اليونان تنفي تقارير تتهمها بمعاملة المهاجرين غير الشرعيين بوحشية وتركهم يموتون في البحر    يديعوت أحرونوت: هل تنضم إيران لحزب الله في حرب مع إسرائيل؟    الجيش الأمريكى: تدمير 4 رادارات وطائرة مسيرة للحوثيين    لقطة أثارت الجدل.. لماذا اشتبك محمد عواد مع حسام عبدالمجيد؟    عاجل.. سمير عثمان يكشف سبب عدم احتساب ركلة جزاء زيزو هدفا    تعرف على طقس ثالث أيام عيد الأضحى.. انخفاض درجات الحرارة    السياحة والآثار: الحالة العامة للحجاج مستقرة وتم التأكد من تلقيهم كافة الخدمات    4 مشاهد من العرض الخاص ل«ولاد رزق 3» في الرياض.. الهضبة يُهنئ عز على فيلمه    عبد الله غلوش: «إفيهات» الزعيم عادل إمام لا تفقد جاذبيتها رغم مرور الزمن    نائب أمير مكة يسلم كسوة الكعبة لسدنة بيت الله الحرام    تامر حسني يبهر جمهوره بالطيران في الهواء بحفل ثاني أيام العيد (صور)    بوتين: روسيا وكوريا الشمالية تتعهدان بإفشال المخططات الغربية وفرض نظام عالمي جديد    مسؤول إسرائيلي يعلق على مصير عشرات الرهائن في غزة    «الحمل الوديع الذي يأكله الذئب».. مدحت العدل يهاجم مجلس الزمالك بعد الخسارة أمام المصري    طاقم حكام مباراة زد أف سي وفاركو في الدوري    ملف مصراوي.. أزمة ركلة جزاء زيزو.. قرار فيفا لصالح الزمالك.. وحكام الأهلي والاتحاد    واشنطن: تشكيل حكومة الحرب الإسرائيلية قرار لا يخصنا    ولي العهد السعودي يؤكد ضرورة الوقف الفوري للاعتداء بغزة    شديد الحرارة نهارًا.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الثلاثاء 18 يونيو 2024    ضحايا الحر.. غرق شخصين في مياه النيل بمنشأة القناطر    جوتيريش يدعو دول العالم إلى سرعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    عبدالحليم قنديل: طرحت فكرة البرلمان البديل وكتبت بيان الدعوة ل25 يناير    شهداء ومصابون فى قصف للاحتلال على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    منتخب فرنسا يبدأ مشواره فى يورو 2024 بالفوز على النمسا بهدف ذاتى    مفتي الجمهورية: نثمن جهود السعودية لتيسير مناسك الحج    عارفة عبد الرسول تكشف سرقة سيدة لحوما ب2600.. وتعليق صادم من سلوى محمد علي    فجرها خطيب وإمام المسجد الحرام، وفاة الداعية عمر عبد الكافي إشاعة أم حقيقة    افتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ بمستشفيات جامعة عين شمس.. 25 يونيو    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    قتل شخصين أول أيام العيد، مقتل عنصر إجرامي في تبادل لإطلاق النار مع الأمن بأسيوط    مفاجأة عن الحالة الصحية للطيار المصري قبل وفاته، والشركة تبرر تصرف مساعده    «قضايا الدولة» تهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عودته بعد أداء فريضة الحج    تعرف على حدود التحويلات عبر تطبيق انستاباي خلال إجازة العيد    محافظ المنيا: حملات مستمرة على مجازر خلال أيام عيد الأضحى    هيئة الدواء المصرية تسحب عقارا شهيرا من الصيدليات.. ما هو؟    8 أعراض تظهر على الحجاج بعد أداء المناسك لا تقلق منها    «الأزهر» يوضح آخر موعد لذبح الأضحية.. الفرصة الأخيرة    تعرف على سعر الفراخ والبانيه والبيض بالأسواق اليوم الثلاثاء 18 يونيو 2024    الزمالك يهدد بمنتهى القوة.. ماهو أول رد فعل بعد بيان حسين لبيب؟    