يعد البنك الإسلامي للتنمية احد أهم بنوك التنمية متعددة الأطراف التي تلعب دورا تنمويا ملموسًا في البلدان الأعضاء البالغ عددها 57 دولة، تمثل في مجملها رقما مهما في معادلة للاقتصاد العالمي، وأن عضوية مصر في هذه المؤسسة التنموية المهمة تحقق إضافة كبيرة للاقتصاد الوطني بما يتيحه البنك من تيسيرات تمويلية تدعم خطة الدولة في تحقيق التنمية المستدامة. كتب : رمضان أبو إسماعيل ويأتى قرار البنك الإسلامى بتدشين المكتب الإقليمى للبنك الإسلامى للتنمية فى القاهرة بمثابة دفعة قوية للتعاون بين الدولة المصرية وهذه المؤسسة التنموية التى تمتلك خيارات عديدة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية بما توفره من حزم تمويلية منخفضة التكلفة وطويلة الأجل، بما يسهم فى سد الفجوة التمويلية التى تعانى منها الحكومة المصرية فى ظل تداعى الاقتصاد العالمي، جراء جائحة كورونا وما استتبعها من تراجع فى معدلات نمو الاقتصاد العالمى الذى أضيف إلى أعبائه عبء جديد يتمثل فى تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، التى تركت آثارا سلبية على أداء التجارة العالمية وحركة الاستثمارات العالمية. كشف د. محمد سليمان الجاسر، رئيس مجلس محافظى البنك الإسلامى للتنمية، أن مجلس محافظى البنك يتقدم بأسمى آيات الشكر للدولة المصرية على استضافة اجتماعات البنك الإسلامى للتنمية، التى انعقدت فى مدينة شرم الشيخ فى الفترة من 1 حتى 4 يونيو الجارى برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، مشيدًا بجودة التنظيم، وما توفره مصر من تسهيلات للمشاركين. توسيع التعاون وقال رئيس مجموعة البنك الإسلامى للتنمية، على هامش اجتماعات البنك فى شرم الشيخ، إن مجموعة البنك حريصة على توسيع التعاون مع مصر فى كافة المجالات، موضحًا أن افتتاح المكتب الإقليمى للبنك فى القاهرة، الذى تم تدشينه على هامش فعاليات اجتماعات البنك الأخيرة، يعكس حرص البنك على تعميق التعاون مع مصر، وأن تكون مركزًا لأنشطة البنك فى محيطها الإقليمي. وأضاف أن إنشاء مقر إقليمى لمجموعة البنك فى مصر يأتى انطلاقاً من حرص مجموعة البنك على تعزيز التعاون والتنسيق مع شركاء التنمية، بالإضافة إلى إقامة شراكات قوية مع مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى لحشد الموارد اللازمة لدعم جهود التنمية فى مصر والدول العربية التى تقع ضمن مسؤولية المركز الإقليمي، والتى تشمل إضافة إلى مصر، كلاً من السودان، الأردن، لبنان، سوريا، العراق، فلسطين. وأوضح د. الجاسر أن اختيار القاهرة كمقر لهذا المركز يرجع إلى أن مصر تعد واحدة من أكبر الدول المساهمة فى رأسمال البنك الإسلامى للتنمية. وأنها من أكبر الدول استفادةً من تمويلات مجموعة البنك فى مجالات التنمية المختلفة، وخصوصاً فى مجالات الطاقة، وتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصحة والتعليم، والتجارة ودعم القطاع الخاص. 7 بلدان أعضاء ولفت الجاسر إلى أن مسئولية المركز الإقليمى الجديد تمتد ولايته إلى دول الجوار الأعضاء فى البنك وهي: بالإضافة إلى مصر، كل من السودان، والأردن، ولبنان، وسوريا، والعراق، وفلسطين، مشيرا إلى أن نمط التنمية فى المجموعة، يرتكز على إيجاد حلول لأهم تحديات التنمية فى العالم، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وتعزيز التنمية القائمة على هياكل تمويل أخلاقية مستدامة مطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية على المدى الطويل. وأوضح رئيس مجلس محافظى البنك أن مجموعة البنك الإسلامى للتنمية تعمل أيضا على تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء البالغ عددها 57 دولة، بهدف تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لكافة أفراد المجتمع، لافتا إلى أن المجموعة تسعى إلى بناء شراكات بين كل من الحكومات والقطاع الخاص وذلك من أجل إضافة قيمة ملموسة إلى اقتصادات