يبدو أن الملا «أختر منصور» الذى اختير زعيما لحركة طالبان، خلفًا لزعيمها الراحل الملا «محمد عمر» أراد أن يبدأ عهده بتوجيه رسالة للعالم بأن طالبان لن تتخلى عن العنف، وأنه سيظل منهجها الرئيسى فى الفترة القادمة، فبعد أقل من أسبوع من تعيين الملا منصور على رأس حركة طالبان، شنت الحركة سلسلة من الاعتداءات أسفرت عن مقتل نحو 56 شخصًا على الأقل، حيث استهدفت أكاديمية للشرطة، وقاعدة خاصة للقوات الأمريكية، ووقع مؤخرًا هجوم انتحارى بسيارة مفخخة عند مدخل مطار كابول. وقد أراد منصور أيضًا من خلال هذه الهجمات طمأنة مقاتلى الجماعة بأن قيادتها الجديدة مصرة على مواصلة درب مؤسس الحركة الذى كان يقول دائمًا إن الحرب ستستمر حتى إقامة النظام الإسلامى فى كل ربوع البلاد، وطرد المحتلين من الأراضى الأفغانية. وتسببت هذه الهجمات الإرهابية والإعلان عن وفاة الملا عمر فى توقف المفاوضات بين طالبان والحكومة الأفغانية التى بدأت فى يوليو الماضى برعاية الولاياتالمتحدة والصين، حيث تم الإعلان عن إرجاء الجولة الثانية من هذه المفاوضات التى كانت مقررة فى باكستان إلى أجل غير مسمى. ويرى كثير من المحللين، أن ما ارتكبته طالبان من هجمات إرهابية تحت قيادة الملا منصور، ما هو إلا استعراض للقوة، وتأكيد على أن طالبان لن تتخلى عن العنف، وفى هذا السياق قال عبد الهادى خالد الخبير الأفغانى فى مجال الأمن لوكالة الأنباء الفرنسية، إن سلسلة الاعتداءات هذه تكتيك تستخدمه القيادة الجديدة لطالبان لتؤكد عدم تغير سياستها، مضيفًا أنها عرض للقوة. من جهته قال المحلل العسكرى ميزرا محمد يرماند: إن هذه الموجة الجديدة من التفجيرات تظهر أن الملا منصور ليس أفضل من الملا عمر، وإنه على الحكومة الأفغانية أن تحاول الاستفادة من الانقسامات داخل حركة طالبان. يذكر أن حركة طالبان تشهد حالة من الانقسام، حيث يرفض جزء من الحركة بقيادة النجل الأكبر للملا عمر مبايعة زعيم الحركة الجديد، بحجة أنه تم تعيينه بشكل متسرع، كما ينتقد كوادر وقياديون فى طالبان الحركة لتكتمها لسنتين على وفاة الملا عمر، ونسب تصريحات إليه، فى حين أنه توفى فى إبريل 2013، فى مستشفى فى كراتشى فى باكستان. وفى هذا الإطار قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إن وفاة الملا عمر خلقت تحديًا صعبًا داخل التنظيم، والدليل على ذلك إخفاء خبر وفاته لمدة عامين، وعندما تم إعلان وفاته بالفعل، لم يكن هناك إجماع داخل طالبان حول خليفة الملا عمر، أو الاستراتيجية التى يجب أن تتبعها الجماعة. وترى الصحيفة أن الملا منصور ملأ الفراغ الذى تركه الملا عمر منذ وفاته، ولكن سرعان ما ظهر تحد لسلطته من جانب شقيق ونجل الزعيم السابق، وتُرجح الصحيفة الأمريكية أن يحدث انشقاق فى الحركة، بحيث تختار بعض الفصائل مواصلة القتال أو ربما تنضم إلى تنظيم داعش فى أفغانستان. وفى نفس السياق، ذكرت صحيفة «ديلى إكسبريس» البريطانية أن تنظيم داعش استفاد من الانقسام فى حركة طالبان فى أعقاب وفاة قائدها، من خلال تجنيد تيار من جهادييها السابقين، وأوضحت الصحيفة أن مسلحى تنظيم داعش استفادوا من تدفق الشباب الساخطين المجندين السابقين فى طالبان، للانضمام إلى صفوفهم.