كشفت مشاركة الوفد المصرى فى اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى عن التغير الجذرى فى تقييم المؤسسات الدولية للاقتصاد المصرى بفعل نجاح السياسات الاصلاحية التى تجريها الحكومة، والاتفاق بين القيادة السياسية وجموع الشعب، وأسفرت القمة عن العديد من الايجابيات منها الاتفاق على صدور تقرير خبراء صندوق النقد الدولى عن أداء الاقتصاد المصرى فى نوفمبر المقبل قبل انعقاد مؤتمر المانحين أو أصدقاء مصر فى فبراير القادم، علاوة على مشاركة مؤسسات التمويل العالمية وفى مقدمتها صندوق النقد الدولى والبنك الدولى هذه القمة، وهو ما وصفه خبراء الاقتصاد بالفرصة الواعدة للاقتصاد المصرى. وتعد هذه المشاركة جواز مرور لتدفق الاستثمارات الأجنبية واقبال البنوك العالمية والاقليمية على تمويل المشروعات التنموية المصرية «أكتوبر» تطرح فى سياق الموضوع التالى أهم ما جاءت به هذه القمة وانعكاستها على واقع الاقتصاد المصرى. بداية صرح هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى بأن لقاءات الوفد المصرى المشارك فى اجتماعات صندوق النقد الدولى بواشنطن، مع كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد تطرقت إلى الإجراءات الإصلاحية الاقتصادية التى اتخذتها مصر خلال الفترة الماضية، وتشمل هيكلة دعم الطاقة، والانتهاء من قانون الاستثمار الموحد المنتظر صدوره قريبًا، ونجاح طرح شهادات استثمار قناة السويس الجديدة، مؤكدًا أن كريستين لاجارد أشادت بتلك الإجراءات الجريئة، لافتًا إلى أن مصر مرحب بها من جميع المؤسسات الدولية والمستثمرين، وهو ما لمسه خلال اجتماعات واشنطن هذا العام مع المؤسسات الدولية والمستثمرين. وكشف «رامز» عقب مشاركته فى الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى، عن التفاصيل الكاملة لمشاركة الوفد المصرى المكون من وزير المالية ووزيرة التعاون الدولى وفريق العمل المعاون بتلك القطاعات، مشيرًا أن الوفد المصرى أكد لمدير عام صندوق النقد الدولى، أن الحكومة المصرية مستمرة فى إجراءات إصلاح الاقتصاد المصرى، والتجهيز لمؤتمر القمة الاقتصادية فبراير المقبل التى تستهدف جذب الاستثمارات للبلاد، والتقدم فى المشروعات القومية التى تعمل مصر على اتمامها وأن المؤشرات الاقتصادية فى مصر تتحسن، مما يؤكد ثقة المصريين فى اقتصاد بلادهم، والتفاف الشعب المصرى حول الإجراءات التى تتخذها الحكومة لدعم الاقتصاد. وأشار رامز، أن الوفد المصرى تطرق خلال الاجتماع مع مدير عام صندوق النقد الدولى، إلى نجاح طرح شهادات استثمار قناة السويس التى أسفرت عن جمع 64 مليار جنيه ما يعادل 8.5 مليار دولار فى وقت قياسى – 8 أيام عمل – مما يوجه رسالة للعالم بأن المصريين على ثقة فى الاقتصاد المصرى، ومدى قوة الجهاز المصرفى المصرى الذى نجح فى أداء هذا الكم من العمليات المصرفية فى هذه الفترة الوجيزة. ومن ناحية أخرى أكد رامز أن مصر أصبحت لمس خلال اللقاءات التى عقدها بصفته محافظ البنك المركزى المصرى مع العديد من المستثمرين من مختلف أنحاء العالم النظرة الإيجابية الكبيرة للاقتصاد المصرى بفضل الخطوات الاصلاحية الجرئية التى اتخذتها الحكومة المصرية. ومن جانبها صرحت وزيرة التعاون الدولى، نجلاء الأهوانى إن بعثة من صندوق النقد الدولى ستزور مصر نهاية العام الجارى بهدف مراجعة الأوضاع والمؤشرات الاقتصادية المصرية ، فى أول زيارة يقوم بها وفد من الصندوق منذ مارس 2010، مؤكدة أن الإشارات الإيجابية التى يرسلها صندوق النقد والمؤسسات المالية الأخرى حالياً تصب فى صالح الاقتصاد المصري. ووذكرت وزيرة التعاون الدولى، التى مثلت مصر فى الاجتماع الوزارى لمجموعة ال24 برئاسة مصر أن الوفد المصرى المشارك فى اجتماعات البنك وصندوق النقد بدأ نشاطه بمقابلة مدير وكالة التنمية الدولية الأمريكية راجيف شاه