اتفق العلماء على أهمية دور الأسرة فى تكوين مجتمع معتدل قوى قادر على مواجهة المحن، مؤكدًا فى الوقت ذاته غياب الأساس الدينى الذى تبنى عليه الأسرة من محبة ومودة ورفق وتراحم، مطالبين بضرورة العودة إلى صحيح الدين فى اختيار الزوجة والزوج ومراعاة الله فى تربية الأبناء حتى تعود الأمة إلى مجدها فى البداية أكد الدكتور عبد المقصود باشا أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر، أن الأسرة فى الإسلام تبنى أساسا على المحبة والمودة والرفق والتراحم لكن ما يحدث الآن بين معظم الأسرة المصرية أن البيوت مغلقة على كثير من المشاكل والمتاعب فرب الأسرة فى واد والزوجة والأولاد فى واد آخر وكلاهما يتطاول على الآخر ويدل بما قدم. وأضاف أن كل هذا يعود سببه من البداية إلى عدم الاختيار السليم بين الشاب والفتاة وانتشر زواج الصالونات الذى يفشل أغلبه، لافتا إلى أنه بالنظر إلى رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) نجد أنه لم يتزوج إلا من أسر صالحة ذات أصل بدأها بالسيدة خديجة، ثم السيدة سودة بنت زمعة، ثم السيدة عائشة بنت الصديق والسيدة زينب وغير ذلك، حيث قال ( صلى الله عليه و سلم ) تنكح المرأة لأربع: "لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". وروى أستاذ التاريخ الإسلامى موقفًا حدث مع امرأة ذات طلعة بهية وراح راجل أشيب عجوز أعجب بها فطلب يدها فقالت له يا هذا إنى فىّ عيب لو قبلته تزوجتك.. قال فما هو هذا العيب قالت: إن فى رأسى بها قار فنفر منها الرجل فلما ولىّ نادت عليه وقالت له اقترب ثم كشفت عن شعرها فإذا هو كزيل الحصان أسود فاحم طويل.. فقال لها ما الذى دفعك إلى قول ما قلتى وأنتى لستى كذلك.. قالت ياهذا لقد كرهت منك الذى كرهته فىّ. كما دلل د. الباشا بموقف آخر لفتاة فى عهد رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) ، جاء ابن عمها يطالبها وأراد أبوها أن يجبرها علىالزواج فرفضت ثم ذهبت إلى رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) فالقت له: يا رسول الله إن أبى هذا أراد أن يزوجنى بابن عمى ليدفع بى خسيسته، فقال النبى ليس له ذلك أنت تختارى زوجك.. فلما انتهى رسول الله قالت إننى أقبل الزواج من ابنى عمى إنما أردت أن تعرف النساء أنه ليس للأب أن يزوج ابنته من رجل يكرهها عليه، مضيفًا أن الأمثلة فى التاريخ الإسلامى علىذلك كثيرة ولنا أن نعرف سلوك المرأة التى قالت لابنتها عند زواجها" يا ابنتى احفظى عنى عشرا تكونى فى حياتك سعيدة قالت ما هى يا أماه قالت كونى له أمه يكون لكى عبدًا، وإياك أن يشتم منك إلا أطيب ريح، وترقبى موعد نومه وطعامه وشرابه، ولاتنغصى عليه حياته فلديه من المشاكل ما يكفى"، موضحًا أنه هكذا تكون العلاقة فى المنزل، أما ما يرى فى المسلسلات وما نتخذ منه القدوة جميعها وسائل هدم وفى رسالة إلى الشباب والأزواج قال الأستاذ بجامعة الأزهر إن النبى ( صلى الله عليه و سلم ) وكان يرتق نعله، ويرقع ثوبه ويحلب شاته.. وكانت السيدة عائشة تحرص على أن يرتدى رسول الله أفضل ما عنده من الثياب حتى إنه أثناء اعتكافه بالمسجد كان يخرج رأسه من "الستارة" التى تطل على حجرتها رضىالله عنها فكانت تمشط له شعره وتدهنه له. وطالب د. الباشا بأن يتغير نظام الزواج وتكوين الأسرة فى البيوت المصرية ويعود دور الأب والجد كما يعود دور الأم والجدة والخال والخالة والعم، لافتًا إلى أنه بالعودة إلى ذلك تعيش الأسرة المسلمة فىسلم وسلامة. من جانبه قال الشيخ معوض على الدين الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف إن الأسرة هى البنية الأساسية للمجتمع، وإذا نشأت على البناء الإسلامى الصحيح نهض المجتمع أما إذا اتبعت السلوك المعوج فسينعكس ذلك بشكل أو بآخر على المجتمع، مؤكدًا أنه لو شب الابن ووجد والده يصلى ويتلو القرآن ولا يتحدث إلا صدقا فيرى فى أبيه المثل الأعلى وننشأ على ذلك، أما إذا كان هناك اعوجاج فى سلوك الأب فيؤثر ذلك سلبا فى سلوكيات الأبناء. واستنكر الشيخ معوض ما أصبحت عليه الأسرة المصرية الآن من حال، بعد ما تحول الأب فى المنزل إلى مندوب لوزارة المالية فى أسرته وكل علاقته بأبنائه أن يجلب لهم ما يحتاجون إليه من أموال، وتزيد الطامة لو أصبحت الأم لها نفس الظروف،فينمو الأبناء فى بيئة مفككة ليس لها حاكم سواء من الأب المشغول دائما عن الأسرة أو الأم. وحذر من وسائل التكنولوجيا الحديثة من كمبيوتر وانترنت ومواقع تواصل اجتماعى التى جعلت الشباب ينطوى على نفسه فى حجرته والأب ملهى عنه لا يعرف أين ابنه وماذا يفعل ومع من يتكلم.. والأولى به أن يشتغل بتربيه الأولاد وقليل من الخبز والملح يكفى، والأم منهكة إما مع صديقتها وإما مع أهلها، قائلًا إنه لا علاج إلا بالاطلاع على كتب الفقه المبسطة التى تتحدث عن الخطأ والصواب والقبيح والمليح. واختتم كلامه مؤكدًا أن الأسرة أساس المجتمع والبيت صورة مصغرة من الدولة فإذا اصلح الراعى صلحت الرعية، لافتًا إلى دور الأئمة فى تقويم السلوك والدعوة إلى صالح الخلاق والدين بالوسطية والاعتدال والبعد عن التشدد والغلو.