للحكم على نجاح العام الدراسى والسياسة التعليمية من عدمه يكون بالرجوع إلى الواقع المتمثل فى مدارسنا.. فإذا كانت المدرسة منضبطة وتؤدى دورها التربوى والتعليمى على الوجه الأكمل كان ذلك دلالة على نجاح السياسة التعليمية ونجاح العام الدراسى.. أما إذا كانت تلك المدارس تعانى حالة من الفوضى والانفلات وعدم الانضباط وهروب الطلبة وغياب التعليم ذاته كان ذلك هو الدليل القاطع على فشل السياسات التعليمية وفشل العام الدراسى.. وعندها لابد من التوقف للمراجعة وإعادة النظر حتى لا نكون «بنضحك على أنفسنا». وفى يقينى أنه لا يختلف اثنان على سوء أحوال التعليم فى مدارسنا فى ال 25 سنة الأخيرة وخاصة المدارس الثانوى العام التى أصبحت لا تقدم أى تعليم مما أدى إلى أن هجرها الطلاب. فإذا نظرنا لهذه المدارس نجد أن الطلاب قد هجروها من شهر ديسمبر أى بعد شهرين تقريبًا من بدء الدراسة.. وكنا نصرخ عندما كان يهجرها الطلاب فى شهر مارس وكانت هناك مقولة شهيرة - وقتها - «بعد مارس مفيش مدارس» ليتطور الأمر ويزداد سوءًا ويهجر الطلاب المدارس بعد شهر أو شهرين من بدء الدراسة على أكثر تقدير.. وهذا دلالة على عدم قيام المدرسة بدورها. وإنها أصبحت شيئًا ليس له لزوم(!!).. تصوروا وهذه مصيبة تحتاج لوقفة جادة من القائمين على العملية التعليمية لاستعادة دور المدرسة لسابق عهدها. وقد أدى سوء أحوال التعليم فى المدارس إلى تفشى ظاهرة الدروس الخصوصية التى تفاقمت بصورة خطيرة.. وأصبحت البديل عن المدرسة لتلتهم ميزانية الأسرة المصرية و «تقصم ظهرها». والغريب انه على مدى ما يقرب من ربع قرن لم يحاول أى وزير تعليم استعادة دور المدرسة التربوى والتعليمى وانشغل كل منهم بأمور هامشية ومشاكل شكلية ومعارك وهمية وسياسات تعليمية «لا تسمن ولا تغنى من جوع».. وغادر الوزراء الواحد تلو الآخر مقعد الوزارة وبقيت مدارسنا على ما هى عليه تعانى وتئن وتصرخ وتستغيث حتى أوشكت على الاحتضار.. وليت الدولة فى عهدها الجديد أن تأخذ ملف التعليم مأخذ الجد ومحاسبة أى وزير تعليم إذا قصر فى أداء مهمته وليكن معيار المحاسبة فى المقام الأول هو الانضباط داخل المدرسة. ولذا.. فاننى أرى أن أهم تحدٍ أمام د. محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم ونحن فى بداية عام دراسى جديد هو إعادة المدرسة إلى سابق عهدها.. وأن تكون جاذبة للطلاب وليست طاردة لهم.. والمدرس يقوم بواجبه وتعود له هيبته التى فقدها وتفعيل الأنشطة التربوية داخل المدرسة.. وبالمناسبة أتساءل أين المفتش الذى كان يفاجىء المدرسة ويقوم بالتفتيش على كل شىء داخلها وكان يخشاه المعلم قبل التلميذ. ... فإننى أريد أن يكون العام الدراسى الجديد هو عام عودة المدرسة لسابق عهدها..