محمود فوزي السيد: عادل إمام يقدر قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه (فيديو)    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    تراجع سعر سبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن ثالث أيام العيد الثلاثاء 18 يونيو 2024    بعد الارتفاع الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 18 يونيو في ثالث أيام العيد    وزراء البيئة بالاتحاد الأوروبي يوافقون على قانون استعادة الطبيعة    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    السيطرة على حريق بمحل بطنطا دون خسائر في الأرواح.. صور    معركة حسمها إيفان.. حكم الفيديو أنقذنا.. تعليقات الصحف السلوفاكية بعد الفوز على بلجيكا    تهنئة إيبارشية ملوي بعيد الأضحى المبارك    االأنبا عمانوئيل يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب    وكيل «صحة الشرقية» يقرر نقل 8 من العاملين بمستشفى ههيا لتغيبهم عن العمل    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام حرب العواصم والمدن
نشر في أكتوبر يوم 28 - 12 - 2014

شهد عام 2014 ظاهرة لم يعرفها العرب منذ حوالى نصف قرن، وهى سقوط واحتلال عواصم ومدن عربية، ولم يكن المحتل الكيان الصهيونى.. بل كان ميليشيات مسلحة تباينت دوافعها وأهدافها.
فقد شهد الحادى والعشرون من سبتمبر سقوط العاصمة اليمنية صنعاء فى أيدى ميليشيات الحوثيون، وبعد ذلك سقطت المدن اليمنية تباعا، وسيطر الحوثيون على كل مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية وفرضت واقعا مغايرا على الأرض وأعادت تشكيل الخريطة السياسية كما تريد وبقوة السلاح. وكما سقطت صنعاء سقطت العاصمة الليبية طرابلس فى أيدى ميليشيات فجر ليبيا الإرهابية منذ شهر أغسطس الماضى.
ولم يتوقف مسلسل سقوط المدن العربية عند هذا الحد، فقد سقطت الموصل ثانى أكبر المدن العراقية فى أيدى تنظيم داعش الإرهابى بعد فرار الجيش المدافع عن المدينة.
وعلى الأرض السورية دارت معارك حامية حول مدينة عين العرب الحدودية بين تنظيم داعش الساعى لإحتلال المدينة وقوات البيشمركة الكردية المدعومة بغارات التحالف الدولى.
استرداد بنغازى
أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة أواخر أغسطس الماضى أن أغلب مقار الوزارات والمؤسسات والهيئات الرسمية فى طرابلس باتت خارج سيطرتها، لافتة إلى أنها تمارس مهامها من خارج العاصمة حتى تأمينها. وقالت الحكومة، التى تدير أعمالها من أقصى شرق ليبيا لتجنب ضغوط الميليشيات الإسلامية الحاضرة بقوة فى طرابلس، فى بيان جاء فيه إن «هذه المقار محتلة من قبل مسلحين بعد أن تمت محاصرتها واقتحامها من قبلهم حيث قاموا بمنع موظفيها من دخولها وهددوا وزراءها ووكلاءهم». وأضافت أنه «بات من الخطورة بمكان وصول موظفى الدولة إلى مقار عملهم من دون تعرضهم للخطر سواء بالاعتقال أو بالاغتيال».
وكان رئيس الحكومة عبد الله الثنى قد أعلن فى 25 أغسطس الماضى خلال مؤتمر صحفى عقده فى طبرق أن ميليشيات إسلامية قامت بنهب وإحراق منزله فى طرابلس. ويومها اتهم الثنى الميليشيات الإسلامية المعروفة باسم «فجر ليبيا» والمنحدر معظمها من مدينة مصراته بهذا التعدى على منزله الواقع فى أحد الأحياء جنوبى طرابلس، مؤكداً أن أمن العاصمة غير متوفر عموماً وأن مقر الحكومة مهدد أيضاً.
