اعتادت دار المعارف كل عام فى معرض القاهرة الدولى للكتاب على استضافة الكُتَّاب الكبار ونشر مؤلفاتهم لتحمل شعار (خذ المعارف من دار المعارف) إلا أن هذا الشعار تغير هذا العام ليصبح (كل المعارف من دار المعارف)، ولقد شهد المعرض فى دورته هذا العام حفل توقيع لعدد من إصدارات الدار منها كتاب (قالوا لى) للكاتب محمد سلماوى وكتاب (دقات على باب مصر) للكاتبة الصحفية د. هالة زكى، والذى أصدرته دار المعارف من سلسلة «اقرأ» بحضور زملائها فى مؤسسه الأهرام وعدد كبير من رواد المعرض. والكتاب يعد الإصدار الرابع للكاتبة بعد صدور (المقعد الخالى ومسيرة الحرية وفى رحاب آل البيت) ولقد هدفت الكاتبة من خلال كتابها الجديد إلى تذكيرالقارئ بتاريخه وآثار مصر وبضم لقطات تاريخية وجغرافيه طريفة من أحداث تاريخ مصر الدينى والسياسى والثقافى وعرضت د. هالة فى كتابها عددًا من الشخصيات العريقة التى أثرت فى تاريخ مصر. ولقد رجعت الكاتبة إلى عدد من المراجع الموثوقة وأعادت صياغتها فى صورة حكايات ليستمتع بها الكبار والصغار. ولقد امتازت الكاتبة بعرض فكرتها بأسلوب سردى ممتع ليعيش القارئ مراحل هذا التاريخ وكأنه مشارك فيه وراصد له، وصفحات الكتاب تختزل أهم وقائع الزمان وأحداثه فى مصر منذ أن خرجت من رحم الحياة إلى مشارف العصر الحديث وسلطت إضاءات كاشفة على أحداث التاريخ، واحتفت بشخصيات تركوا بصماتهم على عصرهم كبعض القادة والشعراء والعلماء أمثال (ابن خلدون وابن الهيثم والأصفهانى وصلاح الدين الأيوبى)بأسلوب سردى رائع رشيق غير معقد ليكون متاحًا لكل الاعمار. فالكتاب يسرد التاريخ وكأنه حديث لا ينتهى فى مقهى واختزل الكتاب أهم الأحداث فى مصر. وتقول د. هالة فى الحفل إن هذا الكتاب عن المتنصرين وهم من جاءوا إلى مصر وانصهروا فيها وقدموا كل إنجازاتهم العلمية والإبداعية وتركوا بصمتهم فيها كما قدمت لهم مصر وأصبحوا جزءًا من التاريخ. وأضافت أنها تحدثت فى كتابها عن كل الجاليات التى وفدت إلى مصر وانصهروا داخلها مثل الجالية التركية والإيرانية واليونانية والإيطالية. وأعلنت الكاتبة عن إصدار جديد لها سيكون عن الشخصيات المصرية وعن مصر قبل تكوين الأسر الفرعونية وحتى الفتح الإسلامى. قالوا لسلماوى وحل أيضًا الكاتب المشهور محمد سلماوى صاحب التاريخ اللامع فى الصحافه ضيفا على جناح دار المعارف فى المعرض لحضور حفل توقيع ومناقشه كتابه الأخير «قالوا لى» والذى أصدرته دار المعارف. وشهد الحفل حضور د. حسن أبو طالب رئيس مجلس إدارة دار المعارف وعدد كبير من رواد المعرض. يقدم لنا الكاتب محمد سلماوى فى كتابه الجديد جانبا من مشواره الصحفى والذى امتد لأكثر من 45 عاما ويحتوى الكتاب على مجموعة من اللقاءات الصحفية المتميزة مع عدد كبير من الشخصيات الدولية والعربية فى مختلف المجالات، ما بين ملوك ورؤساء وأدباء وفنانين وشخصيات عامه، ربطتهم علاقات شخصية بالكاتب ولقد حرص السلماوى على تنوع الشخصيات