يبدو أن قدر الدولة المصرية أن تظل تواجه الحملات المسعورة التى تستهدفها خلال فترات نهضتها، فما بين حملات استهداف عسكرية فى الماضى وبين حملات استهداف إعلامية واقتصادية وأمنية فى الحاضر، تظل مصر على خط المواجهة دائمًا. تتعدد الوسائل والسُّبل، وتظل مصر عصيةّ على قوى الشر فى كل العصور والأزمان، ويظل جندها فى رباط إلى يوم الدين، كما قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويظل شعبها الأبى الحامى لوطنه والمدافع عنه حجر العثرة أمام أى محاولة للنيل من أمن واستقرار الدولة المصرية. نعم نواجه العديد من الأزمات لكن لا يغيب عن عقل المواطن المصرى لحظة واحدة إيمانه بوطنه والحفاظ عليه لتظل مصر شامخة قوية فى مواجهة أى تحالف من قوى الشر يستهدفها. خلال العقد الثانى من القرن الحالى تعرضت مصر للعديد من الحملات المسعورة ولا تزال حتى الآن تواجه تلك الحملات، منها ما حدث الأسبوع الماضى عندما انطلقت حملة قادتها «الواشنطن بوست» الأمريكية استكمالاً لسلسلة الحملات التى تدفع بها الصحيفة لترويج معلومات غير دقيقة تستهدف الدولة المصرية. (1) ليست تلك الصحيفة فقط هى من تمنح صفحاتها لمعلومات مضللة تستهدف الدولة المصرية فى أحيانٍ كثيرة، فهناك صحف ومواقع ووسائل إعلام أخرى تكون بمثابة منصات استهداف لترويج الأكاذيب والتضليل ضد مصر مثل (الجارديان البريطانية، وول ستريت جورنال الأمريكية، ال BBC البريطانية) وغيرها من المواقع والمنصات التى تصل إليها أموال قوى الشر من ناحية أو تحرك ملفاتها أجهزة استخبارات من ناحية أخرى. فقد سبق تقرير الواشنطن بوست المكذوب الأخير تقارير عدة حاولت فيها تقديم الجماعة الإرهابية على أنها فصيل سياسى معتدل، متجاهلة تمامًا دور تنظيم الإخوان الإرهابى فى زعزعة أمن واستقرار المنطقة ودوره فى العمليات الإرهابية على مدى سنوات. كما قامت فى نفس الأسبوع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية بنشر مقال استهدف تحليل زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمملكة العربية السعودية والتى استمرت لمدة ثلاث ساعات، ليمتلئ المقال بالأكاذيب والتكهنات والمعلومات غير المدققة والتى لا تعرف لها مصدرًا. فقد حرص كاتبا التقرير فى صحيفة «وول ستريت جورنال» (Wall Street Journal) على أن يتصدر التقرير الذى بلغ 900 كلمة، أن ما جاء به من معلومات، جاء على لسان مسئولين مصريين وخليجيين وهو ما ينافى الحقيقة؛ فلم يصرح كاتبا المقال من هم هؤلاء المسئولون الذين تحدثوا لهم بالمعلومات، فى الوقت الذى جاء فى نص التقرير أن مراسلى الصحيفة لم يتلقوا أى رد أو تعليق من جانب مصر أو السعودية أو الإمارات، وهو ما يكشف حجم التناقض الذى حمله التقرير والذى جاءت مقدمته منافية تمامًا للحقيقة محاولة ضرب العلاقات القوية التى تربط مصر بالأشقاء، بل وبحسب التقرير فقد استند مراسلا الصحيفة إلى حديث الناس قائلاً: «يقول الناس إن دول الخليج تتفق أيضًا مع صندوق النقد الدولى على أن مصر بحاجة إلى كبح جماح الإنفاق المالى وتقليص دور جيشها فى الاقتصاد». وهذا المقطع من التقرير يكشف الهدف الأساسى لصانعي المحتوى والذى تناقلته العديد من المنصات المدعومة من قوى الشر، لتعنون التقرير بأن هناك ضغوطًا خليجية على مصر لخفض قيمة عملتها وهو ما ينافى الحقيقة تمامًا. فمصر تربطها بدول الخليج العربى علاقة قوية واستراتيجية لا تسمح أبدًا بالنيل منها، أو المساس بها، فإذا كانت دول الخليج تعتبر مصر هى عمود الخيمة للمنطقة، فمصر تعتبر أمن واستقرار الخليج العربى خطًا أحمر. وهذه العلاقة القوية الممتدة عبر الأزمان الضاربة فى أعماق التاريخ التى تربط قادة الدول، وتتضح جلية فى حفاوة الاستقبال وتوافق وتطابق الرؤى فى العديد من القضايا والعمل المشترك المتواصل وحجم التعاون المشترك الذى يتنامى بشكل كبير عامًا بعد آخر مما يؤرق قوى الشر، وهو ما يجعل محاولات النيل من تلك العلاقة لا تتوقف لحظة واحدة. لكن تلك المحاولات دائمًا تتحطم على صخرة العلاقات القوية بين مصر وأشقائها العرب. لقد حرص كاتبا التقرير (Summer Said و Chao Deng) على ترسيخ معلومات غير دقيقة كشفت انتماء كاتبى المقال، فقد اعتبرا أن وصول الرئيس السيسي إلى الحكم هو استيلاء على السلطة؛ وهو ما يعد تدليسًا وكذبًا، بل هى إحدى عمليات تعليب العقول التى ترسخها قوى الشر ضد مصر، فتجاهل الكاتبان أن الرئيس تولى المسئولية عقب انتخابات رئاسية فى 2014 و2018 شهدت لها المنظمات الدولية وتابعتها العديد من المنظمات ووسائل الإعلام المحلية والدولية. لقد حرصت