رغم التوابع المزلزلة لحادث صحيفة «شارلى إبدو»، إلا أن الصحيفة الفرنسية لم تتوقف عن ممارساتها التى تهدف إلى استفزاز المسلمين وإهانة مقدساتهم، وأعادت نشر رسوم مسيئة للنبى محمد y فى أول عدد لها بعد الهجوم الذى تعرضت له، الأمر الذى اعتبره كثيرون إصرارا من الصحيفة على استفزاز المسلمين وتأجيجا للكراهية، ولاقى إدانة رسمية وشعبية واسعة حيث خرجت التظاهرات الرافضة للإساءة للرسول y فى عدد كبير من المدن والعواصم الإسلامية، كما عبر زعماء وحكومات عربية وإسلامية عن إدانتهم لتصرف الصحيفة غير المسئول. ومن جانبها، أصدرت الهيئة العالمية للتعريف بالرسول ونصرته بيانا للتعليق على الاعتداء على المجلة ومعاودتها نشر الرسوم المسيئة معتبرة أن نشر هذه الإساءات من شأنه إثارة الأحقاد داعية المسلمين فى الوقت ذاته إلى التعامل بأسلوب واع مع هذه الممارسات. وفى استراليا، نقلت العديد من الصحف فى الصفحة الأولى لهذا العدد من صحيفة شارلى إبدو التى طبعت منه خمسة ملايين نسخة، وبحجة حرية الرأى والتعبير دافعت الولاياتالمتحدة على لسان نائبة المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارى هارف عن حق الصحيفة فى نشر صور للرسول y رغم احتجاج المسلمين، كما اعتبر الرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند أن نشر الرسوم حرية تعبير واتهم المحتجين بأنهم لا يفهمون مدى ارتباط فرنسا بحرية الرأى. والغريب أن استطلاعا للرأى أجراه معهد ايفوب الفرنسى، أظهر أن 57% من الفرنسيين مع نشر الرسوم المسيئة دون الاكتراث بمشاعر المسلمين بينما قال 43% إنهم لا يوافقون على نشر تلك الصور. وفى المقابل استنكر رئيس وزراء روسيا السابق يفجينى بريماكوف الرسوم المسيئة مطالبًا بالابتعاد عن مثل هذه التصرفات مشددًا على ضرورة استخلاص دروس وعظات مختلفة من الهجمات التى تعرضت لها صحيفة شارلى إبدو الساخرة وأوضح أنه من الخطأ بمكان الدفاع عن حرية الصحافة من خلال رسوم كاريكاتيرية تؤلم المسلمين لافتًا إلى أنه كما نعادى العنصرية ومعاداة السامية علينا كذلك أن نقف ضد كل من يستهدفون القيم الدينية للمسلمين. ووصف الكاتب البريطانى تونى باربر، الصحف التى تنشر الصور المسيئة للنبى y مثل شارلى إبدو بأنها غبية وتفتقد للمنطق السليم وينم محتواها عن توجيه ضربة للحرية عندما تستفز المسلمين. كما امتنعت العديد من وسائل الإعلام عن نشر الرسومات التى قد تستفز مشاعر المسلمين، حيث حذرت هيئة تنظيم شئون الإعلام فى موسكو الإعلام الروسى من مغبة نشر الرسوم الدينية التى قد تعتبر مسيئة وأن إعادة طبع هذه الرسوم الساخرة الآن سيعد بمثابة جريمة حسب القانون الجنائى الروسى. وفى هذا السياق، أصدرت محكمة روسية حكما على مواطن روسى بالحبس ثمانية أيام بسبب تعليق لافتة احتجاجية غير مرخصة فى مركز المدينة تحت شعار «أنا شارلى»، كما حكم على آخر بدفع غرامة نحو 300 دولار بسبب الجريمة ذاتها. وقد رفضت شبكة «سى إن إن» الأمريكية عرض الغلاف الجديد لمجلة شارلى إبدو والذى حمل رسما للرسول y معلنة أن عرض تلك الصور يخالف سياسة تحرير الشبكة الإخبارية. وأكدت وكالة «اسوشيتد برس» أن لديها سياسة راسخة تقتضى عدم النشر المتعمد للصور المستفزة. وقالت صحيفة «ايلاند بوستين» الدنماركية إنها لن تعيد نشر رسوم صحيفة شارلى المسيئة للإسلام خوفا على أرواح محرريها من المصير الذى تعرض له محررو صحيفة شارلى. وعرفت شارلى إبدو وهى مجلة يسارية أسبوعية متواضعة الانتشار بطابعها الساخر وخطابها الاستفزازى والمناوىء لكل الأديان خاصة الإسلام، وقد رأت فى سخريتها من الإسلام والمسلمين حرية تعبير والتى بدأت من 2006 عندما أعادت نشر الرسوم الدنماركية التى أشعلت العالم الإسلامى أعقبتها برسومات تصف المسلمين بالفاشيين والنازيين. ونظرا لتفننها فى استفزاز المسلمين تعرضت الصحيفة لملاحقات قضائية بعدما رفعت جمعيات مناهضة للعنصرية دعوى عليها بتهمة الحث على الكراهية وتعزيز الإسلاموفوبيا فى فرنسا إلا أن قرار المحكمة برأها وكان مبرره حينها أن الجريدة تنتقد جماعات بعينها لا المسلمين بشكل مطلق.