عمرو خفاجي يدور جدل عنيف هذه الأيام بين شباب الحركات الثورية حول التشكيك فى ثورة يناير وفصيل من ثوارها، ومن يقف وراء هذه الحملات، وما الهدف من ورائها، ومعهم كل الحق فى الغضب مما يحدث، فهو ملىء بتجاوزات على جميع الأصعدة، ومؤذٍ لكل من آمن بثورة يناير، ويطرح العديد من التسؤلات الضرورية والملحة، وفى مقدمتها، هل نحن حقا نعيش معركة بين ثورة وثورة مضادة، أم نعيش صراعا بين أجيال متباينة فى كل شيء، ورغم أهمية هذه الاسئلة وضرورتها، إلا ان الشجاعة تقتضى أن نطرح على أنفسنا حقيقة انحياز جميع القوى الموجودة على الساحة لمطالب وأهداف ثورة يناير، قبل ان نبحث عن أسباب التشكيك فى ثوار يناير ، فالهدف من الثورة لم يكن ابدا التمجيد فى الثوار، بل فى تحقيق مطالب الثوار، وأعتقد ان هذا ما ينبغى ان يطالب به الثوار مجددا وحمايته من أى تشكيك بعيدا عن الدوافع الشخصية فى معارك لم يلتفت اليها الشعب ولن يلتفت، بسبب ان احدا من هؤلاء لم يلتفت الى مطالبه ايضا وهى أصل الثورة وأساسها. يغيب عن ذهن الكثير من الحركات الثورية، وأيضا عن غالبية المراقبين للشأن العام، أن الشعب ذاته هو صاحب الثورة وانه كان مشاركا بها، بل كان فى مقدمة أسباب نجاحها، ولا يمكن فهم ثورة من دون مشاركة شعبية، لذا تكون مطالبهم واجبة التنفيذ، أو على الأقل واجبة الشروع فى تنفيذها، وهى أمور لم تحدث على أى صعيد من الأصعدة، ولم نلمح من يتحرك من أجلها، ولا أبالغ اذ قلت ان الجميع انشغل بقضايا جانبية، وأعطاها الأولوية، وربما ما يزعج بعض المخلصين من الشباب انهم يدركون جيدا، ان عموم المواطنين لمش تحصد شيئا إيجابيا من هذه الثورة حتى الآن، ربما مع نهاية هذا الشهر يكون الحد الأدنى للأجور فى جيوب بعض المواطنين، لكنه ايضا حد ادنى لمطالب ثورة كبرى. احترام من شارك فى الثورة بالتأكيد ضرورة وتمجيد شهدائها واجب وطنى لا يمكن التملص منه، لكن تمجيد الشهداء لا يأتى فقط بالأنواط والنياشين وتقدير المجتمع، وأتجاوز ذلك وأقول ولا حتى بالقصاص من قتلتهم يعنى وفاء الدين لهم، وإنما هناك طريق واحد لتمجيد الشهداء هو تحقيق ما طالبوا به وذهبتهم أرواحهم فداء له، وتحديدا ذلك ما يهرب منه الجميع لأن مواجهته مؤلمة وتعنى فشل ما كنا نصبو إليه. والذكرى الثالثة للثورة تقترب، علينا مواجهة حقائق ما عجزنا عن تحقيقه، من أجل الاتفاق على جدول زمنى لتحقيقه وكيفية ذلك، وإطلاع الرأى العام عليه، ومازال لدينا الوقت لطرح جميع الآراء والأفكار، لأن الذى أصبح منوطا به تنفيذ مطالب ثورة يناير هو البرلمان القادم والرئيس القادم، وعليهما ستكون جل المسئولية، وعلى الشعب مسئولية حسن الاختيار والرضا بهذا الاختيار وهى مسئولية لو تعلمون عظيمة، وهى بتجريد شديد سنوليهم مسئولية مستقبلنا وهو بالأمر الخطير، وأعتقد ان مصر لن تتحمل المزيد من التغيير فى انظمة الحكم، لأن المراحل الانتقالية، حتى لو نجحت يكون نجاحها فى حدود تسيير الأعمال، أما البناء والتحديث فهما مهمة الانظمة المنتخبة المستقرة، وهذا هو التحدى القادم أمام الجميع.