ومجتمعات الدول النامية، وهو ما يتحقق من خلال 3 محاور رئيسية هى محاربة الفقر، وتحقيق النمو الشامل والمستدام، والاهتمام بالاقتصاد الأخضر. وتضم مجموعة البنك تحت مظلتها، إضافة إلى البنك الإسلامى للتنمية، خمسة كيانات متخصصة هى معهد البنك الإسلامى للتنمية، والذى تم تفويضه لقيادة تطوير حلول مبتكرة قائمة على المعرفة لدعم الاقتصاد المستدام والتمويل الإسلامي، المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، والتى تمثل الذراع التأمينى للمجموعة ضد المخاطر السياسية وائتمان الصادرات، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، وأخيراً صندوق التضامن الإسلامى للتنمية. ويعمل صندوق التضامن الإسلامى على الحد من الفقر من خلال تحسين خدمات قطاع الرعاية الصحية والتعليم، بالإضافة إلى تقديم الدعم المالى لتعزيز القدرة الإنتاجية بما فى ذلك تمويل فرص العمل. ومن جانبها، أكدت د. هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن تدشين المركز الإقليمى لمجموعة البنك الإسلامى فى القاهرة تحت رعاية د. مصطفى مدبولى رئيس الوزراء يأتى تفعيلًا للاتفاقية الموقعّة بين مصر والبنك فى 4 أكتوبر 2018، ليمثل مكتب القاهرة؛ المكتب الإقليمى الحادى عشر لمجموعة البنك. وقالت د. السعيد، خلال كلمتها التى ألقتها خلال الحفل إن افتتاح المكتب الإقليمى لمجموعة البنك الإسلامى للتنمية، يعكس توسع عمليات المجموعة ونموها، والتوجه الحميد نحو اللامركزية فى إدارة المشروعات، بما يسهل عملية المتابعة الميدانية للمشروعات ومن ثم ضمان تحقيق الأثر التنموى لعمليات البنك وتمويلاته. وأضافت أنه يتم النظر فى اختيار البنك للقاهرة ضمن سلسلة المكاتب الإقليمية باعتباره تكليلاً للمستوى المتميز من التعاون والشراكة التنموية الممتدة بين الجانبين، موضحة أن ما يعزز من أهمية مكتب البنك فى القاهرة هو الدور المنوط به فى فتح مجالات للتعاون المشترك إلى جانب دوره فى إدارة ومتابعة المشروعات القائمة مع الأطراف المعنية كافة فى مصر، وكذلك دول الجوار التى يخدمها المكتب. تنسيق بهدف التنمية ولفتت الوزيرة إلى أن دور المكتب الإقليمى ينعكس إيجابيًا على تنمية التعاون والتنسيق بين مختلف المؤسسات المالية الأعضاء فى مجموعة البنك ومجتمع الأعمال المصرى والعربى والإفريقى للاستفادة من الخدمات التى تقدمها تلك المؤسسات، موضحة أن ذلك يدعم بدوره تدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية. وأوضحت أنه وعلى الرغم من انطلاق مكتب القاهرة مع مَطلع عام 2020 فى خِضَم تحدياتٍ كبيرةٍ، أبرزها تفشى جائحة كورونا المستجد، وما فرضته من قيود وتداعيّات سلبية على أنشطة مختلف القطاعات التجارية والاستثمارية والخدمية، إلا أن هذه الظروف لم تحل دون مواصلة أعضاء فريق عمل المكتب نشاطهم بتكثيف اللقاءات التعريفية مع الجهات والمؤسسات المصرية بالتنسيق مع المعنيين فى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، مشيرة إلى أن ذلك جاء للتعريف بأنشطة المجموعة والترويج لها سعيًا لخلق مزيد من فرص الشراكة الفاعلة وتحفيز مشاركة القطاع الخاص فى القطاعات التجارية والاستثمارية، بما يُسهم فى تعزيز مساهمة هذا القطاع الحيوى من شركاء الوطن فى دفع مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة فى مصر، والدول الأعضاء التى يخدمها المكتب على حدٍ سواءٍ. وأعربت د. السعيد عن اعتزاز الدولة المصرية بكونها من الأعضاء المؤسسين للبنك الإسلامى للتنمية، واعتزازها الشخصى كذلك بصفتها محافظ مصر لدى مجموعة البنك بمساهمتها فى توطيد الشراكة الاستراتيجية التنموية المتميزة مع مجموعة البنك، موضحة أن تلك الشراكة تمتد لعقود طويلة أثمرت خلالها عن محفظة تعاون تتجاوز قيمتها 17 مليار دولار وشملت هذه المحفظة تنفيذ حوالى 367 مشروعًا فى مصر، منها 303 مشروعات تم الانتهاء من تنفيذها حتى نهاية مارس 2022، بقيمة تتجاوز 10مليارات