كانت ميليشيات أنصار الشريعة تسيطر على مدينة بنغازى، لكن انطلاق عملية الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر قلب الموازين فى بنغازى واستطاع تحرير المدينة من غاصبيها، وأحكم الجيش سيطرته على أحياء بنغازى، حيث تنحصر المواجهات فى حى الصابرى، وقام وفد من الحكومة والبرلمان الليبى بزيارة بنغازى للتأكيد على دعم الحكومة للعملية العسكرية التى يقوم بها الجيش فى مواجهة المسلحين وكان الجيش قد طالب سكان حى الصابرى بإخلائه تمهيدا لعملية الاقتحام وعلى صعيد متصل، قال رئيس هيئة الأركان العامة فى الجيش الليبى، اللواء عبد الرازق الناظورى، إن السيطرة على مدينة بنغازى باتت مسألة وقت وأن الجيش الليبى استطاع تحقيق السيطرة على المدينة بأكملها.
قال رئيس الوزراء الليبى عبد الله الثنى إن قوات الجيش والمجموعات الشبابية التى تدعمها، تمكنت من الدخول إلى مدينة بنغازى، لمواجهة المجموعات المسلحة وأضاف الثنى، أن المعركة ضد الإرهاب فى بنغازى مستمرة ولن تتوقف إلى أن يتم القضاء على الإرهاب. كما قال إن الجيش تمكن من السيطرة على معسكر 17 فبراير الذى كانت تسيطر عليه الجماعات المتطرفة، مشيرا إلى أن محيط مدينة بنغازى بات منطقة آمنة.
وكان الجيش الوطنى الليبى قد بدأ معركة تحرير بنغازى من المتطرفين بهجوم برى على عدة محاور تحت غطاء جوى. واستهل الهجوم على مواقع المتطرفين من أكثر من محور تحت غطاء جوى أمنته مقاتلات حربية ليبية.
يأتى هذ بالتزامن مع إعلان اللواء، خليفة حفتر، أن القوات الموالية له صارت جاهزة لتحرير مدينة بنغازى من «الإرهابيين»، فى إشارة إلى المقاتلين الإسلاميين، وفى مقدمتهم أعضاء جماعة «أنصار الشريعة».
وسمعت عدة انفجارات مدوية هزت أحياء متفرقة من المدينة، فضلاً عن إطلاق رصاص على نحو متقطع وسط المدينة وفى أحياء متفرقة منها
جماعة تبتلع دولة
استغل الحوثيون عاطفة الناس وتصدروا فكرة الدفاع عن مظلومية الشعب إزاء قرار حكومى خاطئ برفع أسعار المشتقات النفطية، وتحركوا بمخيماتهم المسلحة وطوقوا العاصمة صنعاء من ثلاث اتجاهات، مطالبين بإلغاء رفع الأسعار، وإقالة الحكومة، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطنى. كانت الخيانة هى الكلمة الأكثر تكرارا على ألسنة اليمنيين منذ سقطت كامل مؤسسات الدولة فى يد الجماعة الحوثية، التى طمأنت المبعوث الأممى جمال بن عمر حين أطال بقاءه فى صعدة لإقناعها بالتوقيع على وثيقة الحلول، وأبلغته أنه لا داعى للقلق إزاء تحركاتها بصنعاء، وأنها تستهدف مقر الفرقة الأولى مدرع المحسوبة على مستشار الرئيس اللواء على محسن الأحمر، القائد الميدانى للحروب الست التى شنها نظام عبدالله صالح السابق ضد الحوثيين بصعدة، والهدف الآخر جامعة الإيمان التابعة للداعية عبد المجيد الزندانى، وستتوقف فور اقتحام هاتين الجهتين، وتمثل اقتناع هادى بفكرة الحوثيين بغضه الطرف عن تصرفات وزير الدفاع الداعمة للحوثيين عسكريا، أما القوة العسكرية الحوثية التى أبهرت الناس فلم تكن غيرغطاء لرجال الرئيس السابق، حيث استثمر الزعيم الحوثى خمسة عوامل مجتمعة رغبة انتقامية لدى الرئيس السابق ضد كل من ساهم وشارك فى ثورة فبراير 2011 التى أسقطته.
