من يشاهد التليفزيون فى رمضان يلاحظ طوفانا من الهجوم الذى يشنه نجوم الفن على المشاهدين وخاصة مع توقف برامج التوك شو واستبدالها ببرامج المنوعات والمسابقات التى تعتمد فى ضيوفها على الفنانين. ولا شك أن الفنانين جزء مهم من المجتمع، ولهم فى العالم كله مكانة خاصة ومعاملة مميزة، فلسنا فقط الذين نسلط عليهم الأضواء ونراقب حركاتهم وسكناتهم ونحشرهم فيما يعلمون وما لا يعلمون ونجعلهم يتحدثون فى السياسة والدين والاجتماع والاقتصاد والرياضة، وكأنه ليس فى البلد غيرهم، وكأن الفنان هو رئيس مجلس إدارة الدنيا الذى لابد أن يفهم فى كل شىء ويحيط بجميع الأمور علما. وللأسف فقد استوردنا فكرة النجم والنجمة الذين تطاردهم الصحافة وعدسات القنوات التليفزيونية من الولاياتالمتحدةالأمريكية، التى تعيش الصحف الصفراء ومحطات التليفزيون الشعبية فيها على أخبار وفضائح نجوم ونجمات «هوليوود»، ومن أمريكا انتقلت هذه التقاليد السخيفة إلى أوروبا وإلى كثير من بلدان الشرق وأولها مصر، باعتبارنا من أقدم الدول التى عرفت السينما وبدأت صناعة النجوم. ورغم أن هذه النزعة الأمريكية «لتلميع» الفنانين ووضعهم دائما فى مقدمة الصورة لها بعض جوانبها الايجابية، خصوصا لو كان الفنان مثقفا ويحمل قدرا معقولا من الوعى السياسى والالتزام الفكرى، إلا أن سلبيات استئثار نجوم ونجمات الفن بالمشهد الإعلامى وتصدرهم لكل الصور أكثر بكثير من الجوانب الايجابية لهذا الاحتكار الاستعراضى، خاصة إذا اصبح جزءا من التكوين النفسى والوجدانى لأهل الفن أنفسهم، وأدى إلى إدمانهم للظهور فى برامج التليفزيون وعلى صفحات الصحف ليقولوا أى شىء ويفتوا فى كل شىء. فبعض أهل الفن فى بلدنا تنقصهم الثقافة والوعى السياسى، و لا يشبهون على الاطلاق نجوم أمريكا الذين وصل واحد منهم إلى منصب رئيس الجمهورية «رونالد ريجان»، ووصل بعضهم إلى منصب حاكم ولاية مثل «أرنولد شوارزينجر»..وهم إما من خريجى معاهد أكاديمية الفنون التى لا تدرس شيئا يذكر سوى المناهج الفنية، وإما ممن لم يكملوا دراستهم فى بعض الكليات، أو خريجى كليات ومعاهد خاصة حصلوا على شهاداتهم فيها بالفلوس دون أن يتعلموا شيئا حقيقيا، ومعظمهم بينهم وبين الكتاب عداوة، وقلة قليلة منهم فقط تهتم بالقراءة والاطلاع. والأفضل لأهل الفن أن يلتزموا بالكلام فيما يفهمون فيه، ولا ينجرون لإلحاح كثير من الصحفيين وصناع برامج التليفزيون لدفعهم للتصدى لما لا يعنيهم، فيسمعون ما لا يرضيهم!.