واهتم بنشر بعض الجوانب الخفية التى تنشر لأول مره عن هؤلاء الشخصيات التى أضافت الكثير الى البشرية ورسمت طريق المستقبل أمام الأجيال القادمة. الجدير بالذكر أن كل هذه اللقاءات تم نشرها فى مجله أكتوبر بين عامى (2006 - 2008) تحت نفس العنوان (قالوا لى). محمد سلماوى ولد عام 1945 هو كاتب ومترجم وأديب مصرى والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب. له عدة مؤلفات منها: مجموعة قصصية بعنوان الرجل الذى عادت إليه ذاكرته، مسرحيات: فوت علينا بكرة واللى بعده، القاتل خارج السجن، سالومى، اثنين تحت الأرض، رواية الخرز الملون. وفى عام 1991 عين مديرًا للتحرير بجريدة «الأهرام ويكلى» الصادرة باللغة الإنجليزية، ثم عين رئيسًا للتحرير بجريدة «الأهرام إبدو» الصادرة بالفرنسية. يمتاز سلماوى فى حواراته مع الشخصيات المهمة المختارة لعرضها فى كتابه الأخير باختراقه مكمن أسرار الشخصية فلا يكتفى بالسيرة الذاتية والحياتية للشخصية بل يهتم بإخراج كل الأسرار الطريفة والخفية تلك الأسرار التى تضيف للشخصية أبعاد إنسانية يجهلها القارئ. وخلال الحفل قال د. أبو طالب إن سلماوى غنى عن التعريف فهو كاتب ومبدع وصحفى ومؤلف مسرحى وبغض النظر عن المناصب لكونه رئيس اتحاد الكتاب إلا أنه صاحب كلمة وله بصمات واضحة وساهم كثيرا من خلال عمله بالمجلس الأعلى للصحافه فى دعم المؤسسة الصحفية بالفكر والتوجيه أما سلماوى فقال إنه سعيد بصدور الكتاب على المستوى الشخصى لأنه يلخص لحظه تعاون بينه وبين د. حسن أبو طالب والذى تربطه به علاقة وطيدة منذ كتاباته فى الأهرام إبدو تلك العلاقة التى نمت بمرور الوقت وصدور هذا الكتاب رمز لهذا التعاون بينهما. حوارات وشخصيات وعلى هامش الحفل يقول الكاتب محمد سلماوى لمجلة أكتوبر إن الكتاب يحتوى على العديد من المواقف الطريفة أثناء رحلاته ولقاءاته المختلفة بينه وبين الشخصيات التى حاورها ومن تلك الشخصيات (الرئيس السادات ونجيب محفوظ وبيل كلينتون وعبد المنعم مدبولى وفؤاد المهندس وهيلارى كلينتون وتوماس فريدمان ويوسف شاهين وماجدة الخطيب وجيهان السادات والملك كارل جوستاف) وغيرهم من الشخصيات اللامعة. وأضاف سلماوى أن من الأسرار اللطيفة التى عرضها فى كتابه خلال حواره مع ملك السويد «كارل جوستاف» أثناء سفره هناك لحضور احتفالات نوبل ممثلا عن نجيب محفوظ أنه كان شخصًا مرحًا عبر عن ذلك عندما قال إن طبخ الأكل أطعم بكثير من طبخ السياسة وأنه كان يتمنى العمل طبخا لأنه يهوى الطبخ ولو خيروه لاختار أن يكون طباخا بدلا من عرش البلاد. وأوضح سلماوى أنه اختار عددًا من الشخصيات لعرضها فى الكتاب يكون لها صفه الديمومة، أما عن شروط الحوار الجيد فيقول سلماوى إن الحوار من أصعب الأشكال الصحفية لأنه يعتمد على الشخص الآخر فإذا لم يدرس الصحفى مفاتيح الشخصية فلن يستطيع الحصول على حوار ناجح. فاختيار الشخصية من صعوبات القيام بحوار جيد ولابد من دراسة الشخصية