مع اقتراب تشكيل الحكومة الإسرائيلية التى يمثلها حزب الليكود اليمينى المتطرف أصبحت إسرائيل فى مأزق بعد أن أزال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القناع عن سياسته الصهيونية والفاشية لتأخذ إسرائيل شكلها الطبيعى بعيدًا عن اداعاءات الديمقراطية، فيمكن أن يتم تعريفها الآن على أنها دولة صهيونية دينية يمينية أكثر تطرفًا، فنتنياهو يبدأ مشواره من جديد مع حكومته الجديدة وهو مُصر على المضى أمام الفلسطينيين بلا سلام والتمادى فى تصعيد عمليات الاحتلال وبناء المستعمرات اليهودية والتطهير العرقى للفلسطينيين، ونشر ثقافة الكراهية العنصرية بشكل غير مسبوق، والكشف عن المزيد من نواياها الأكثر صهيونية تجاه الشعب الفلسطينى من جديد. لهذا ستشهد المنطقة الفترة القادمة صراعًا عربيًا إسرائيليًا. وبدأت تلك الحرب بالفعل بشروع نتنياهو على الفور فى انتهاكاته لأراض بوسط الخليل وبمنطقة العراقيب عن طريق تجريف البيوت الفلسطينية لبناء مستوطنات يهودية جديدة، وعلى الجانب الآخر نرى المشهد يزداد سخونة بإسراع مجلس حقوق الإنسان لمناقشة الوضع الفلسطينى، الذى نادت به المجموعات العربية والأوروبية إلى اتخاذ الخطوات المناسبة لحث المجتمع الدولى على الوفاء بالتزاماته السياسية والقانونية، واتخاذ موقف حاسم ضد إسرائيل، ووقف سائر الانتهاكات ضد الشعب الفلسطينى، والالتزام بالقانون الدولى، والقانون الدولى لحقوق الإنسان. يأتى هذا فى الوقت الذى أصبح فوز نتنياهو، قد يعد أمرًا فى صالح الفلسطينيين وتعتبره اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل بمثابة «رب ضرة نافعة»، لأن كشف إسرائيل عن قناعها سيؤدى لعزلها عالميا، بالقيام بحملات موسعة فلسطينية لمقاطعة الشركات والمؤسسات العالمية لإسرائيل ووقف الاتفاقيات التجارية معها، وتكثيف السلطة الفلسطينية حملاتها لمقاطعة السلع الإسرائيلية التى لها بديل كما تفعل الآن. وثيقة روبرت ورغم إن الرئيس الإسرائيلى رؤوفين ريفلن، أوصى نتنياهو بإنشاء حكومة تقدر كل الأطراف وتخدم الجميع بديمقراطية ودون انحياز الليكود لخدمة مصالحه اليمينة، خاصة إذا قرر نتنياهو إنشاء حكومة ائتلافية وطنية، إلا أن صحيفة يديعوت أحرونوت أشارت إلى أن نتنياهو لن يتوقف عن بناء المستوطنات اليهودية ليحيط بها قطاع غزة والضفة الغربية، كما أنه يسعى الآن جاهدًا للاعتراف بيهودية دولة إسرائيل أمام العالم. كما أوضح نمر حماد المستشار السياسى للرئيس الفلسطينى محمود عباس أن إسرائيل الآن تحاول أن تنفذ جميع البنود التى تضمنتها الوثيقة السرية التى تدعى «روبرت 3» التى صدرت فى نوفمبر 2004 بعد أن طرح شارون خطة الانطواء أو الانسحاب من قطاع غزة وقتها، حيث طرح خطة «الوثيقة» التى ستتخذ بها إسرائيل إجراءات قاسية بحق القضية الفلسطينية، حيث سيتم تشكيل مجلس عسكرى فى غزة ستشارك به الجماعات الإسلامية ومنظمات المجتمع الدولى بمجلس تشريعى له رئيس تنفيذى ومنظمة التحرير الفلسطينية، على أن تكون غير تابعة للسلطة الفلسطينية، ليتحول من هنا القطاع إلى كنتونات يستمر بها الفصل العنصرى، وستظل مظاهر الاحتلال كما هى كطرق المستوطنات والجيش، والمستوطنات اليهودية المحيطة بالقطاع. كما جاء بالوثيقة أيضًا أن إسرائيل ستبادر بالتوجه إلى مجلس الأمن للاعتراف بتحرير غزة، وحتى يمرروا هذه