حالة احتقان شعبى واسعة تجاه حكومة الوفاق الوطنى التى خيبت آمال الناس، وزادت فى ضغائنهم تجاه ثورة فبراير، وزاد فى ذلك قرار تحرير أسعار الوقود، مما جعل الحوثى يستغل عاطفة الناس ويتقدم صفوف الدفاع عن الفقراء. وفوق ذلك، غلطة الرئيس هادى الذى بالغ فى دلال الحوثيين وإرسال الوفود والوسطاء إلى صعدة (300 كم شمال العاصمة)، وحين كان يلتقى سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية كان يدعو «جميع الأطراف إلى تحكيم العقل وعدم الانجرار إلى العنف» مع أن الطرفين المتنازعين هما الحوثى والجيش، لكن هادى يشير بطرف خفى إلى حزب الإصلاح، ومثله فعل سفراء الدول العشر.
وتقدم خبراء فى السياسة والقتال بنصائح إلى هادى، من بينها: إذا كنت جادا فى منع اقتحام الحوثيين للعاصمة فانقل المعركة إلى أراضيهم (صعدة) عن طريق تعزيز جبهة الجوف القتالية وتمكينها من الدخول إلى صعدة عبر بوابة كتاف. ولكنه رفض قبل ثلاثة أيام من سقوط صنعاء بدأت المواجهات فى غرب العاصمة، ثم فى حيى شملان ومذبح، وهما المدخل الغربى لصنعاء، ومنهما باتجاه شارع الثلاثين المؤدى إلى الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان.
فى تلك اللحظات طلب الرئيس هادى من مستشاره اللواء محسن أن يرتدى بدته العسكرية ويذهب لقيادة المعركة، وحين اشتد القتال وتقدمت مليشيا الحوثى، طلب محسن تعزيزات عسكرية، فماطل هادى، وعند ظهيرة الأحد حدث التحول المفاجئ، حيث تحرك اللواء محسن إلى منزل الرئيس هادى وطلب منه مددا عسكريا وغطاء جويا، فرفض هادى بقوة، وخلافا لحسابات هادى، سيطر الحوثيون على كامل مؤسسات الدولة بما فيها وزارتا الدفاع والداخلية، ورئاسة الحكومة والبرلمان والبنك المركزى والقيادة العامة للقوات المسلحة، مع قصف واقتحام التلفزيون اليمنى، ولا يزالون حتى اللحظة ينتشرون فى دوريات أمنية راجلة فى كل شارع.
سقوط الموصل
فى أواخر مايو الماضى اعتقلت قوات الأمن العراقية سبعة أعضاء فى تنظيم داعش فى مدينة الموصل وعلمت أن المجموعة تخطط لشن هجوم على ثانى أكبر المدن العراقية فى أوائل يونيو.
وطلب الغراوى قائد العمليات فى محافظة نينوى وعاصمتها الموصل تعزيزات من أكثر القادة تمتعا بثقة رئيس الوزراء آنذاك نورى المالكى. ولأن الجيش العراقى كان منهكا فقد تجاهل الضباط الكبار هذا الطلب. كما نقل دبلوماسيون فى بغداد معلومات عن هجوم وقيل لهم أن قوات عراقية خاصة ترابط فى الموصل وبإمكانها التعامل مع أى تطورات.
ففى الساعة الثانية والنصف صباح يوم السادس من يونيو عاد الغراوى ورجاله إلى غرفة العمليات بعد تفقد نقاط التفتيش فى المدينة التى يبلغ عدد سكانها مليونى نسمة. وفى تلك اللحظة كانت قوافل من شاحنات البيك أب تتقدم من اتجاه الغرب عبر الصحراء التى تقع فيها الحدود الفاصلة بين العراق وسوريا.