دولار، بالإضافة إلى نحو 64 مشروعًا جاريًا تنفيذها بقيمة تقدر بنحو 7 مليارات دولار فى قطاعات تنموية متعددة تتضمن قطاعات الصناعة والتعدين، والطاقة، والتمويل، والزراعة، والتعليم، والصحة، والمياه والصرف الصحي، والعقارات، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والنقل، وغيرها من المجالات المتنوعة. دور حيوى وأكدت وزيرة التخطيط تقدير الدولة المصرية للدور الحيوى والملموس الذى تساهم به مجموعة البنك فى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، سواء فى مصر أو فى غيرها من الدول الأعضاء، وسرعة الاستجابة التى تتمتع بها مؤسساته المختلفة، وكذلك دوره فى حشد التمويل اللازم للدول الأعضاء فى ظل جائحة تفشى فيروس كورونا المستجد، متطلعة لمواصلة مجموعة البنك لهذا الدور لتعزيز سبل التعاون مع الدول الأعضاء من أجل توفير آليات مبتكرة للتمويل تتوافق مع احتياجات الدول وحلول فعّالة للتحديات المشتركة فى ضوء التطورات الاقتصادية غير المسبوقة التى تواجه العالم أجمع، وبالأخص الدول النامية العربية والإفريقية الإسلامية. وشددت على حرص مصر واستعدادها التام لمواصلة العمل وتوطيد أواصر التعاون مع مجموعة البنك، وإطلاق الشراكات الاستثمارية وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة مع البلدان الأعضاء وتعظيم الاستفادة من الآليات التى توفرها مجموعة البنك، خصوصًا برامج تبادل الخبرات وآليات الشراكة مع القطاع الخاص التى تستهدف تحفيز القطاع الخاص ودوره فى التنمية خاصةً فى ضوء الجهود التى تقوم بها مصر وما توفره من آليات فى هذه المجال منها إنشاء صندوق مصر السيادى. خطوة مهمة وأكدت د. سالى فريد، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن تدشين مركز إقليمى للبنك الإسلامى للتنمية فى القاهرة خطوة هامة لتعزيز دور البنك كأحد أهم بنوك التنمية متعددة الأطراف، مشيرة إلى أن بنوك التنمية متعددة الأطراف تقوم بدور تمويلى ملموس فى قطاعات الاقتصاد، التى تعانى عزوفا من قبل الاستثمارات الخاصة، التى تنطوى على معدلات ربحية أقل أو مخاطر مرتفعة مثل قطاع البنية الأساسية، الذى يستوعب قدرا كبيرا من استثمارات هذه البنوك. وقالت د. سالى فريد إن التسهيلات الائتمانية التى تتيحها هذه البنوك للبلدان الأعضاء تعزز دورها كآلية لسد العجز التمويلى فى القطاع بشروط ميسرة وبتكلفة أقل وبآجال أكبر، وأن هذه الدول تجعل وجودها فى منظومة التمويل الدولية أمرا ضروريا لدفع عجلة الاستثمار فى القطاعات الأقل ربحية والأعلى مخاطر مثل قطاعات النقل والطاقة وغيرها. وأضافت أن مثل هذه القطاعات التى تعانى عزوف، الاستثمارات الخاصة، ما يعمق من حجم الفجوة التمويلية فيها، حيث قدرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حجم هذه الفجوة فى عام 2030 بنحو 50 تريليون دولارا، لافتة إلى أن هذه الفجوة تزداد بزيادة معدلات الفقر فى أى بلد، لتأتى هذه البنوك، لتكون أحد أهم روافد تمويل مشروعات البنية الأساسية الضرورية لأى اقتصاد. تنافسية اقتصاديات الدول وأشارت خبيرة الاقتصاد بجامعة القاهرة إلى أن زيادة تنافسية اقتصاديات الدول النامية عامة والدول الأقل نموا خاصة مرهون بالقدرة على زيادة الاستثمارات الموجهة لمثل هذه القطاعات ومنها قطاع البنية الأساسية، لما يرتبط بهذه الاستثمارات من تعزيز قدرة الاقتصاد على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بحيث يتولى قطاع البنية الأساسية فى أية دولة القيام بدور القاطرة، التى تجر خلفها باقى قطاعات الاقتصاد. وأوضحت د. سالى فريد إلى أن دراسات عديدة تذهب إلى أن البنك الإسلامى للتنمية نجح إلى حد كبير فى لعب دور ملموس فى سد جزء من الفجوة التمويلية، التى تعانيها البلدان الأعضاء بنسب متفاوتة، وأن البنك ما يزال يمتلك القدرة على ممارسة هذا الدور بشكل أكثر فاعلية بما يتوافر لديه من قدرات تمويلية وتخطيطية وتنفيذية كبيرة.