الفكرة ستقترح بأنه لا داعى من تسميه القطاع دولة، وعندما تحين الفرصة لا داعى من أن تصبح غزة دولة فى المستقبل، يمكن توسيعها عن طريق بعض مناطق الضفة الغربية، وتسمى وقتها «بالدولة ذات الحدود المعقدة»، على اعتبار أن هذا سيكون وسيلة إنقاذ لنتنياهو من العزلة الدولية، كما يعتقدون، لأنه لا يوجد فلسطينى لا يريد فك الحصار. إحباط نتنياهو أما على الصعيد الفلسطينى أعلن أبو مازن إصراره على المضى قدمًا والذهاب إلى محكمة لاهاى لتقديم إسرائيل للمحاكمة على جرائمها تجاه الشعب الفلسطينى، كما أنه مُصرًا على استرداد أموال الضرائب المستحقة للسلطة التى تحتجزها إسرائيل للضغط على قادتها، وأكد على تمسكه بحل الدولتين وبناء دولة فلسطينية على حدود 67، داعيًا إلى استمرار الحراك السياسى الموحد بين الفصائل الفلسطينية التى يسعى إلى دفعها للتحرك من أجل قيام انتخابات فلسطينية لتجديد الشرعية الفلسطينية. وأكد القيادى الفتحاوى دكتور أيمن الرقب أن إسرائيل ستقع فى مأزق كبير بعد فوز نتنياهو، داعيا الشعب الفلسطينى الوقوف أمام الأزمة والصمود للخروج بأقل الخسائر، مشيرًا إلى أن السلطة الفلسطينية ستسعى بالمرحلة القادمة إلى تصعيد تحركاتها السياسية لتدويل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، مستغلة فرصة إغلاق نتنياهو الباب أمام السلام، كما يجب الاستمرار فى رفض التحالف مع حماس ورفض الاعتراف بالدولة اليهودية. لن يختلف موقف القائمة المشتركة كثيرًا عن موقف القضية الفلسطينية، خاصة بعد رفض القطاع العربى داخل إسرائيل اعتذار نتنياهو عن وصفهم بالقطيع أثناء الانتخابات، فذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن نتنياهو يسعى لكسب عطف هذا القطاع بالاعتذار عما صرح به لكسب رضاء اللوبى اليهودى داخل الكونجرس الأمريكى والرد على كل الانتقادات التى وجهها إليه مؤخرًا من هناك لعنصريته الشديدة التى يمارسها مع عرب إسرائيل منذ فوزه بالانتخابات.. فأمريكا تسعى لحل الدولتين والعلاقات مع إسرائيل على ما يرام. أما على الصعيد الأمريكى.. فعلى الرغم من تهنئة أمريكا لنتنياهو على الفوز، بعد أن كانت تحاول مساعدة إسحاق هيرتسوج ليحل حزبه اليسارى محل حزب نتناهو، كما جاء فى صحيفة معاريف الإسرائيلية، إلا أن أمريكا تنادى نتنياهو بالتوقف عن أفعاله المزعجة تجاه الشعب الفلسطينى، مؤكدة على اتباع سياسة مختلفة من الآن من واشنطن تجاه تل أبيب، بدأتها بالسياسة العقابية بمنع إسرائيل من حضور اجتماع مجلس لأمن الأخير لمناقشة القضية الفلسطينية. كما أن هناك تحركًا ملتهبًا تشنه جماعة «جى ستريت» اللوبى اليهودى بالكونجرس الأمريكى ضد نتنياهو، حيث صرح رئيس موظفى البيت الأبيض، دينيس ماكبندا، بعد اجتماع «جى ستريت» أن منع نتنياهو لإقامة الدولة الفلسطينية مازال أمرًا يثير الاضطراب فى واشنطن وأن أوباما سيدرس العلاقة السياسية بين البلدبن من جديد، بعد أن قامت يوم قيامتها منذ فوز نتنياهو، وعلى الرغم من هذا أكد ماكيندا على أن العلاقات الأخرى بين البلدين لن تتغير بل أنها تشهد فترة أقوى من أى وقت مضى ولكن يجب إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى فى أقرب وقت ممكن، وأن أمريكا لن توافق على ضم الضفة الغربية لإسرائيل وإلا سيكون هذا إجراء غير قانونى سيؤدى فقط إلى زيادة عزلة إسرائيل.