رغم أن السينما المصرية نشأت منذ البداية فى أحضان الأدب واعتمدت على تحويل النصوص الأدبية والروايات الشهيرة إلى سيناريوهات سينمائية ناجحة، بداية من أول رواية مصرية خالصة تتحول إلى فيلم، وهى رواية «زينب» للأديب والمفكر الراحل محمد حسين هيكل، ومرورًا بأعمال أديب نوبل نجيب محفوظ وروائع إحسان عبدالقدوس ومحمد عبدالحليم عبدالله ويوسف إدريس ويوسف السباعى وإسماعيل ولى الدين، ووصولاً إلى علاء الأسوانى وأحمد مراد. إلا أن السينما المصرية كانت مقصًّرة للغاية فى حق أدب الأظافر الطويلة وأعطت ظهرها للروائيات المصريات، ولم تقدم لنا سوى عددًا قليلًا جدًا من الأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية ونسائية، بدأتها برواية الباب المفتوح للدكتورة لطيفة الزيات، ونهاية بأكثر من عمل للأديبة هناء عطية، أشهرها «خلطة فوزية»، فضلاً عن السيناريوهات المكتوبة خصوصًا للسينما بأقلام نسائية، وأبرزهن الآن مريم نعوم ووسام سليمان. ونسيت أو تناست السينما العديد من الأعمال النسائية التى تعكس بصدق ووعى آلام وأحلام الفتاة العصرية المصرية، وآخرها كتاب الصيدلانية الموهوبة نوران مجدى « خواطر فتاة..أولد فاشون»، والذى تحكى فيه ببساطة وأسلوب سلس ورقيق مشاعر وهموم فتاة محافظة تحاول بكل الطرق الموازنة بين أحاسيسها كأنثى وبين عادات وتقاليد وأعراف مجتمع لا يعترف بالحب حتى ولو كان عذرياً ويجبر الفتاة على أن تدارى مشاعرها عمن تحب، حتى لا تتهم بالجرأة أو يفهمها الناس بطريقة خاطئة. ولا تنسى «نوران» أن تلتقط بذكاء أديبة شابة موهوبة لا تقلد أحدًا فى الكتابة وتحاول أن تصنع لنفسها شخصية أدبية مستقلة ومميزة توضح العديد من التناقضات التى يعانى منها المجتمع المصرى، وهو يتعامل مع المرأة، وتستحق أن تتحول إلى عمل درامى لا تنقصه خفة الظل والأسلوب الكاريكاتيرى الساخر. ومع أنى لا أعرف الآلية التى يختار من خلالها المخرجون وشركات الإنتاج الدرامى الأعمال الأدبية التى يحولونها إلى سيناريوهات للسينما والتليفزيون، أو لماذا لا يتم تحويل أعمال مهمة وناجحة لأدباء وأديبات شديدى الإبداع والموهبة، فيما يتم الاهتمام بأعمال وأسماء أخرى قد تكون أقل قيمة ونجاحًا، إلا أننى أخشى أن يؤدى إهمال تلك الأصوات الواعدة وخاصة من الأديبات إلى إصابتها بالإحباط والتوقف عن الإبداع، وهو دور إن لم يقم به الإنتاج الخاص، فالأولى أن تقوم به شركات الإنتاج الحكومية، وعلى رأسها شركة القاهرة للصوتيات والمرئيات، ومدينة الإنتاج الإعلامى، التى يجب أن تبحث عن الموهوبين فى كل المجالات وتمنحهم الفرص التى يستحقونها.