أثار تغيير وزير الخارجية فى حكومة المهندس إبراهيم محلب الكثير من التأويلات، و بعيدا عن خبايا الموضوع و كواليسه، نستطيع أن نقول بصدق و أمانة أن السيد نبيل فهمى تحمل هذا المنصب فى وقت قد يكون الأصعب فى تاريخ الخارجية المصرية و عمل باقتدار و توازن دقيق من اجل أن تستعيد مصر صورتها فى العالم، و أتذكر هنا أيام عملى بدولة الكويت من عام 1978 – 1982 وقت أن قاطعت معظم الدول العربية مصر عقب زيارة الرئيس السادات للقدس و بداية عملية السلام و الاتفاق على معاهدة السلام و ما تلاها من تطورات على الصعيد العربى. كانت فترة صعبة أيضا و لكن ما واجهته الدبلوماسية المصرية بعد 30 يونيو كان أمرًا غير مسبوق، استطاعت مصر بثباتها الداخلى و انجاز خارطة المستقبل أن تستعيد صورتها و كان آخرها عودة مصر إلى الاتحاد الأفريقي. نعم كانت هناك انجازات للدبلوماسية المصرية فى تلك الفترة و كلنا أبناء هذا الجهاز نشعر بالفخر حيث قامت الخارجية بدورها كخط دفاع أول عن المصالح المصرية، و حام للأمن القومى المصرى. و بغض النظر عن فلسفة التغيير فى هذه الفترة فإننا ننظر بكل تقدير للوزير نبيل فهمى على تحمله مصاعب تلك المرحلة. و الآن نتطلع إلى قيادة الوزير سامح شكرى و استطيع بكل فخر أيضا أن أذكر أننا التحقنا معا بوزارة الخارجية يوم 14 مارس 1976 أنا و الوزير نبيل فهمى و الوزير سامح شكرى و تربطنا علاقة عمل نبيلة و صداقة على مدى سنوات طويلة تشرفنا فيها بخدمة الوطن فى جهازه الدبلوماسى. الآن سنبدأ مرحلة جديدة تتطلب سياسة خارجية متوازنة و صارمة أيضا فهذه متطلبات مرحلة بناء الجمهورية الجديدة. يستطيع الوزير سامح شكرى برصانته و اقتداره أن يدير سياسة مصر الخارجية فى المرحلة المقبلة و التى أتوقع أن يكون للسيد الرئيس بصفاته الشخصية الكثير من التخطيط و التأثير على هذه السياسة فى مرحلة حاسمة و حساسة ستشهدها مصر الجديدة. العمل الدبلوماسى بطبيعته يبحث عن البناء، لذا أتوقع أن يكوّن الوزير سامح شكرى بقدراته الدبلوماسية و خبراته المتنوعة رصيدا ايجابيا خلال المرحلة الدقيقة القادمة. لا املك هنا القدرة أو حتى الرغبة فى تقديم أى نصائح، و لكن ما أملكه هو الاستعداد لتقديم أى خدمات لجهاز وزارة الخارجية بمختلف اختصاصاته. و أستطيع أن أمس من خلال زيارتى الأسبوع الماضى لدولة الكويت أول محطاتى فى حياتى الدبلوماسية أن هناك تطلعًا لقيام مصر بدورها التاريخى، خاصة مع التطورات السريعة التى تشهدها العراق. بمعنى أن هناك ترقبًا لسياسة مصر العربية فى المرحلة القادمة. و خلال زيارة برلين بعد الكويت مباشرة لاحظت أن ألمانيا تراجع سياستها نحو مصر و كانت هناك برقيات تهنئة للسيد الرئيس من الرئيس الألمانى و المستشارة الألمانية. و يجب استغلال هذا الزخم بسرعة حتى نستعيد العلاقة الاستراتيجية مع دولة مثل ألمانيا قاطرة الاتحاد الأوروبي سياسيا و اقتصاديا. العالم ينظر إلى مصر و إلى الأمر الواقع الذى فرضه الشعب المصرى على الجميع، و أصبح المناخ أكثر ايجابية بالنسبة لمصر، و من هنا نستطيع الإنطلاق و بقوة وصرامة لاستعادة علاقتنا مع مختلف دول العالم. و لكن التحديات لازالت قائمة و يجب أن نتعامل معها دوليا و اقليميا.