وكان بكل شاحنة أربعة من ارهابيى داعش. وشقت هذه القوافل طريقها إلى نقاط التفتيش التى كان بكل منها رجلان لتدخل المدينة.
وبحلول الساعة الثالثة والنصف صباحا كان الارهابيون المتشددون يحاربون داخل الموصل. وبعد ثلاثة أيام ترك الجيش العراقى الموصل للمهاجمين.
وأدى سقوط المدينة إلى سلسلة من الأحداث التى مازالت تعيد تشكيل العراق رغم مرور أشهر.
فكانت سببا فى بدء هجوم استمر يومين واقترب فيه ارهابيو التنظيم لمسافة 153 كيلومترا من بغداد مما أدى لسقوط أربع فرق عراقية وأسر ومقتل آلاف الجنود العراقيين.
وساهم هذا الهجوم فى إزاحة المالكى عن منصبه كما دفع القوى الغربية وحلفاءها من دول الخليج العربية إلى بدء حملة قصف جوى لمواقع المتشددين الإسلاميين فى العراق وسوريا.
هذا ويظهر تحقيق أجرته وكالة رويترز أن مسئولين عسكريين من مستوى أرفع والمالكى نفسه يتحملون جانبا من اللوم على الأقل.
فقد شرح عدد من أرفع القادة والمسئولين العراقيين بالتفصيل للمرة الأولى كيف استفاد تنظيم داعش من نقص القوات والخلافات فيما بين كبار الضباط والزعماء السياسيين فى العراق وحالة الذعر التى أدت إلى ترك المدينة.
وساهم ذلك فى ظهور الخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش داخل الموصل نفسها. واتهم ضابط عراقى الغراوى بأنه لم يحشد القوات لوقفة أخيرة فى مواجهة داعش.
من جانبه يقول الغراوى إنه ظل صامدا ولم يصدر الأمر النهائى بالانسحاب من المدينة. ويقر آخرون اشتركوا فى المعركة صحة هذا الزعم ويقولون إن الغراوى ظل يقاتل حتى سقطت المدينة. وعند ذلك فقط هرب الغراوى من ساحة المعركة.
وبينما كان ارهابيو داعش يسابقون الريح صوب الموصل قبل فجر يوم السادس من يونيو كان الجهاديون يأملون كما قال واحد منهم فيما بعد لصديق فى بغداد أن يستولوا على إحدى الضواحى لعدة ساعات. فلم يتوقعوا أن تنهار سيطرة دفاعات المدينة.
عموما كان من المفترض أن يكون عدد رجال الجيش والشرطة فى المدينة ما يقرب من 25 ألفا. أما فى الواقع فلم يكن العدد يزيد فى أحسن الأحوال عن عشرة آلاف كما قال عدد من المسئولين المحليين وضباط الأمن.
وفى حى مشرفة وهو من نقاط الدخول إلى المدينة كان عدد الجنود فى الخدمة ليلة السادس من يونيو 40 جنديا فقط.
ومع تسلل المتشددين إلى المدينة استولوا على عربات عسكرية وأسلحة. وقال ضابط الصف الذى يعمل فى المدينة إن المتشددين شنقوا عددا من الجنود وأشعلوا النار فى جثثهم وصلبوا البعض وأشعلوا النار فيهم على مقدمة سيارات الهمفى.
وفى صباح اليوم التالى التقى الغراوى محافظ نينوى أثيل النجيفى. ولم يكن المحافظ صديقا بل سبق أن اتهم الغراوى بالفساد وهو اتهام نفاه الغراوى. والآن كان مصير المدينة يتوقف على الغراوى. وسأل أحد مستشارى النجيفى الغراوى عن أسباب عدم قيامه بهجوم مضاد.
