولا أحد يدرى إن كانت آثار نينوى نُقلت لأحد مخازن الآثار التابعة للحكومة العراقية، أم سرقت وبيعت خارج بلاد الرافدين، ولا ننكر نجاح التنظيم الإرهابى فى تدمير الآثار العراقية سواء الحديثة منها أو الضاربة فى أعماق التاريخ.