د.أيمن سلامة أستاذ القانون الدولى العام وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية أعلن السيد عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور ، عن صياغة المشروع النهائي للدستور ، وذلك خلال الجلسة المغلقة للصياغة ، والتصويت ، والتي استمرت لمدة 12 ساعة كاملة، مشيرًا إلى أنه يتبقى فقط بعض التعديلات في الديباجة ، إضافة إلى بعض المواد الانتقالية من المقرر أن تنتهي اليوم الثلاثاء. ديباجة الدستور تُعد بمثابة مدخل له ، و تتضمن الديباجة عددا من المبادئ ، أو الأسس ، أو الأهداف ، أو علل بعض الأحكام ، أو التوجهات الدستورية ، بل أن الديباجة تمثل بمجموعها ايجازا لأغلب منطلقات الدستور ، و مرتكزاته ، و هي بهذا الوصف قد تمثل وسيلة من وسائل تبيان النصوص الدستورية ، و ايضاح معانيها و في ذات الوقت تتضمن ديباجة الدساتير ما يشد الأمة ، و المجتمع إلي تاريخهما ، و بصفة مبدئية فان ديباجات معظم دساتير العالم لا تشكل قواعد معيارية ، بقدر ما تعكس افصاحات عن النية ، أو خطابات تعبوية حضارية تعكس ثقافة المجتمع و تحفظ حضارته في قالب دستوري يرتضية الشعب. وإذا كانت ديباجة الدساتير تمهد لمتونها ، فمن الطبيعي أن تكون سائر نصوص الوثيقة الدستورية امتدادا منطقيا يتسق مع ما ورد في الديباجة ، تتممها ، و تمتنها ،و تؤكدها ، و لا تخرج عن الغايات المستقاة و المستلهمة لما أتت به الديباجة . لقد اختلفت مدارس الفقه الدستوري في تحديد ماهية القيمة القانونية لديباجة الدستور و مدي الزامية نصوص الديباجة مقارنة بمتن الوثيقة الدستورية ذاتها ، و هل يمكن فصل الديباجة عن متن الوثيقة ، واعتبارها بالتالي مجرد نصوص تكميلية ليس إلا ، أم أنها وحدة عضوية من ذات المنتج الدستوري تنتج ذات الأثار و الالتزامات الدستورية التي يحوزها المتن الدستوري المشار إليه ، ان المدرسة التقليدية القديمة في الفقه الدستوري كانت تنظر الي ديباجة الدساتير باعتبارها نصوص تكميلية من أجل تضمين المنظومة الحقوقية ما فاتها من مكتسبات اجتماعية ، و ثقافية ، و غيرها في لحظة تاريخية معينة . و من هنا فقد سعت الجمعية التأسيسية في فرنسا – علي سبيل المثال – و في عام 1946 إلي تضمين ما سمته : المبادئ الضرورية للعصر في مقدمة دستور عام 1946، فقد حرصت هذه الوثيقة علي تعزيز مبدأ المساواة ، و اأكدت حقوق العمال ، و ألزمت الدولة بتوفير ضمانات تحقيق هذه الحقوق . جدير بالذكر أن المجلس الدستوري الفرنسي كان قد قضي في عام 1981 بأن ديباجة دستور عام 1946 ليس سوي أحكام تكميلية، وأن نصوص الدساتير و الاعلانات التي سبقت هذه الديباجة هي في حد ذاتها أولي علي الديباجة. و يسير الفقه الدستوري العربي علي نهج مغاير للتقليد الفرنسي القديم ، حيث يميل إلى تأييد الاتجاه الذي يرى أن لديباجة الدساتير قوة قانونية ملزمة تعادل قوة النصوص الدستورية الأخرى التي تتضمنها ، ومما يؤكد هذا الرأي اعتبار المجلس الدستوري الفرنسي في قراره عام 1971 أن الديباجة جزء لا يتجزأ من الدستور ، حيث قرر أن : " المقدمة أصبحت جزءا لا يتجزأ من الدستور ، و تشكل وحدة دستورية نصية