رغم تأكيدات كل الأطراف الدولية والعربية والإقليمية على ضرورة الحل السياسى فى سوريا ، لكن يبدو أن الجميع يتحدث عن وهم نظرا لانعدام الثقة بين وفدى الحكومة والمعارضة والرؤية الضبابية التى تهيمن على الموقف فى جنيفوعواصم غربية أخرى ويبدو أن مهمة المبعوث الأممى دى ميستورا باتت مستحيلة وقد وصفها بأنها الفرصة الأخيرة للحل السياسى ومازال الجدل والتشدد يطرحان نفسهما بقوة فى كل الاجتماعات التى تعقد فى عواصم غربية وعربية وإقليمية مختلفة ومازالت المعضلة الكبرى فى وقف إطلاق النار والتفريق بينه وبين مكافحة الإرهاب واتهام المعارضة بانحيازها للنظام وسلبية المواقف الأمريكية والعمل الدبلوماسى الروتينى للمبعوث الأممى وكلها مواقف متشابكة لن تحل الأزمة قدر الإبقاء على وضعها أطول وقت ممكن كى يحسمها الطرف القادر على الحل أو حتى إصابة كل الأطراف بالوهن والإنهاك والاستسلام لأى حل يخمد النار المشتعلة فى كل مكان.وحذر مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دى ميستورا من فشل الجهود السياسية لحل الأزمة السورية قائلا إن المحادثات القائمة فى جنيف والتى تضم الحكومة والفصائل المعارضة تمثل آخر أمل لسوريا ودعا لبذل كل جهد ممكن لتسوية الصراع. وقال إن لروسياوالولاياتالمتحدة مصلحة فى حل الصراع المستمر منذ خمس سنوات.ووصف الحالة بين وفدى الحكومة والمعارضة السورية بانعدام الثقة وتابع قوله «إذا فشلت هذه المرة بعدما حاولنا مرتين فى مؤتمرات فى جنيف.. فلن يكون هناك أمل آخر بالنسبة لسوريا. علينا قطعا محاولة ضمان عدم فشلها.» من جانبه قال وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، إن موسكو تشجع أى حوار فى المنطقة لأن دولا مثل ليبيا واليمن والعراق وأفغانستان تعانى من خطر الإرهاب، مشددًا على أن مباحثات جنيف حول الأزمة السورية يجب أن تكون شاملة وتنطلق من مصالح الشعب السورى، ويجب أن تكلل بتفاهم بين المعارضة والحكومة. وأضاف الوزير الروسى ، أن العملية السياسية فى سوريا دقيقة ويجب أن تشمل جميع أطياف المجتمع، مؤكدًا أن مشاركة جيش الإسلام وأحرار الشام فى محادثات جنيف لا تعنى اعتراف موسكو بهما، فهما منظمتان إرهابيتان، مضيفًا: « تواجد ممثلين شخصيين عن أحرار الشام وجيش الإسلام ضمن وفد هيئة التفاوض فى جنيف 3 لا يعطيهم الشرعية وهم مجموعات إرهابية». وأوضح الوزير الروسى، أن تشديد الشركاء على ضرورة انتقال السلطة أمر يعرقل الحل والمطلوب هو التوافق بين النظام والمعارضة. وفى اختبار النوايا بين اللاعبين الرئيسيين فى سوريا قال ديبلوماسى روسى إن بلاده مستعدة للتنسيق مع الولاياتالمتحدة للوصول إلى وقف إطلاق النار فى سوريا، لكن وزير الخارجية الروسى سرجى لافروف أكد بأن القتال مستمر فى سوريا حتى ينتهى الإرهاب وهذا يعنى استمرار الجدل وفشل مؤكد للمفاوضات لأن المعارضة تتهم روسيا والنظام بضرب قوتهم فى المناطق التى يسيطرون عليها. ويبدو ان هناك خلطا كبيرا بين مكافحة الإرهاب ومفاوضات من اجل السلام والتسوية حيث يهرول الجميع فى اتجاه الحرب على داعش وان كل من يحمل السلاح هو داعش وقد عكس هذه الرؤية بريت مكجورك المبعوث الأمريكى لدى التحالف المناهض لتنظيم داعشى، عندما قال إن زيارته التى جرت فى مطلع الأسبوع الماضى لمناطق يسيطر عليها الأكراد فى شمال سوريا لا علاقة لها بمحادثات جنيف للسلام. وقال مكجورك: كان مخططا لها منذ فترة طويلة ومن ثم لا علاقة لها بأى حال بالعملية الجارية فى جنيف.» وأضاف أن الهدف من الزيارة- وهى الأولى التى يقوم بها مسئول أمريكى لأرض سوريا منذ عدة سنوات- ركز على تقييم حالة حملة التصدى للدولة الإسلامية فى سوريا وحول الخلاصة التى يجب أن تنتهى اليها مباحثات جنيف قال هناك ضرورة لأن تكون سوريا موحدة ومتعددة الأعراق والطوائف وتحمى فيها حقوق جميع المكونات .. وبالطبع.. ضرورة أن تكون العملية شاملة للجميع. وعلى الصعيد الإقليمى أكد رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو أن أنقرةوالرياض تدعمان المعارضة السورية فى كل ما تتخذه من قرارات، مضيفا أن «النظام السورى يثبت دائما أنه مستبد ويقتل شعبه ويشرده». وقال أوغلو- نحن دائما ندعم ما صدر عن محادثات جنيف بشأن سوريا وذلك لكى يتقدم هذا البلد ويستقر فى المستقبل». وأضاف أن «بلاده والمملكة العربية السعودية تعتبران أن