لم تكن التعديلات الأخيرة على قانون الهجرة فى بريطانيا سوى محاولة لإرضاء الجناح المتشدد داخل حزب المحافظين، الذى يسعى إلى تشديد نظام الهجرة لأقصى درجة ممكنة، وبخاصة أن هذا الجناح يرى أن قانون الهجرة لم يكن صارما بالشكل الكافى تجاه الأجانب غير المرغوب فيهم، ولهذا جاءت هذه المحاولة لإرضائهم. وفى اللحظات الأخيرة، تقدمت وزيرة الداخلية البريطانية «تيريزا ماى» بهذا التعديل على قانون الهجرة، والذى يقضى بسحب الجنسية من أى أجنبى حصل على الجنسية البريطانية يمكن أن يتسبب فى ضرر جسيم للمصالح الحيوية لبريطانيا، وتملك وزيرة الداخلية البريطانية صلاحية سحب الجنسية من الأشخاص الذين يشتبه بتورطهم فى الإرهاب ممن يحملون جنسيتين، لكن التعديل يسمح لها بسحبها من البريطانيين المولودين فى الخارج الذين لا يحملون سوى الجنسية البريطانية، والذى يجعلهم مجردين من أى جنسية. وصوت لصالح التعديل 297 نائبا مقابل 34 نائبا صوتوا ضده، مع امتناع حزب العمال المعارض الرئيسى عن التصويت، بينما صوتت مجموعة صغيرة من الحزب الليبرالى الديمقراطى المشارك فى الائتلاف الحكومى ضد التعديل، ويتعين إرسال الاقتراح بعد الموافقة عليه فى مجلس العموم إلى مجلس اللوردات لدراسته. وقد أثارت هذه التعديلات جدلا كبيرا فى بريطانيا، فمن جانبها وصفت جمعيات حقوق الإنسان والحركات المدافعة عن الحقوق المدنية والحريات الفردية للمواطنين القانون بأنه غير مسئول وغير عادل، ووصفت المنظمة البريطانية غير الحكومية «ريبريف» للدفاع عن حقوق الإنسان هذا التعديل بأنه تطور مقلق يمنح وزيرة الداخلية حق تمزيق جوازات سفر لأشخاص بدون أى إجراءات، كما اتهمت المتحدثة باسم وزارة داخلية الظل فى حزب العمال «ايفيت كوبر» وزيرة الداخلية تيريزا ماى ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون بأنهما يخافان من المحافظين. على الجانب الآخر دافع نائب رئيس الوزراء وزعيم الحزب الليبرالى الديمقراطى «نيك كليج» عن التعديل مؤكدا أن له ما يبرره، وقال إن التعديل لن يستخدم إلا فى عدد محدود من الحالات لأشخاص يشكلون تهديدا حقيقيا لأمن بريطانيا. وقد تعددت تحليلات الصحف فيما يتعلق بهذا التعديل المثير للجدل، فمن جانبها انتقدت صحيفة الجارديان المقربة من أوساط حزب العمال المعارض هذا التعديل، مشيرة إلى أنه أثار قلق بعض النواب البرلمانيين المنتمين إلى حزب المحافظين الحاكم، وكذلك قياديين فى صفوف حزب الليبراليين الديمقراطيين الشريك الأصغر فى الائتلاف الحكومى إلى جانب المعارضة العمالية، أما صحيفة «الديلى تليجراف» فقالت إن التعديل الجديد يطرح مخاوف بخصوص التقدير فى استخدامه، بالرغم من تأكيد مصادر حكومية على أنه لن يتم استخدامه إلا بالنسبة لأشخاص يشكلون تهديدا حقيقيا لأمن بريطانيا، ونقلت الصحيفة عن المعارضة العمالية قولها إن التعديل يكشف خضوع رئيس الوزراء ووزيرة الداخلية للجناح المتشدد داخل حزب المحافظين. ويتضمن قانون الهجرة البريطانى عدة بنود لعل أهمها أنه يسمح بترحيل المجرمين الأجانب قبل ظهور نتيجة الطعن فى ترحيلهم أمام المحاكم، كما يجبر أصحاب الأملاك على التحقق مما إذا كان المستأجرون يتواجدون فى بريطانيا بشكل قانونى، فيما يتعين على البنوك أيضا التحقق من هذا الأمر قبل السماح لأى شخص بفتح حساب لديها.