وقال له الغراوى «لا يوجد ما يكفى من القوات.» وكان الفريق بابكر زيبارى يرأس الغراوى ورئيسا لهيئة الأركان للقوات المسلحة فى بغداد. واتفق فى الرأى أنه لا يوجد ما يكفى من الرجال لإلحاق الهزيمة بالارهابيين. وسبق أن رفض المالكى فرصة لتغيير هذا الوضع.
وفى السابع من يونيو عرض رئيس إقليم كردستان مسعود البرزانى ارسال قوات البشمركة الكردية لتقديم العون. ووصل هذا العرض إلى المالكى الذى قال زيبارى إنه رفضه مرتين عن طريق وزير الدفاع.
كما حاولت الأمم المتحدة ودبلوماسيون أمريكيون التوسط فى وضع ترتيبات مقبولة للمالكى الذى ظل على ارتيابه فى نوايا الأكراد. وأصر المالكى أن القوات العراقية تكفى وزيادة. وأكد مكتب البرزانى أن العروض الكردية بتقديم المساعدة قوبلت بالرفض.
عقدة داعش
بات من المؤكد أن تنظيم «داعش» فشل فى احتلال عين العرب (كوبانى) وبات بقاء مقاتليه ضمن أحياء المدينة مسألة وقت ليس أكثر، فيما أصبح سقوط عين العرب مستحيلاً، والأخبار كلها تدور حول خطة التحرير.
أمام تقهقر التنظيم فى عين العرب التى صمدت نحو شهرين بأسلحتها التقليدية فى مواجهة عتاده الثقيل والدعم اللا محدود من الذخيرة والسلاح عبر خطوط إمداده المفتوحة من ثلاثة اتجاهات، مقابل حصار من أربعة اتجاهات، كان صمود عين العرب رسالة إلى ضمير الإنسانية مفادها بأنهم يحاربون الإرهاب نيابة عن العالم.
داعش لم يكن ليتصور أن تصمد عين العرب فى وقت تمكن من احتلال محافظات كالرقة، والموصل ودير الزور كما احتل مطارات، لتشكل عين العرب عقدة المدائن حيث مُنى فيها «داعش» بخسائر فادحة فى العتاد والسلاح والمقاتلين، إلى درجة أنهم باتوا يسمونها «عين الشهداء» بدل «عين السلام» لكثرة قتلاهم، وخصوصاً بعد أن حسم التحالف مسألة حماية عين العرب بالقصف الجوى للتنظيم.
معلومات تؤكد أن الضربات الجوية للتحالف ولّدت حالة من الرعب فى صفوف مقاتلى التنظيم الذين باتوا عاجزين عن التحرك والتجمع بحرية، وأن التوجه إلى عين العرب بالنسبة إليهم أصبح انتحاراً وهو ما دفع بالكثيرين منهم إلى الفرار. وبرزت خلافات كبيرة بين قيادات «داعش» تشتد حدتّها بعدما جذبت عين العرب التحالف والبيشمركة والجيش الحر، وبالتالى فتح الحدود التركية وكسر حصار المدينة، وهو ما كان بحق بركاناً لم يتصوره «داعش» بهذه السرعة.
وشكّل توحّد الأكراد والعرب فى عين العرب ضربة أخرى ضد «داعش»، الذى يتمدّد بالأصل نتيجة غياب التنظيم العسكرى لكتائب الجيش الحر ، وكان الاتفاق الكردى - العربى فى محيط عين العرب أحد أكبر مخاوف التنظيم فى سورية فى أن تصبح حالة اقتداء لبقية المناطق فتتوحّد كتائبها، لذلك هجم بأكثر أسلحته فتكاً يسابق الوقت لاستكمال احتلال عين العرب، وبثّ فى مقاتليه الأنصار وعائلاتهم بفتوى أن كل ممتلكات الأكراد هى غنائم حرب حلال لهم فزاد عدد المنتسبين إلى صفوفه بحثاً عن الثروة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.