الإرهاب والتطرف المهددين الرئيسيين فى المنطقة»، معتبرا أن النظام السورى يأتى على رأس التطرف. بدوره أوضح بشار الجعفرى، رئيس وفد النظام السورى فى مفاوضات جنيف، أن محادثات جنيف 3 لم تبدأ بعد. وأضاف: لا زلنا فى الإطار التحضيرى والإجرائى للمفاوضات غير المباشرة، وفى انتظار استكمال المسائل الإجرائية المهمة التى لم تعالج بعد، وطالبنا من ممثل الأممالمتحدة دى ميستورا تزويدنا بأسماء الوفود المشاركة فى المحادثات غير المباشرة. وذكر رئيس وفد النظام السورى أن هذا الحوار غير المباشر هو حوار سورى سورى بامتياز بدون شروط مسبقة وبدون تدخل أجنبى، مؤكدًا أن الإعلان عن إطلاق المفاوضات يجب أن يتم بحضور جميع الوفود المشاركة. وتابع: سمعنا بعض التصريحات من ممثل الطرف الآخر مفادها أنه إذا لم تتم تلبية الشروط المسبقة فسينسحبون من المباحثات. أما رئيس الوفد المفاوض للهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض أسعد الزعبى فقد اكد بأن المعارضة لن نتنازل عن مطالبها بتطبيق القرار 2254 بشكل كامل دون انتقاص، وعلى الأخص المادة 12 و 13، ولن يكون هناك مفاوضات مع نظام الأسد قبل تنفيذ ذلك. وأضاف الزعبي: «لن نتحدث خلال لقائنا مع دى ميستورا إلا عن ثلاث نقاط، وهى وقف القصف الروسى على مناطق الثوار، وفك الحصار عن المناطق المحاصرة من قبل قوات نظام الأسد وميليشيات حزب الله الإرهابى وإيصال المساعدات للمحاصرين، وإخراج المعتقلين وفى مقدمتهم النساء والأطفال». كما أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات عن تشكيلها لهيئة استشارية نسائية مؤلفة من 40 سيدة سيكونون استشاريين، وسيساهمن فى ملف التفاوض، وذلك للتأكيد على الحاجة الماسة لمشاركة المرأة السورية بفعالية ضمن إطار الهيئة العليا للمفاوضات وفريق التفاوض التابع لها، والتى من شأنها رفع مستوى الهيئة من حيث التمثيل والخبرات، وللاستعانة بكافة الخبرات والطاقات الوطنية السورية، والذى يعتبر ضمانة لنجاح الهيئة وفرقها ونجاح العملية السياسية فى سوريا كذلك، وهو من مقومات نجاح عملية الانتقال السياسى فى سورية، وتمكين المرأة وتعزيز حضورها فى العملية السياسية ومشاركتها فى صنع القرار؛ ما سيكون له تبعاته الإيجابية على العملية التفاوضية ومستقبل الدولة السورية. المصدر: الائتلاف. وفى سياق رصد مواقف المعارضة السورية قال المفاوض السورى المعارض محمد علوش الذى يمثل جماعة جيش الإسلام إنه ليس متفائلا تجاه آفاق محادثات السلام المنعقدة فى جنيف. وأضاف أن الوضع على الأرض لم يتغير وإنه لا يشعر بالتفاؤل ما دام الوضع على هذا الحال، وتابع أن الحكومة السورية لم تبد نوايا طيبة للتوصل إلى حل. جاءت تصريحات علوش قبل دقائق من وصول وفد الحكومة إلى مقر الأممالمتحدة فى جنيف للقاء ستيفان دى ميستورا مبعوث الأممالمتحدة الخاص بسوريا لمناقشة اقتراح بشأن القضايا الإنسانية. وكانت مدينة جنيف قد شهدت اجتماعا للمبعوث الخاص للأمم المتحدة لأزمة سوريا ستيفان دى ميستورا ووفد الحكومة السورية برئاسة السفير بشار الجعفرى على أن يعرض المبعوث الدولى نتائج لقائه بوفد المعارضة. تجدر الإشارة إلى أن المباحثات فى جنيف حول الأزمة السورية مازالت تبحث فى القضايا الإنسانية المتعلقة بالأزمة ..وذلك فى الوقت الذى أعلن فيه سالم المسلط المتحدث باسم الوفد التفاوضى للمعارضة أن وفده ينتظر لقاء دى ميستورا بوفد الحكومة للحصول على ردود بشأن ما طرحوه. بينما قال المتحدث باسم وفد المعارضة السورية فى جنيف منذر ماخوس إن مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا ستيفان دى ميستورا أخطأ بإعلان بدء محادثات السلام بشأن سوريا. وقال ماخوس إن وفد المعارضة أبلغ دى ميستورا بأنه لا يجب تفسير أى تواصل معه على أنه بدء للعملية التفاوضية. وأضاف أنه على الحكومة السورية أن تعلن خلال أيام استعدادها لتنفيذ ما وصفه بتدابير حسن النوايا على الأرض، مهددا بعدم مشاركة وفد المعارضة فى أية عملية أخرى إذ لم تقم الحكومة السورية بهذه الخطوات. وأشار إلى أن وفد المعارضة سيبقى فى جنيف حتى نهاية الأسبوع الحالى، موضحا أن المعارضة جاءت إلى جنيف من أجل اختبار نوايا النظام. كل هذه المواقف المتضاربة تعكس حالة من الارتباك وحرب الأعصاب بين وفد الحكومة والمعارضة والتى تعكس عدم الثقة وعدم الرغبة الحقيقية فى الحل.