لبحث سبل تنفيذ وتفعيل الاتفاقيات التى تم توقيعها مع الوكالة الأمريكية قبيل اجتماعات صندوق النقد الدولى ، كما تطرق الاجتماع إلى المساعدات الأمريكية خلال عامى 2014 و2015. وأشارت أن الوفد تحدث خلال مشاوراته مع المسئولين الدوليين عن المؤتمر الاقتصادى لجذب الاستثمار المقرر عقده فى 21 و22 فبراير القادم وأغراضه وأهدافه، وكذلك مشروع تنمية محور قناة السويس. بينما صرح هانى قدرى وزير المالية خلال مشاركته طمأنة المستثمرين، أن مشاورات المادة الرابعة مع صندوق النقد الدولى بشأن إعداد تقرير خبراء الصندوق حول أداء الاقتصاد المصرى ستجرى نوفمبر المقبل، مؤكدًا أن ذلك يأتى فى اطار السعى لصدور تقرير خبراء الصندوق قبل عقد القمة الاقتصادية المقبلة فى شرم الشيخ فى شهر فبراير القادم، وذلك لتوضيح التطور الذى يشهده الاقتصاد المصرى وطمأنة المستثمرين حول مستقبل الاقتصاد المصرى على المدى المتوسط. إرادة المصريين ساهم الواقع الذى فرضه المصريين فى ضوء البدء فى تنفيذ مشروعات جادة وحقيقية، يأتى فى مقدمتها مشروع قناة السويس الذى اثبت قدرة الشعب المصرى على تمويل مشروعاته التنموية، فى إحداث تحول كبير فى النظرة العالمية للاقتصاد المصري، مما انعكس على تقديرات مؤسسسات التمويل الدولية ومن بينها صندوق النقد الدولى للاقتصاد المصرى هذا ما أكده فتحى ياسين الخبير المصرفى البارز، موضحًا أن تنفيذ المشروعات القومية الكبرى كثيفة العمالة التى تخلق فرص عمل حقيقية بصفة عامة والمشروعات الاقتصادية القائمة على دراسات جدوى جيدة من شأنها رفع معدلات الثقة فى النشاط الاقتصادى داخليًا وعالميًا. ويوصى ياسين بضرورة التوظيف الأمثل لقناة السويس كأهم ممر مائى يقع فى قلب العالم وذلك خلال الاستفادة من الحركة الملاحية فى القناة فى دعم النشاط التجارى موضحًا أن دعم مثل هذه الأنشطة من الممكن أن يوفر ايرادات ضعف ايرادات قناة السويس ، واوضح ياسين أن ممارسة مثل هذا النشاط ساهم فى انعاش مدن القناة خلال فترة الثمانينيات. ويوصى ايضا بضرورة دعم تنفيذ المشروعات التى تساهم فى تشغيل خطوط الانتاج المعطلة فى العديد من المجالات وخاصة أنشطة الطاقة وصناعة السيارات. وأكدت د. يمنى الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن مشاركة مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولى بالمؤتمر العالمى الذى دعا إليه العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، المقرر عقده فبراير المقبل، بمثابة فرصة واعدة للاقتصاد المصرى للاندماج فى الاقتصاد العالمى. وأوضحت الحماقى أن إشادة صندوق النقد بالإصلاحات التى اتخذتها مصر على الصعيد الاقتصادى، تعزز الفرص أمام الحكومة المصرية للحصول على قروض ميسرة من مؤسسات التمويل الدولية والبنوك والجهات المانحة العالمية . الإصلاح والتوافق بينما يرى د. أيمن محمد إبراهيم الخبير الاقتصادى والمصرفى أن تصريحات كرستين لجارد المدير العام لصندوق النقد الدولى وغيرها من المسئولين بالصندوق تعد تصريحات سياسية أكثر منها اقتصادية، مؤكدًا أنها تشير إلى تغير موقف صندوق النقد الدولى من الاقتصاد المصرى الذى شهد مؤخرًا اصلاحات حقيقية بفعل عاملين أساسيين الأول، ارتفاع الروح المعنوية للمواطنين بفضل التوافق بين الشعب والقيادة ، والثانى الأداء الجيد لبعض قطاعات الجهاز الحكومى رغم التحفظ على أداء بعض القطاعات الأخري، وأضاف أن ذلك انعكس فى ارتفاع مؤشرات النمو الاقتصادى الذى فاق توقعات الحكومة مشيرًا إلى أن نسبة النمو الحقيقية قد تصل إلى 3,4 متوقعًا أن تصل هذه النسبة إلى 5% خلال الفترة المقبلة. ومن ناحية أخرى أكد أن التقييم اللايجابى لصندوق النقد الدولى للاقتصاد المصرى سيلعب دورًا كبيرًا فى جذب الاستثمارات الأجنبية وفتح شهية البنوك الدولية والإقليمية لتمويل المشروعات المصرية.