لم تكن الزيارة التى قام بها فرانسيس الأول بابا الفاتيكان لبلدة «كاسانو ألو يونيو» الواقعة جنوبإيطاليا، مثل أى زيارة أخرى يقوم بها، إذ كان لها أهمية خاصة، كون المدينة التى زارها تعد معقلا لإحدى عصابات المافيا الشهيرة. وكان البابا فرانسيس الأول زار الأسبوع الماضى بلدة « كاسانو ألو يونيو» فى إقليم كالابريا الجنوبى، وتعد هذه البلدة قاعدة منظمة «أندرانجينا» الإجرامية التى تسيطر على تجارة الكوكايين فى البلاد، وتعتبر واحدة من أقوى منظمات المافيا فى البلاد. وألقى البابا كلمة قوية ضد تلك العصابات قائلا : «إن من يتبعون طريق الشر فى حياتهم، كالمافيا، ليسوا متوحدين مع الله، ويخضعون للحرمان الكنسى»، مضيفا أن منظمة أندرانجينا مثال لحب الشر، وتعمل ضد الصالح العام، وقال إن الكنيسة ستبذل كل ما فى وسعها لمحاربة الجريمة المنظمة. وقد حظيت زيارة البابا باهتمام واسع من وسائل الإعلام العالمية، والتى قامت بمتابعة تلك الزيارة ورصد تداعياتها، حيث أجمعت العديد من الصحف أن أهمية تلك الزيارة والكلمة التى ألقاها بابا الفاتيكان تنبع من كون فرانسيس الأول استخدم كلمة الحرمان الكنسى للمرة الأولى، والتى تعنى عزلا تاما من الكنيسة، كما أن كلمته كانت بمثابة أعنف هجوم على الجريمة المنظمة منذ أن وجه البابا الراحل يوحنا بولس الثانى انتقادا لاذعا لعصابات المافيا فى صقلية عام 1993، وفى هذا الإطار ذكرت صحيفة « فرانكفوتر اليجمانية» الألمانية أن يوحنا بولس الثانى ثار هو الآخر ضد المافيا، لكن البابا فرانسيس هو أول رئيس كنيسة يؤكد أن من يتبع طريق الشر مثل المافيا لا يمكن أن يكون مقربا من الله، كما اعتبرت صحيفة «لاندشوتة تسايتونج» الألمانية أن كلمة البابا حول المافيا الإيطالية كانت قاسية، إلا أن عددا كبيرا من المعلقين عبروا عن الإعجاب بها، واعتبروا أن فرانسيس الأول يعرف تماما المخاطر المحدقة بهذا الأمر، لكن مع ذلك لا يستطيع أن يغض الطرف فى معركته ضد الشر، مؤكدة أنه رجل شجاع. من جانب آخر، تناولت صحيفة «تاجس شبيجل» القضية من زاوية أخرى، فقالت إنه فيما يتعلق بمكافحة المافيا، فإن الدولة الإيطالية فى حاجة إلى حزم أكبر، إلا أن ضبط النفس مايزال متواصلا حتى بالنسبة لرئيس الوزراء الإيطالى «ماتيو رينزى» فحتى الآن لم يقم إلا بالقليل تجاه قضايا تتعلق بالمافيا، لأن لديه أولويات أخرى مثله مثل من سبقوه.