هل يمتلك تنظيم القاعدة وجود فعليا على الأرض فى شبه القارة الهندية؟ وإذا لم يكن للتنظيم وجود فى هذه المنطقة حتى الآن، فما هى قدرته على حشد الجهاديين فيها، أو بمعنى آخر، ما مدى قبول التنظيم لدى مسلمى المنطقة الذين يعانون من بعض أنواع الاضطهاد، الأمر الذى يستغله التنظيم لتجنيد الشباب فى صفوفه؟ وماذا عن الإجراءات التى ستتخذها الحكومة الهندية لمواجهة هذا التهديد المحتمل؟ هذه التساؤلات تم طرحها على نطاق واسع خلال الأيام الماضية، إثر إعلان زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى عن إنشاء فرع جديد للتنظيم المتطرف فى شبه القارة الهندية لرفع ما اسماه «علم الجهاد» وإعادة الحكم الإسلامى وتحكيم شريعته فى ربوع المنطقة، حيث قال الظواهرى فى التسجيل المصور الذى نشر على الانترنت واستمر 55 دقيقة إن الكيان الجديد قام «ليحطم الحدود المصطنعة» التى تقسم الشعوب المسلمة بالمنطقة، مؤكدا أن الفرع الجديد الذى يحمل اسم «قاعدة الجهاد فى شبه القارة الهندية» سيبذل ما يستطيع لتخليص المستضعفين فى شبه القارة الهندية فى آسام وجوجارات وأحمد آباد وجامو وكشمير وبورما وبنجلاديش من الظلم والقهر والاضطهاد والمعاناة. وأوضح الظواهرى أن «هذا الكيان لم ينشأ اليوم، ولكنه ثمرة جهد مبارك منذ أكثر من سنتين لتجميع المجاهدين فى شبه القارة الهندية فى كيان واحد يأتمر بعاصم عمر والذى يأتمر بدوره بالملا محمد عمر زعيم حركة طالبان الأفغانية. وفور نشر الشريط، أعلنت السلطات الهندية أنها تأخذ هذا الإعلان على محمل الجد، وقامت برفع مستوى الإجراءات الأمنية فى عدد من ولايات البلاد خاصة الولايات ذات الأغلبية المسلمة مثل أسام وجوجارات وجامو وكشمير. وفى الوقت نفسه، عقد وزير الداخلية الهندى راجناث سينج اجتماعا طارئا مع مسئولى الأمن والاستخبارات لمناقشة التدابير الواجب اتخاذها. ومن جانبهم، انتقد قادة المجتمع المسلم فى الهند دعوة الظواهرى إنشاء فرع جديد لتنظيم القاعدة فى شبه القارة الهندية باعتبارها دعاية يمكن أن تضر بمسلمى جنوب آسيا ورفضوا التدخل فى شئونهم من قبل منظمة إرهابية مثل القاعدة. وفى هذا السياق، قال الدكتور ظفر الإسلام خان رئيس مجلس مشاورات مسلمى عموم الهند إن المسلمين الهنود هم مواطنون موالون لبلدهم وإنهم سيقاتلون تنظيم القاعدة إذا حاول الوصول إلى بلدهم. وأضاف ظفر الإسلام خان فى تصريحات لموقع «خبر ساوث آسيا» أن المسلمين الهنود يحميهم الدستور الهندى وليسوا فى حاجة إلى مساعدة من تنظيم إرهابى تسبب فى الكثير من الدمار وزعزعة الاستقرار فى الشرق الأوسط. ومن كشمير، قال اياد اكبر المتحدث باسم الزعيم الانفصالى سيد على جيلانى:»ليس لديهم أى نفوذ هنا.. الخلاف فى كشمير سياسى محلى ولا علاقة للقاعدة به». كما أعلن اتحاد مسلمى بورما عن رفضه لإعلان القاعدة وأكد فى بيان أن المسلمين الذين يعيشون فى ميانمار لن يتسامحوا مع أى تهديد لوطنهم الأم. وعن حقيقة ما جاء فى تسجيل الظواهرى، يرى خبراء أن زعيم القاعدة يحاول لفت الانتباه مجددا إلى تنظيمه بعد تمدد نفوذ داعش ووضوح قدرته على استقطاب الآلاف من الشباب سواء العرب أوالأجانب من جميع أرجاء العالم، مقارنة بتراجع القاعدة وقدرتها على جذب التمويل والأفراد. وأكد الخبير الأمريكى فى مكافحة الإرهاب بيتر بيرجين، أنه على الرغم من وجود بعض العناصر الجهادية فى الهند، إلا أنه لا يوجد دليل على وجود القاعدة هناك. وأضاف فى لقاء مع «سى إن إن» قائلا: إنها محاولة من الظواهرى لإعادة الأضواء إليه بعد تمدد نفوذ داعش فى سوريا والعراق. ونقلت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية عن محللة الأمن الهندية رنا بانيرجى، قولها إن «ظهور الظواهرى حيلة لتعزيز نفوذ القاعدة الذى بدأ يتناقص بين المجاهدين الباكستانيين الذين يتجهون لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادى». وفى نفس السياق، قال اجيت كومار سينج من معهد «إدارة النزاعات» البحثى فى نيودلهى لموقع «ميدل ايست اونلاين» إنها «مجرد دعاية تدل على اليأس الذى تملك القاعدة بعد أن باتت الدولة الإسلامية تمثل الخطر العالمى الحقيقى.. إنها معركة نفوذ بين القاعدة والدولة الإسلامية».