جيدًا لتحديد الأسئله، أما عن طريقة محاورته للأشخاص المقربين منه مثل (داليدا ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم) فقال سلماوى إنه فى تلك الحالة يخرج عن ذاته ويطرح أسئلة موضوعية ليتحرر من معرفته الشخصية بهم ويقدم الشخصية كما قدمت نفسها بشكل موضوعى. ومن الحوارات التى أجراها سلماوى بالصدفة خلال مشواره الصحفى كان مع «آرثر ميللر» عندما فوجئ به جالسا بجواره فى مطار لندن بصالة الانتظار. وفى نهايه الحفل عبر سلماوى عن سعادته وانبهاره بمستوى الإخراج والتنفيذ للكتاب وبجناح دار المعارف وهذا بعد تجوله فى أروقة المعرض وأكد أن الكتاب من الأساس ملك لدار المعارف تلك الدار العريقة. من جهة أخرى حلّ فضيلة د. على جمعة المفتى السابق ضيفا على جناح دار المعارف بالمعرض لحضور حفل توقيع كتابه الجديد (المتشددون منهجهم ومناقشة أهم قضاياهم) فى الساعة الثالثة مساء الخميس الماضى، وشهد حفل التوقيع حضورًا كبيرًا من رواد المعرض. على جمعة.. والمتشددون والكتاب الجديد للدكتور جمعة من إصدارات دار المعارف ويحاول فيه تفنيد ادعاءات المتشددين الذين تسموا بالسلفيين، ويناقش د. على جمعة فى هذا الكتاب أفكار وآراء هؤلاء المتشددين ويفندها ورد على كل رأى بالحجة من الكتاب والسُّنة، وأكد الكاتب أن هؤلاء المتشددين صاروا عائقا لتقدم المسلمين وتجديد خطابهم الدينى والتنمية الشاملة التى يحتاجها العالم الإسلامى عامة حتى يلحق بركب العصر، كما أكد أن منهج الأزهر الوسطى هو المنهج المناسب لتحقيق المقاصد العليا من حفظ النفس والعقل والدين والكرامة الإنسانية. ويقول د. على جمعة إنه يهدف لمعارضة الفتاوى المتشددة والمحرضة التى تهدف لهدم الدولة، والرد عليها بحجج وبراهين من السنة والشريعة والقرآن، وبدليل قرآنى يفندها. ويحتوى الكتاب على التعريف الاصطلاحى للسلفية وسمات منهج المتشددين الذين تسموا بالسلفيين وتطور مصطلح السلفية فى التاريخ المعاصر . كما عرض الكتاب كل مسائل المتشددين التى جعلوها أصولا لهم وعنوانا عليهم بشكل تفصيلى وشرحها تفصيليًا، ومن تلك المسائل.. تحريم الاحتفال بالمولد النبوى وتحريم التوسل بالنبى واعتبار عد المسبحة بدعة واتساع مفهوم البدعة مما يترتب عليه تبديع أغلب المسلمين واعتبار التبرك بآثار النبى والصالحين شركا بالله. وخلال حفل التوقيع أكد د. جمعة أن الخطاب التدميرى التكفيرى بنى أسسه على بعض الشبهات ولمواجهة ذلك علينا تفكيك تلك الشبهات وهذا التفكيك سيظهر الكثير من عوار هذا الفكر ولهذا فمن الضرورى الرد على تلك الشبهات. وأكد د. جمعة فى حديثه عن داعش أن هؤلاء التكفيريين يعملون على تشويه صورة الإسلام وكل جيل منهم يكون أسوأ من سابقه وهى نظرية «تتالى الأجيال» والسبب فى ذلك عدم محاربة ذلك الفكر، موضحًا أن داعش تعمل على ترهيب العالم أجمع. ولقد أشار د. على جمعة إلى أن دار المعارف هى دار الثقافة والنور عبر 125 عاما من العطاء ولقد