يبدو أننا نعيش فى بلاد الحب المفقود، واعتمد فى ذلك على مقولات المسئولين بالدولة، بالإضافة إلى مشاهداتى، ويبدو أننا أيضا نعيش فى بلاد الغرور لا نريد أن نسمع رأيًا آخر، أو إسهامًا من أحد فى المجال الذى نعمل فيه ويبدو أننا سنسقط فى ظلمات الشخصنة لكل أمر، وظلمات كره كل ما هو ايجابى وجيد، ومحاربة أى شخص يبدو على وجوده بارقة وطنية خالصة وإنكار للذات وإيمان بقيمة هذا الوطن. يجب أن نبدأ بأنفسنا حتى نستطيع ترتيب مصر من الداخل ولن ننهض ونتقدم بدون أن نحيد كل المشاعر السلبية بيننا البعض.. إنها مهمة صعبة وثقيلة وقد تكون أكبر خطر أصيبنا به ويهدد كيان هذا الوطن. وللأسف لم يتوقف أحد عند هذا المعنى، ولم يتوقف أحد عند ظاهرة زيادة التدين فى المجتمع المصرى وقابل ذلك عدم الاكتراث بمفاهيم المعاملات والأخلاق التى هى صلب الأديان السماوية. لا أريد أن أدفع المجتمع لليأس والإحباط فهناك نماذج براقة ومبهرة ولكنها تعمدت فى هذه اللحظات أن تتوارى وتبتعد عن المشهد احتراما لنفسها وحفاظا على قيمها وأخلاقها. لقد لاحظ المهندس إبراهيم محلب هذه الظاهرة وهو فى صدد تشكيل مجلس الوزراء الجديد وهو من أطلق عبارة الحب المفقود. ترتيب نفوسنا قبل ترتيب البيت سيكون المفتاح للتقدم وتنمية مصر. التسامح والتواضع صفات مطلوبة لصحوة هذا المجتمع، وهما لا يختصان بالأفراد فقط بل بالأحزاب والحركات والهيئات والدولة المصرية بصفة عامة. لسنا فى سباق لتوزيع الغنائم ولكننا فى سباق لتأصيل فكرة الوطنية، وتقديم كل ما نملك لمصر فى هذه المرحلة الدقيقة. إن ترتيب البيت أمر مهم جدا بالنسبة لسياستنا الخارجية، لأنه سيقوى ويدعم رسالتنا التى نحاول إيصالها للعالم الخارجى التى لن تكون ذات جدوى أو فاعلية والدولة المصرية تعانى الفرقة والاهتراء من الداخل. وقد يكون من حسن الطالع أن الخارجية المصرية تحتفل اليوم بيوم الدبلوماسية، ولكن الاحتفال الحقيقى سيكون أكثر واقعية بعد اكتمال أركان الدولة المصرية العصرية. تقدمنا بالفعل فى علاقتنا السياسية بالعالم الخارجى ولكن قد نحتاج المرحلة القادمة سياسات هجومية داخليا وخارجيا. بمعنى أن تكون خطواتنا استباقية وحادة خاصة أن هناك توقعات بفترة قادمة صعبة.. يجب تجنب خلق مشاكل ليس لها معنى ثم نستغرق كل جهودنا بعد ذلك للدفاع عن الموقف المصرى، مع أن تجنب هذه المشكلة فى الأساس كان من شأنه الحفاظ على صورة مصر ويدخر جهودنا لمعارك أخرى أهم.. ولن أحاول أن أسرد أمثلة فى هذا المجال فهذه الأمور معروفة للجميع. يجب أن ننفض من على أكتافنا غبار الماضى ومشاكله وأسلوب البيروقراطية المصرية فى معالجة الأمور والانطلاق إلى آفاق رحبة تحمل ملامح التغيير فى التفكير والتطبيق. أتمنى أن ندرك أهمية الوقت وأننا نعيش فى ظروف استثنائية تستلزم أداء استثنائيًا فى كل المجالات، وأن نسمع بعض دائما وننصت لكل ما هو جديد وبناء. وأرى أداء رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب أداء استثنائيا يتمشى مع هذه المرحلة، وأتمنى أن يسمع للجميع ولديه القدرة على هذا، حتى يتمكن من قيادة هذا الوطن إلى الطريق الصحيح. أتمنى للدبلوماسية المصرية فى عيدها استمرار النجاح فى النهوض بمسئوليتها الأساسية وهى خدمة الأمن القومى المصرى، وأداء رسالتها كخط للدفاع الأول عن هذا الوطن فى مرحلة دقيقة وصعبة. لكننى أثق تماما فى جهاز الخارجية المصرية الذى تطالة لأن بعض الاتهامات، ولكن أبناء الوزارة لديهم القدرة على الإبداع والرد على هذه الاتهامات بالعمل واستعادة صورة مصر خارجيا بما يعود بالنفع على هموم التنمية التى يستفيد منها المواطن المصرى.