معسكر بوكا كتب – كريم مجدي: في عام 2009، تم إطلاق سراح مئات الجهاديين، من أحد أشهر السجون العراقية بعد غلقه نهائياً، سجن مترامي الأطراف، استعاب في الفترة السابقة، أشرس الجهاديين والمقاتلين العراقين، إنه معسكر بوكا، الواقع على مقربة من الحدود الكويتية. اكتسب معسكر بوكا الصدارة بعد فضيحة سجن أبو غريب التي كشفت عن إساءة معاملة المعتقلين العراقيين في عام 2004. ومنذ ذلك الحين، حاولت الولاياتالمتحدة التخلص من وصمة أبو غريب من خلال تقديم التعليم والتدريب والزيارات العائلية للمحتجزين في معسكر بوكا ومعسكر كروبر. ولكن يبدو أن هذا كان يمهد لكارثة مع مرور الوقت، ولم تكن الحكومة العراقية مقدرة لحجم الكارثة القابعة في معسكر بوكا، فالمعتقلون في هذا السجن، لم يكونوا يقضون وقتهم في زراعة الورود والحدائق، إنما كانوا يتحينون اللحظة التي يخرجوا فيه لاستئناف القتال. يقول سعد محمود عباس، شرطي عراقي، عن معسكر بوكا الذي احتوى حوالي 100 ألف معتقل، أن معسكر بوكا يمثل فصلا مهما في تاريخ داعش، فالكثير من قادتها كانوا داخل معسكر بوكا، من ضمنهم أبو بكر البغدادي، وطبقاً لبعض المحللين السياسيين ومسؤولي السجن، فإن معسكر بوكا كان يمثل بيئة خصبة ومناسبة للمتطرفين ولخلق تعاون بينهم. وبعيداً عن البغدادي الذي قد أمضى هناك خمس سنين، فإن عدد قادة داعش الآخرين الذين اعتقلوا في سجن بوكا، يقدرون بحوالي 9 قيادات، منهم حجي بكر، وأبو قاسم وأبو مسلم التركماني، الرجل الثاني في التنظيم. ويقول الخبراء، أن فترة السجن التي قضوها في بوكا، أعطت لهم الفرصة لتوسيع شبكات علاقاتهم ولاستدراج الكثير من الأتباع من داخل السجن. ويضيف خبراء لجريدة الاندبندنت، أن أحد أهم أسباب ارتفاع نسبة التطرف في سجن بوكا، هو الظلم، فسواء كنت تنوي أن تهاجم جنودا أمريكيين أم لا، فإنه يكفي أن تكون ذكرا بالغا كنت موجودا أثناء معركة أو حادث ما في العراق، حتى يتم اعتقالك، حتى وإن لم تكن طرفا فيها ". الحياة داخل بوكا كان سجن بوكا عام 2007، يضم بداخله حوالي 24 ألف معتقل، وبسبب كثرة النزاعات بين السجناء، فقد تم تقسيمهم على أسس طائفية، سنة وشيعة وقسم آخر لمن كان يتعرض للتهديد من قبل الأخيرين، بهدف التخفيف من التوتر والمشاحنات بين السجناء أنذاك، وذكر تقرير عسكري، أن السجناء كانوا يسوون نزاعاتهم داخل السجن طبقاً للشريعة الإسلامية، بل وصل الأمر إلى أن يقوم بعض السجناء بقتل سجناء آخرين إذا ارتأوا أنه صدر منهم فعل يخالف الشريعة الإسلامية، بل وكان يعاقب كل من كان يظهر منه ميل نحو الثقافة الغربية. كانت الظروف في بوكا فريدة في نوعها، حيث أنها مثلت بيئة مناسبة لإنشاء تعاون بين البعثيين العلمانين السابقين وبين الإسلاميين المتطرفين، وتقول الاندبندنت أن المجموعتين وجدتا ما كان ينقصهما عند الآخر، ففي البعث، وجد الإسلامين مهارات التنظيم والالتزام العسكري، وفي الإسلاميين، وجد البعثيون مأربهم أيضاً. التهديد قديم ونشرت الجارديان في عام 2009، تقريراً استشرف مستقبل الجماعات والحركات الإسلامية في سجن بوكا بعد الإفراج عنها، حيث قال محللون أن المنشأة في الحقيقة أصبحت معهدا للتدرب على الإرهاب، يديره متطرفون إسلاميون يتبنون تفسيرات متشددة للشريعة الإسلامية. وذكر التقرير على لسان الشيخ علي حاتم سليمان، زعيم قبلي في محافظة الأنبار، أن قلب تنظيم القاعدة يقبع في هذا السجن، ويتساءل سليمان، هل هناك طريقة أفضل لنشر التطرف والإرهاب أكثر فاعلية من أن تجمع جميع المتعصبن وتضعهم جميعاً في مكان واحد مثل ما حدث في معسكر بوكا ؟!"