أسهمت فى بناء الوجدان المصرى وأوضح أن وضع دار المعارف فى نشر العلم والثقافة يصب فى مرادنا فى نفع البشرية بأكملها. الجدير بالذكر أن للدكتور على جمعة عددًا من الإصدارات من دار المعارف مثل (أمن المجتمع واستقراره – المساواة الإنسانية فى الإسلام بين النظرية والتطبيق – البيئة والحفاظ عليها من منظور إسلامى). وهناك كتاب آخر لفضيلة د. على جمعة من إصداراته معروض فى جناح دار المعارف ألا وهو (الوحى – القرآن الكريم) وهذا الكتاب هو خلاصة فكر العلامة على جمعة من خلال اعتلائه منبر مسجد السلطان حسن لسنوات طويلة ولقد تركزت مادة هذا الكتاب حول (الوحى – القرآن الكريم). ويقول د. على جمعة إن الله مَنَّ عليه منذ أواخر عام 1418 هجريا باعتلاء منبر المسجد الذى بناه السلطان حسن بن الناصر قلاوون وخطب فى هذا المسجد، واختار المؤلف بعضًا من خطب الجمعة والتى بها تعريف المسلم بربه وبالوحى الذى أنزل وبرسوله الذى أرسل. اهتم د. على جمعة فى كل فصل بعرض خطبة من الخطب موضحا قبل السرد أفكارها ثم شرحها بالتفصيل. محاكمة أولاد حارتنا صدر حديثًا عن دار المعارف كتاب «محاكمة أولاد حارتنا» للدكتور أحمد السيد عوضين، وقد شهد جناح المؤسسة مساء الخميس الماضى حفل توقيع الكتاب الذى تم عرضه بأسلوب قصصى روائى جذاب وهو مجهود ضخم يتضمن ما دار حول الرواية التى حملت تأويلات كثيرة نتيجة للرموز الكثيرة فى رواية أولاد حارتنا. ويتناول الكتاب مضمونا مختلفا فى مادته، فهو يقدم إحاطة شاملة لقضية رواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ، حيث بدأ بتحليل شخصياتها، ورد فعل مؤسسة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وخطباء المساجد والصحفيين والكُتاب وأصحاب الأعمدة، كل بحسب توجهاته ورؤاه، ثم عرض للمحاكمة نفسها أمام القضاء وما انتهى إليه الحكم من براءة الكاتب الكبير من تهمة ازدراء الأديان، مما مهد لطبع الرواية فى مصر. يذكر أن مؤلف هذا الكتاب هو محامى «نجيب محفوظ»، وهو هنا يسوق كل ما يتعلق بهذه القضية من حيثيات وآراء مختلفة . وأشار د. أحمد السيد عوضين خلال حفل التوقيع إلى أن رواية «أولاد حارتنا» تعرضت لعدة محاكمات وليست محاكمة واحدة وليست محاكمة قضائية فقط، وكلها جرت فى أوقات متباينة وأوساط مختلفة وأشار إلى أن الرواية نشرت وقتها مسلسلة فى جريدة الأهرام ووصفت بأسوأ الأوصاف التى تمس العقيدة رغم أنها لاقت إقبالا من القراء لما تحمله من عناصر التشويق. وأضاف أنه فى هذا الوقت ظهرت العديد من المؤلفات تتحدث عن الرواية وكثير منها كانت كتبًا غير منصفة مثل ما كتبه الشيخ كشك وقالوا إن محفوظ جسد الإله فى شخصية الجبلاوى، بالإضافة إلى تجسيد الأنبياء رغم أنها من الأساس ليست رواية دينية. وأوضح الكاتب أن الرواية تهدف إلى توصيل رسالة إلى العالم بأنه لن يتقدم إلا بقوة العلم والدين معا فلا صلاح للمجتمع بواحد منهما فالدين قائم على العلم والعمل والمعرفة.