للشخصية الآسيوية سمات تخصها عن غيرها.. فهى تنتمى لشعوب متباينة الأعراف، متعددة الطوائف، ذات طبيعة مميزة عما سواها.. وكل فرد فيها يكون عالم مستقل ذاتيا دون شبيه أو قرين، غير متبوع وليس تابعا لمحيطه.. وقد أكسبها هذا صفات نبيلة وأكسب أرضها غموضا قدسيا وأجبر عالمنا المعاصر الذى لا يعترف سوى بالمكاسب المادية المحسوسة ولا يلقى بالا لكل ماهو إنسانى أن ينحنى لها احتراماً وتقديساً، ولعل نهج الساموراى الذى يعنى «الموت المجيد» من أجل القيم والأهداف العظيمة هو سمة ميزت شعب اليابان العريق ويرمز أيضاً لشخصيتنا «شينزو آبى» الذى رفع شعار التغيير للأفضل من أجل يابان جديد، وبدأ حربا ضد الكساد الاقتصادى والاجتماعى منذ فوزه بزعامة الحزب الديمقراطى اللليبرالى الذى يعد من أقوى وأعرق الأحزاب اليابانية العشرة التى تتألف منها الحياة البرلمانية فى البلاد، وقد حقق شينزو فوزا محققا فى انتخابات 2006 وأصبح أصغر رئيس للوزراء منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن ومن المؤسف أنه لم يستمر فى منصبه الرفيع إلا لعام واحد وقدم استقالته، وقد تعاقب على اليابان 7 رؤساء حكومات فى الفترة ما بين 2006 و2012 نظرًا لصعوبة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التى باتت تهدد البلاد وتسببت فى تراجع تصنيف اقتصادها عالميا من المركز الثانى إلى المركز الثالث لصالح الصين، عدوها التقليدى. ومع تتابع الحكومات التى عجزت عن صد هذا الانحدار المخيف ظهرت الحاجة لوجود محارب من طراز الساموراى ليقود «تحالف الأمل» نحو حياة أفضل، وهو اسم كتاب من تأليف آبى شرح فيه خطته الإصلاحية بشقيها الاقتصادى والاجتماعى من أجل استعادة النفوذ اليابانى المفقود ومواجهة التهديدات الإقليمية التى باتت تهدد الأمن القومى، وكان متوقعا فوز آبى فى الانتخابات البرلمانية التى عقدت عام 2012 وقد جمع بين منصبى زعامة أقوى وأقدم حزب ومنصب رئاسة الوزراء للمرة الثانية وقام بإعلان خطة (ابينوميكس) الإصلاحية والتى تضمنت جملة تعديلات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وقد أسهمت تلك التعديلات فى تحسن الحالة الاقتصادية وعودة الاستثمارات الأجنبية المهاجرة، وسعى شينزو أيضا لتعزيز الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادى وإقامة علاقة حسن جوار مع الدول المجاورة، ووقع المزيد من الصفقات التجارية لتأمين الحصول على الطاقة من أجل التمدد الصناعى. ومع بداية مدته الثالثة التى بدأت عام 2015 تعرض «آبى» للهجوم نظرًا لحدوث تباطؤ جديد للاقتصاد اليابانى الذى تأثر كثيرا بالأزمة الاقتصادية العالمية بالإضافة لتداعيات الأخبار الواردة عن التسريب النووى لمفاعل فوكوشيما الذى حدث منذ خمسة أعوام، وأكدت التقارير المقدمة من منظمة «فرويندز انيرجى إيديوكيشن» أن أكثر من مليون شخص مهددون بالإصابة بسرطان الغدة الدرقية فى اليابان وتأثير ذلك على المشكلة السكانية التى تعد من أهم المشكلات التى تواجه سياسة شينزو الطموحة التى تبنت رفع معدل المواليد لسد العجز المتوقع للأيدى العاملة اليابانية الماهرة الذى تسبب فى هروب المشاريع الاستثمارية العملاقة - كما أوضحنا من قبل - ومع زيادة معدلات التحديات التى تواجه بطلنا فهو لم يعلن استسلامه بعد ولا زالت التحديات تتوالى. وينتمى شينزو المقاتل، البالغ من العمر 62 عاما، لعائلة تتمتع بتاريخ سياسى عريق فهو حفيد «نوبوسوكه شى» رئيس وزراء سابق، وابن «شيناتور آبى» وزير سابق للخارجية، وقد درس آبى العلوم السياسية وعمل بعد تخرجة فى شركة كوبية للحديد ثم تركها ليلتحق بالعمل السياسى وأصبح مساعدًا تنفيذيًا لوزير الخارجية عام 1983، ثم عضوا بالبرلمان، وقد تم تعيينه وزيرا لأول مرة فى حكومة مورى الثانية، كما تدرج فى المناصب حتى أصبح رئيسا للوزراء عام 2006 ليصبح رئيس الوزراء رقم 90 فى تاريخ اليابان منذ الحرب العالمية الثانية.