إن القصاص مكتوب على القاتل والمقتول وولى الدم. فإذا علم القاتل أن الله قد قرر القصاص فإن هذا يفرض عليه أن يسلم نفسه، وعلى أهله ألا يخفوه بعيدًا عن أعين الناس؛ لأن القاتل عليه أن يتحمل مسئولية ما فعل، وحين يجد القاتل نفسه محوطًا بمجتمع مؤمن يرفض القتل فإنه يرتدع ولا يقتل، إذن ففى القصاص حياة؛ لأن الذى يرغب فى أن يقتل يمكنه أن يرتدع عندما يعرف أن هناك من سيقتص منه، وأن هناك من لا يقبل المداراة عليه. ونأتى بعد ذلك للذين يتشدقون ويقولون:- إن القصاص وحشية وإهدار لآدمية الإنسان، ونسألهم:- لماذا أخذتكم الغيرة لأن إنسانًا يقتص منه بحق وقد قتل غيره بالباطل؟ ما الذى يحزنك عليه؟ إن العقوبة حين شرعها الله لم يشرعها لتقع، وإنما شرعها لتمنع. ونحن حين نقتص من القاتل نحمى سائر أفراد المجتمع من أن يوجد بينهم قاتل لا يحترم حياة الآخرين، وفى الوقت نفسه نحمى هذا الفوضوى من نفسه؛ لأنه سيفكر ألف مرة قبل أن يرتكب جريمة. إذن فالقصاص من القاتل عبرة لغيره، وحماية لسائر أفراد المجتمع ولذلك يقول الحق سبحانه:- چ? ? ? ?چ. إن الحق يريد أن يحذرنا أن تأخذنا الأريحية الكاذبة، والإنسانية الرعناء، والعطف الأحمق، فنقول:- نمنع القصاص.كيف نغضب لمعاقبة قاتل بحق، ولا نتحرك لمقتل برئ؟ إن الحق حين يشرع القصاص كأنه يقول:- إياك أن تقتل أحدًا لأنك ستُقتل إن قتلته، وفى ذلك عصمة لنفوس الناس من القتل. إن فى تشريع القصاص استبقاء لحياتكم؛ لأنكم حين تعرفون أنكم عندما تقتلون بريئا وستقتلون بفعلكم فسوف تمتنعون عن القتل، فكأنكم حقنتم دماءكم. وذلك هو التشريع العالى العادل. وفى القصاص حياة؛ لأن كل واحد عليه القصاص، وكل واحد له القصاص، إنه التشريع الذى يخاطب أصحاب العقول وأولى الألباب الذين يعرفون الجوهر المراد من الأشياء والأحكام، أو غير أولى الألباب فهم الذين يجادلون فى الأمور دون أن يعرفوا الجوهر منها، فلولا القصاص لما ارتدع أحد، ولولا القصاص لغرقت البشرية فى الوحشية.