الصحيفة دائمًا على نشر الأكاذيب إما لمحاولة الوقيعة بين مصر والأشقاء أو الأصدقاء الدوليين، أو فى تقارير أخرى لإثارة حالة من الغضب فى الشارع وهو ما لم تفلح فيه. ففى نوفمبر 2022 نشرت تقريرًا عقب إعلان مصر إمداد أوروبا بالطاقة حاولت فيه ترويج الكذب على أن مصر توفر استهلاكها من الغاز محليًا لتوفير الغاز لأوروبا، وهو ما قد يجعلها تواجه عجزًا فى إنتاج الكهرباء وهو ما لم يحدث، بل إن مصر يرتفع حجم إنتاجها من الكهرباء يومًا بعد آخر. (2) لم يكن تقرير «وول ستريت جورنال» هو الأول فقد سبقتها تقارير أخرى دفاعًا عن تنظيم الإخوان الإرهابى باسم الحريات وحقوق الإنسان، وتناست الصحيفة فى تلك التقارير أن تتحدث عن ضحايا الإرهاب الذى استهدف الأبرياء كما تناست أسر الشهداء من ضحايا الإرهاب. ومن «وول ستريت جورنال» إلى «واشنطن بوست» التى أطلقت تقريرًا لها على إثر ما عُرف باسم التسريبات السرية لوثائق البنتاجون، والتى ظهرت فجأة على إحدى منصات التواصل «ديسكورد للألعاب» (Discord ) وهو أحد تطبيقات الدردشة والرسائل والفيديوهات. وزعم التقرير الذى كتبه «ايفن هيل» فى 800 كلمة والمؤرخ فى 17 فبراير الماضى كذبًا أن مصر تقوم بدعم روسيا فى حربها الحالية ضد أوكرانيا ب 40 ألف صاروخ. فى محاولة لإحداث حالة توتر فى العلاقات بين مصر والدول الصديقة لها، رغم أن السفير أحمد حافظ، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أكد للصحيفة أن موقف القاهرة تجاه الحرب الروسية الأوكرانية ثابت منذ اليوم وقائم على عدم التدخل. كما أنه منذ البداية فإن موقف مصر من تلك الأزمة يقوم على عدم التدخل والالتزام بالمحافظة على مسافة متساوية مع الطرفين، مع التأكيد على دعم مصر لميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولى فى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتابع أبو زيد: «نواصل حث الطرفين على وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حل سياسى من خلال المفاوضات». إلا أن الصحيفة واصلت الحديث عن الوثيقة العبثية. ولم يكن استهداف الصحيفة لمصر أيضًا هو الأول فقد نشرت تقارير مستهدفة للدولة المصرية مدفوعة من قوى الشر وداعمة للتنظيم الإرهابى خلال الفترة من 2013 عقب ثورة يونيو وحتى 2017. بل كان التنظيم الإرهابى (الإخوان) يعتبر «واشنطن بوست» هى الصحيفة الأولى له فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. (3) لقد استهدفت الحملات الإعلامية المسعورة ضد مصر ضرب جدار الثقة بين مصر وحلفائها الدوليين، كما تحاول ضرب الثقة بينها وبين الأشقاء العرب فى الوقت الذى تحافظ مصر على علاقتها القوية بالأشقاء والأصدقاء والحلفاء الدوليين والتى تُبنى على سياسة الاحترام المتبادل والعمل على تحقيق الاستقرار والتنمية وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول. هذه القاعدة التى ترتكز عليها الدبلوماسية المصرية، فالدولة المصرية تعمل بشرفٍ فى وقت عز فيه الشرف، فهى لا تتآمر وترفض التدخل فى الشئون الداخلية للدول، وترى أن الحلول السياسية للأزمات هى الطريق الأفضل من أجل مصلحة الشعوب، لكن تظل قوى الشر تواصل دعمها لحملات ترويج الكذب والعبث الإعلامى بهدف التأثير على علاقات مصر بمحيطها العربى والإقليمى والدولي، لكن كل تلك المحاولات لن يكون لها مكان سوى الفشل. إن محاولات دق إسفين فى العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة وأوروبا، والتى صنعتها ما تسمى بالوثائق المسربة ليست سوى محاولة عبثية لا مكان لها على أرض الواقع، فمصر تربطها بأوروبا علاقات قوية كما تربطها علاقات قوية بالولاياتالمتحدةوروسيا والصين وكل القوى الدولية لأنها تعمل وفق سياسة متوازنة. وستظل تلك الحملات الموجهة ضد مصر تزداد سُعارًا كلما واصلت مصر تحركها فى الاتجاه الصحيح، إنها محاولات لصناعة أزمة لإيقاف نهضة الدولة المصرية أو عرقلتها، لكن تظل مصر بشعبها الواعى وقيادتها الحكيمة وعلاقتها القوية الثابتة صخرة قوية تتحطم عليها كل مخططات قوى الشر. مصر والإمارات تظل العلاقات المصرية الإماراتية راسخة قوية، فزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، للقاهرة نهاية الأسبوع الماضى تأتى فى إطار العلاقات القوية بين البلدين الشقيقين، وما يربطهما من أواصر تاريخية وثيقة، كما تؤكد حرص الدولتين على التنسيق الحثيث تجاه التطورات الإقليمية المختلفة، فى ضوء ما يمثله التعاون والتنسيق المصرى الإماراتى من دعامة أساسية، لترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية فى المنطقة.