هل تنتشل الانتخابات تايلاند من أزمتها الحالية؟ سؤال أجابت عنه بالنفى الأحداث التى أعقبت الانتخابات المبكرة التى شهدتها تايلاند الأيام الماضية والتى دعت إليها رئيسة الوزراء «ينجلوك شيناوترا» للخروج من الأزمة، حيث نجح المتظاهرون فى منع الانتخابات فى خمس عدد الدوائر الانتخابية، وعقب الانتخابات نزل المئات إلى الشوارع عملا بتعليمات قائد الاحتجاجات، سوثيب تاوجسوبان، الذى رحب بتعليق الانتخابات جزئيا فى عدد من الدوائر داعيا أنصاره إلى استمرار الاحتشاد، مؤكدا أن الانتخابات لن تؤثر على تصميمهم على إسقاط « شيناوترا» متوعدين بإيجاد وسيلة لإسقاط الحكومة حيث حمل المحتجون الذين كانوا يعتصمون فى شمال العاصمة بانكوك خيامهم واتجهوا إلى وسط المدينة لتعزيز حملتهم للإطاحة برئيسة الوزراء وتعيين مجلس شعب غير منتخب. وجاءت الانتخابات غداة معركة شوارع فى بانكوك بين ناشطين مؤيدين للحكومة وآخرين معارضين لها أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى، ورغم فرض حالة الطوارئ فى بانكوك ونشر 130 ألف شرطى فى البلاد تحسبا لأى أعمال عنف، تمكن المتظاهرون من تعطيل التصويت فى 10% من الدوائر الانتخابية، حيث لم يتمكن 440 ألف ناخب من أصل مليونين مسجلين من الإدلاء بأصواتهم مما يستدعى تنظيم اقتراع بديل فى 23 فبراير، وهى الانتخابات التى دعى إليها 46 مليون تايلندى لانتخاب 500 نائب إلا أنه بعد منع المتظاهرين تقديم الترشيحات فإن عشرات المقاعد ستظل شاغرة لذا لن يتمكن البرلمان من الاجتماع بسبب فقدان النصاب المطلوب 95% من النواب، كما أن اللجنة الانتخابية لن تصدر النتائج قبل إجراء عمليات الاقتراع فى المناطق التى حالت الاحتجاجات دون مشاركة المواطنين فيها. وكان المحتجون بقيادة الحزب الديمقراطى المعارض قد نزلوا إلى الشوارع منذ ثلاثة أشهر بعد أن حاولت حكومة ينجلوك شيناوترا تمرير قانون عفو جديد كان سيسمح لشقيقها رئيس الوزراء الأسبق «ثاكسين شيناوترا» الذى أطاح به انقلاب عام 2006 بالعودة إلى البلاد من منفاه. ويقول المحتجون إن ثاكسين الذى هرب إلى الخارج أثناء محاكمته فى 2008 يسير الحكومة من منفاه، وعلى الرغم من رفض مجلس الشيوخ المشروع تصاعد غضب المتظاهرين مطالبين بالإطاحة بينجلوك التى يعدونها دمية فى يد ثاكسين فى حين ترفض ينجلوك التنحى عن منصبها وتقول إنها مستعدة للإصلاح. وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن ثاكسين شيناوترا هو الحاضر الغائب فى هذه الأحداث حيث تتركز حوله كراهية كل المتظاهرين المناهضين للحكومة ، وقالت الصحيفة إنه وبعد مرور أكثر من سبع سنوات على الإطاحة به من قبل الجيش ونظرا لنجاحه فى أن يتجسد من جديد فى شخصية أخرى عن طريق استغلال شقيقته لا يزال ظل ثاكسين وشخصيته مستمرة فى منع أى فرصة للمصالحة فى بلد أصبح أكثر انقساما من أى وقت مضى. لهذا يشكك الخبراء فى أن تغير هذه الانتخابات الأمر الواقع المتأزم فى دولة تعانى من صراع مستمر منذ ثمانية أعوام. وقد حذر مراقبون من أن هذه الأزمة ليست سوى حلقة جديدة من دوامة العنف السياسى الناجمة عن الانقلاب على ثاكسين الموجود اليوم فى المنفى هربا من السجن بتهمة الاحتيال المالى. ويرى مراقبون أن أزمة تايلاند الحالية قد تؤدى إلى تعذر انتخاب برلمان جديد لعدة أشهر، وقد لا تستطيع اللجنة الانتخابية تقديم النتائج وحتى لو تمكنت فإن البرلمان لن يتمكن من عقد جمعية عامة ب 95 % من النواب نظرا لغياب المرشحين. ومن المتوقع أن تعلن المحكمة الدستورية العليا إلغاء نتائج الانتخابات كما فعلت فى ابريل 2006 والتى قاطعها الديمقراطيون. كما تشير بعض التوقعات إلى إمكانية حدوث انقلاب عسكرى كما وقع فى 2006 ، كما تشير تلك التوقعات إلى أن حدوث انقلاب ليس مستغربا فى بلد شهد 18 انقلابا منذ 1932. وقد حذرت الولاياتالمتحدة للمرة الأولى من احتمال حصول انقلاب عسكرى فى تايلاند التى لا تزال تشهد أزمة سياسية عنيفة. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة «بان كى مون» عن قلقه إزاء عدم قدرة عدد من أفراد الشعب التايلاندى من ممارسة حقهم فى التصويت، وقال فى بيان إنه يدرك حجم تعقيدات الموقف. مؤكدا على ضرورة حل الخلافات السياسية من خلال الحوار وبما يحقق مصلحة الشعب التايلاندى، وحث الأمين العام جميع التايلانديين والقادة السياسيين على وجه الخصوص على التحرك نحو حل سياسى يقوم على الحوار والتوافق .