«لوحاته جسدت واقع الحياة فى فترة مهمة من تاريخ مصر بتفاصيلها المدهشة، وأظهرت ريشته التى غمسها فى ألوان الاكوريل الساحرة وذكريات الحرب والبطولة والفداء والتضحية والأخلاق الاجتماعية السامية ونسمات الزمن الجميل ليخط بها تفصيلات مدهشة تؤرخ لتلك الفترة بشكل جذّاب دفع البعض من الفنانين للمطالبة بأن تطبع لوحاته فى كتالوج فاخر لتعريف كبار زوار المحروسة بحضارة هذا البلد العظيم من خلال لوحات هذا الفنان الرائع «أحمد ثابت طوغان» الحاصل على جائزة النيل لهذا العام. فى حضور عدد كبير من أبرز نجوم الفن التشكيلى وفن الكاريكاتير افتتح الأديب والروائى الكبير «بهاء طاهر» وفنان الكاريكاتير القدير «جمعة فرحات» معرض «ذكريات من زمن فات» للفنان الرائد أحمد طوغان ويعتبر هذا المعرض فريدا من نوعه كونه يقف فى منطقة فاصلة بين فن الكاريكاتير الذى تميزه التعليقات الساخرة واللوحة التشكيلية الصامتة بمفرداتها الواسعة.. حضر الافتتاح أيضا الفنان التشكيلى الكبير د. محمد عبلة والفنان التشكيلى د.جلال جمعة ومن رواد فن الكاريكاتير حضر الفنان الكبير محمد حاكم والفنان محمد عفت وعدد من الشخصيات العامة ومحبى فن الكاريكاتير ومتابعى أعمال الفنان طوغان. مرحلة جديدة وعلى هامش المعرض قال عن الكاتب والروائى الكبير بهاء طاهر: هذا المعرض هو مرحلة جديدة من مراحل فن أحمد طوغان, ذلك الفنان القادر على تجديد نفسه باستمرار ومن خلال المعرض تستطيع أن ترى الروح الشعبية متجسدة فى لوحاته مع تجديد فى الموضوعات والرؤى وأيضا تجديدًا فى التشكيل, وهذه اللوحات صالحة لكل وقت فالفن الحقيقى خالد وهى لوحات تشكيلية فى المقام الأول وأن وجد فيها روح الكاريكاتير فلاشك أن هذا مقصود.. مثل هذه اللوحة التى تسخر من الحرب العالمية الثانية أو تلك التى توضح حادثة حصار القوات الانجليزية لقصر عابدين عام 1942. أما الفنان القدير جمعة فرحات فنان الكاريكاتير بمؤسسة الأهرام وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للكاريكاتير، فقال يعتبر طوغان من الرعيل لفن الكاريكاتير اللذين مصّروا هذا الفن واصبغوا عليه روح الفكاهة الشعبية المصرية، وهذا المعرض يعتبر بانوراما مصغرة لحياة المصريين فى فترة الأربعينيات والخمسينيات التى لا نعرف الكثير من تفاصيلها باستثناء ما تجود به علينا مشاهد سينما الأبيض والأسود القديمة، كما أظهرت اللوحات مفردات هامة مثل «اللمبة الجاز» و«البوسطجى» وغيرها من عادات الريف المصرى الجميل، وكذلك أيضا رسم طوغان مشاهد تعبرعن طبيعة حياة وأزياء طبقة كانت موجودة فى المجتمع المصرى فى تللك الفترة وهى الطبقة البرجوازية المصرية من الآسر ذات الأصول التركية وهى تجلس وتستمع إلى «الجراموفون» وهو يعزف مقطوعة موسيقية، مضيفًا أن طوغان شارك فى حرب اليمن وانبهر بالحضارة اليمنية وسجل أدق تفاصيلها وعلى هذا المعنى أكد الفنان محمد عفت رئيس الاتحاد المصرى الدولى للكاريكاتير (فيكو) فيقول: طوغان فنان غزير الإنتاج يتميز بالكاريكاتير التسجيلى الذى تستطيع أن ترى من خلال لوحاته مشاهد الحياة المختلفة فى مصر فى فترة الأربعينيات بكل تفاصيلها المدهشة والمحببة إلى نفوس من عاصرها مثلى ومثله. فنان ثورى وأضاف عفت أن طوغان فنان ثورى محارب بالريشة والسلاح جسّدت لوحات معرضه الموروث والفن الشعبى بشكل تشكيلى وكاريكاتيرى رائع وبسيط رغم دقته المتناهية وبألوان مبهرة ومتناغمة إلى أقصى حد، ويندر أن تجد فى وقتنا هذا فنان ذو ريشة تسجيلية مثله. فيما رأى الفنان سمير عبد الغنى عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للكاريكاتير أن: وعى طوغان تشكل فى تللك المرحلة الزمنية التى ظهر فيها نضجه الفنى واستمتاعه بالحياة لذا فهو يسترجع من خلال لوحاته تلك الذكريات الجميلة التى قد لا يعرفها الكثير منا، ويعتبر طوغان من رواد فن الكاريكاتير وظل أمينا لهذا الفن رغم قدرته على رسم اللوحات التشكيلية والسبب الرئيسى فى تميز هذا المعرض هو أنه يصل بنا إلى منطقة وسط بين الكاريكاتير والفن التشكيلى دون أن يخل بقواعد هذا أو ذاك يعبّر فيها الكاريكاتير عن ذاته وعن روحه الشعبية، فرسمة الكاريكاتير قد ترتبط بحدث أو زمن معين وبالتالى قد لا تكون طويلة العمر بعكس اللوحة التشكيلية التى تتمتع بفضاء اكبر وأوسع وتتمتع بعمر أطول. تراث مهم فيما دعا فنان الكاريكاتير عمرو فهمى وزارة الثقافة إلى حفظ هذا التراث قائلا: أتمنى أن تتولى وزارة الثقافة أو أى جهة معنية حفظ هذا التراث الفنى النادر والمتميز إما بعمل متحف يضم هذه اللوحات وإما بعمل كتالوج فاخر يحفظ هذه الأعمال المهمة للأجيال القادمة ويتم توزيعه على كبار الزائرين لمصر لكى يتعرفوا على جانب مهم وحيوى من حضارة مصر من خلال ريشة طوغان التى ارّخت لفترة مهمة جدا من تاريخ مصر المعاصر.