شجرة الدوم من الأشجار الشهيرة فى مصر، ومعروف عنها أن صاحبها غالبا لا يأكل من ثمارها فهو نبات معمر لآلاف السنين ويأخذ سنوات طويلة حتى يُثمر، تتعدى ثلاثة عقود، وشجرة الدوم تتحمل درجات الحرارة المرتفعة، وهو نبات يتحمل درجة الحرارة العالية وقلة المياه لأن جذوره تمتد فى أعماق الأرض لأكثر من 1000 متر، بحثًا عن المياه الجوفية. والموطن الأصلى للدوم المناطق الساحلية فى شمال وشرق أفريقيا وأشير لها فى التاريخ الفرعونى حيث وجدت كميات كبيرة من ثماره فى المعابد كما وجدت رسوماته محفورة على جدرانها.وقد لعبت شجرة الدوم دورًا سياسيًا هامًا فى مصر، وتحديدا فى قضية تحرير طابا من الاحتلال الإسرائيلى، والقصة يرويها المؤرخ إبراهيم العنانى عضو اتحاد المؤرخين العرب فقال: طابا تلك المدينة الصغيرة التى لا تتجاوز مساحتها الكيلو متر المربع كانت محوراً لمعركة امتدت على مدار سنوات لتثبت أن مصر ليست مستعدة للتخلى عن شبر واحد من أراضيها، ففى الثانية والنصف من ظهر يوم 29 سبتمبر 1988 أصدرت هيئة التحكيم حكمها لصالح مصر. وكان الفريق المصرى المسئول عن قضية طابا قد قسم نفسه إلى مجموعات عمل وبدأ عملية التوثيق منذ اعتراف الباب العالمى عام 1906 بالخط الفاصل بين الولاية المصرية وبقية الأملاك العثمانية، وقدمت مصر الكثير من الأدلة والمستندات كما قدمت صورة للجنود المصريين تحت شجرة دوم قديمة كانت شاهد إثبات على حقنا فى مواجهة المراوغات الإسرائيلية. تحرير طابا: وكانت المادة الثانية من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة فى 26 مارس 1979 قد نصت على: ( أن الحدود الدائمة بين مصر وإسرائيل هى الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب ويقر الطرفان بأن هذه الحدود مصونة لا تمس) ، وقد تضمنت أن تنشأ لجنة مشتركة لتسهيل تنفيذ هذه المعاهدة وبدأ العمل فى تحديد مواقع العلامات فى إبريل 1981 وتم الاتفاق على تحديد العلامات حتى العلامة 90 ثم توقفت اللجنة لتحديد موضع العلامة التالية 91 وكان أعضاء اللجنة المصرية يعلمون من خلال الوثائق والخرائط والأدلة التى فى حوزتهم بمكان العلامة الأخيرة على سلسلة الجبال غير إن الإسرائيليين أخذوا الفريق المصرى إلى أسفل فى الوادى ليروا ما سموه بقايا العمود الأخير وإلى جوار أشجار الدوم أشار الإسرائيليون إلى بقايا مبنى قديم قالوا هذا موضع العلامة (91) (وهذه الشجرة أشهر شجرة دوم فى مصر) إلا أن الوفد المصرى لم يقبل بهذا الموقع وأصروا على الصعود لأعلى وهناك وجد المصريون بقايا القاعدة الحجرية للعلامة القديمة ولكنهم لم يجدوا العمود الحديدى المغروس فى القاعدة والذى كان يحمل فى العادة رقم العلامة وقد اندهش الإسرائيليون عندما عثروا على القاعدة الحجرية وكانت الصدمة الكبرى لهم حين نجح أحد الضباط المصريين فى العثور على العمود الحديدى على منحدر شديد الوعورة حيث نزل وحمله لأعلى وطول هذا العمود متران وعرضه 15 سم ووزنه بين 60 و70 كجم وكان موجوداً عليه رقم (91). ولكن استمرت المراوغات الإسرائيلية إلا أن الوفد المصرى استطاع التوصل إلى أحقية مصر فى طابا، وكان لشجرة الدوم الشهيرة دور كبير فى إثبات هذا الحق، حيث بحث الجانب المصرى فى أرشيف القوات المسلحة وفى المتحف الحربى حتى وجدوا صورة قديمة لجنود مصريين بجوار شجرة الدوم الشهيرة، وكان تاريخ الصورة يعود إلى ما قبل عام 1967 وكانت الصورة بمثابة وثيقة هامة اعتدت بها المحكمة وحددت بها موقع العلامة 91،وبذلك كانت شجرة الدوم أحد أسباب استرداد طابا من يد المحتل الإسرائيلى. وطال الجدل حتى تم فى السادس والعشرين من فبراير 1989 توقيع الاتفاق النهائى لخروج إسرائيل نهائياً من آخر نقطة مصرية على أن يتم هذا فى الخامس عشر من مارس 1989 وتأخر حق توقيع هذا الاتفاق 25 دقيقة للاعتراض على مساحة 4.26 متر يمر فيها خط الحدود بسبب بناء إسرائيل كشك حراسة خرسانياً تم فى النهاية تقسيمه بين الطرفين. محكمة جنيف : فى يوم 29 سبتمبر 1988 عقدت الجلسة التاريخية الشهيرة فى جنيف وبينما كانت تعقد جلسات المحكمة دخلت هيئة المحكمة يتقدمها رئيسها القاضى السويدى جونار لاجرجرين لتنطق بالحكم لصالح مصر وعودة الحق لأصحابه فى حكم تاريخى بأغلبية 4 أصوات واعتراض وحيد من القاضية الإسرائيلية وجاء الحكم فى 230 صفحة حيث انقسمت حيثيات الحكم إلى ثلاثة أقسام : الأول إجراءات التحكيم ويتضمن مشارطة التحكيم وخلفية النزاع والحجج المقدمة من الطرفين والثانى أسباب الحكم ويتضمن القبول بالمطلب المصرى للعلامة 91 والثالث منطوق الحكم فى صفحتين جاء فيه فى الفقرة رقم 245 النتيجة على أساس الاعتبارات السابقة تقرر المحكمة أن علامة الحدود 91 هى فى الوضع المقدم من جانب مصر والمعلم على الأرض حسب ما هو مسجل فى المرفق ( أ ) لمشارطة التحكيم وتمثل منطوق الحكم فى التأكيد على أن: منطقة وادى طابا بأكملها وما عليها من منشآت سياحية ومدنية أرض مصرية خالصة. وهكذا عادت طابا إلى مصر فى 19 مارس 1989.