بعد انتهاء عاصفة الحزم وبدء عملية إعادة الأمل انطلقت التسويات السياسية من أجل إنقاذ اليمن عبر مؤتمر الرياض الذى يستكمل دوره من جنيف مع القوى السياسية اليمنية التى تحتكم للحوار وتلتزم بقرارات مجلس الأمن وتحترم الوقف الكامل لإطلاق النار وتسليم السلاح والمدن إلى اللجان الوطنية وقد حمل مبعوث الأممالمتحدة لليمن الوثيقة الصادرة عن مؤتمر الرياض إلى نيويورك لتنفيذ بنودها وفق خطة عمل زمنية تنهى المشهد والصراع الدامى فى اليمن وتفضى إلى بناء دولة حديثة تستوعب كل اليمن شماله وجنوبه وعلى الرغم من تعقيدات الأزمة إلا أن وتيرة المعالجة قد تساهم لاتخاذ خطوات إيجابية حتى لا نصل باليمن إلى ما آلت إليه الأوضاع فى سوريا – لكن يبقى الحذر فى مسألة متابعة التفاهم الدولى حول تسوية الملف حتى لا يتم دعم ثلاث قوى على الأرض هم صالح والحوثى والقاعدة وإيران لتكرار سيناريو العراق. ولذا فالأسابيع المقبلة ستكون حاسمة إما نحو الحل أو استنزاف للمنطقة وبخاصة إذا التزمت الإدارة الأمريكية مع دول الخليج بعد قمة كامب ديفيد لتحقيق الأمن والاستقرار لليمن وتحجيم تداعيات الصراع. وعقب مؤتمر الرياض يبدأ المبعوث الأممى إسماعيل ولد شيخ احمد فى مساعيه لتنفيذ كل القرارات الخاصة بالملف من قرارات الأممالمتحدة والمرجعيات اليمنية ووثيقة الرياض التى أكدت أن الفساد وسوء الإدارة خلال حكم الرئيس المخلوع على عبد الله صالح أديا إلى تدهور الوضع، وإيران ساهمت فى زعزعة الاستقرار فى اليمن، وانقلاب ميليشيات الحوثى وصالح قوض العملية السياسية. وشددت وثيقة الرياض على دعم الشرعية ومشاركة أبناء اليمن فى بناء الدولة، ورفض الانقلاب وما ترتب عليه، والالتزام بمبدأ الشراكة الوطنية، وضرورة محاسبة منتهكى حقوق الإنسان، ووقف التعامل المالى والدبلوماسى مع الانقلابيين الحوثيين فى صنعاء، وإشراك الحراك الجنوبى السلمى المؤيد للشرعية. ونصت الوثيقة على دعم المقاومة الشرعية، وإسقاط الانقلاب، ومحاسبة المتورطين فيه، والالتزام بالقرار الدولى 2216، وتقديم الإغاثة للنازحين، وإعادة المهجرين وتعويض المتضررين، خاصة فى محافظة صعدة، والشروع فى إعادة بناء المؤسسة العسكرية، وبناء دولة مدنية اتحادية، وإطلاق مصالحة وطنية شاملة، وسرعة إيجاد منطقة آمنة داخل الأراضى اليمنية، واستخدام كافة الأدوات السياسية والعسكرية لإنهاء التمرد. كما تضمنت وثيقة الرياض وضع استراتيجية وطنية لمحاربة العنف والإرهاب، وإعادة الإعمار فى المناطق، خاصة المتضررة منها، والعمل مع مجلس التعاون لتأهيل اليمن اقتصاديا. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قد أكد خلال الجلسة الختامية بأن مؤتمر الرياض «جاء لإنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية» فى ظل منعطف تاريخي، ليس لليمن فحسب بل للمنطقة بأسرها. وأشار الملك سلمان إلى أن «السعودية ودول التحالف شرعت فى الاستجابة الفورية لطلب الحكومة اليمنية الشرعية الممثلة فى الرئيس عبد ربه منصور هادي، بإنقاذ اليمن وحماية شعبه وشرعيته، وفقًا لمبدأ الدفاع عن النفس، لحماية مكتسبات الشعب اليمنى وإنجازاته التى تضمنتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطنى الشامل، والمدعومة بقرار مجلس الأمن رقم 2216، وهو الأمر الذى يأتى فى سياق حرصنا واهتمامنا باليمن وسيادته وسلامة أراضيه، والحفاظ على عروبته واستقلاله، وحتى لا يكون مصدرًا للتهديد وزعزعة الاستقرار فى المنطقة ومرتعًا للمنظمات الإرهابية». يذكر أن جلسات مؤتمر الرياض بعنوان «من أجل اليمن وبناء الدولة الاتحادية» استمرت ثلاثة أيام، بقصر المؤتمرات للضيافة بالرياض، بمشاركة عدد من الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع اليمنى والشباب ومشايخ القبائل والشخصيات الاجتماعية. ومن جانبه قال الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى، «نحن اليوم ننتصر لشعبنا ولمقاومتنا، مؤتمر إنقاذ اليمن يثبت أن جميع اليمنيين يقفون صفا واحدا، اليمن اكتسب شرعية وطنية ودولية، ليس لدينا خيار إلا بإنجاح المؤتمر». وأضاف فى الجلسة الختامية لمؤتمر الرياض ل «إنقاذ اليمن»، أن إعلان الرياض رافعة مهمة لاستعادة الدولة، وأنه مرجعية أساسية للعملية السياسية فى اليمن، سيتم إيداع إعلان الرياض لدى الأممالمتحدة، مؤكدا أن الأولوية اليوم هى لتنفيذ قرار مجلس الأمن حول اليمن رقم 2216، لافتًا إلى أن ميليشيا الحوثى وصالح قررت الهدنة تعبيرًا عن الضعف، ونحملها وصالح مسئولية أعمال القتل، لأنها تناست البعد الإنسانى للهدنة. وأكد منصور هادى أن الحوثى لا يمثل إلا 10% من محافظة صعدا، 476 ألفًا هم سكان صعدا، والحوثى يريد أن يفرض نظرية جديدة لا يستطيع أن يقبلها 25 مليونًا وهم 10% من عدد سكان محافظة صعدا، ويجند الأطفال. ومن جانبه اعتبر رئيس اليمن الجنوبى سابقا على ناصر محمد مؤتمر الرياض خطوة جيدة لأن معظم القوى الوطنية السياسية مع الحوار والاحتكام إليه بدلًا من السلاح كما طالب بأن يمثل فى الحوار الشامل كل القوى اليمنية الموجودة على الأرض شرط إلقاء السلاح وتسليم المدن إلى لجان وطنية. وقال: إن مؤتمر القاهرة للحراك الجنوبى أكد على دولة اتحادية من إقليمين لمدة خمس سنوات وبعد ذلك يجرى استفتاء لحق تقرير المصير، كما دعا كل الأطراف الإقليمية والدولية القيام بواجبها نحو اليمن بما يعزز الأمن والاستقرار فيه وكذلك الأمن الإقليمى والدولى وفقاً لميثاق الأممالمتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الشأن.