قد يكون الغد يومًا له أهمية زائدة بعض الشىء، لأنه سيكون يومًا فارقًا فى مسار العلاقات المصرية الأمريكية، غدًا سيعلن الكونجرس «قانون الإنفاق» الجديد للفترة المتبقية من السنة المالية 2014، والذى سيخفف القيود المفروضة على المساعدات الأمريكية لمصر. فالجزء الخاص بالمساعدات الأمريكية لمصر فى القانون ينص على «تصديق الرئيس الأمريكى بأن مصر تحافظ على العلاقة الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة وأنها تفى بالتزاماتها بموجب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979». بعد التصديق الرئاسى مباشرة سيسمح الكونجرس لأوباما بمنح مصر 250 مليون دولار كدعم اقتصادى، ومنح الجيش 1.3 مليار دولار على دفعتين، الأولى 975 مليون دولار بعد انتهاء الاستفتاء على الدستور، والثانية 577 مليون دولار بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ووفقًا لقانون الإنفاق الجديد يجب على وزير الخارجية جون كيرى أن يشهد بأن «الحكومة المصرية تتخذ خطوات للحكم بديمقراطية وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية». كما ذكرت شبكة «سى. إن. إن» وموقع «ديلى بيست» الأمريكيين أنه سيتم تخفيف القيود المفروضة على تقديم المساعدات الأمريكية لمصر، وسيتضمن القرار التزام الحكومة المصرية باتخاذ خطوات لتعزيز التحول الديمقراطى. كما نقلت وسائل إعلام أمريكية عن عدد من مساعدى أعضاء فى الكونجرس قولهم أن إدارة أوباما كانت تعمل بهدوء مع مكاتب النواب وأهم أعضاء مجلس الشيوخ للاتفاق على النهج الجديد مع مصر، فضلًا عن وجود «لوبى إسرائيلى» فى الكونجرس للضغط من أجل استئناف المساعدات الأمريكية لمصر. وهى معلومة صحيحة، لأن وسائل إعلام إسرائيلية عارضت بقوة تجميد أمريكا مساعداتها لمصر فى أعقاب عزل مرسى. وكانت شبكة «سى .إن .إن» قد نقلت عن مسئولين فى الإدارة الأمريكية أن الإدارة والكونجرس يدعمون مشروع القانون، لأنه يحافظ على التوازن بين دفع القاهرة لتبنى الإصلاحات الديمقراطية والحفاظ على التزام الولاياتالمتحدة تجاه مصر. وفى مؤتمر صحفى لنائبة المتحدث باسم الخارجية الأمريكية «مارى هارف» أكدت أن الإدارة كانت تعمل بالفعل مع الكونجرس بشأن المساعدات لمصر، كما طالبت بتوفير المناخ الذى يسمح بمشاركة جميع المصريين فى الاستفتاء، وأن موقف الولاياتالمتحدة لن يتغير، وأن الأمر متروك للشعب المصرى لكى يقرر مستقبله. ولو راجعنا مواقف إدارة أوباما المترددة والمتخبطة منذ ثورة 30 يونيو وعزل مرسى، وتهديدها بقطع المساعدات العسكرية، وتجميد تسليم طائرات «F16» وطائرات الأباتشى لمصر، سنجد أن ذلك تسبب فى إضعاف وتراجع كبير للعلاقات المصرية الأمريكية. لكن يبدو أن إدارة أوباما أعادت حساباتها من جديد وتأكدت أن مصر وشعبها ليست مرسى وجماعته وأن الجماعة الإرهابية خرجت ولن تعود. التراجع فى موقف الإدارة الأمريكية أكدته مجلة «نيوزويك» عندما نسبت إلى بعض الخبراء والمسئولين فى الكونجرس قولهم إنهم يرون سياسة أوباما «خرقاء وغير متماسكة» وأضافوا أن تخفيف القيود المحتملة على المساعدات لمصر لا يمثل سوى «تطور مؤسف فى محاولة فاشلة للحفاظ على النفوذ الأمريكى فى مصر». بصراحة.. إدارة أوباما هى من فعلت ذلك بنفسها، تحالفها المشبوه مع المعزول وجماعته، وموقفها الغريب من ثورة 30 يونيو وتجميدها للمساعدات ثم إعادة المساعدات لا يدل إلا على تخبط هذه الإدارة، وأن مواقفها وقراراتها غير مدروسة جيدًا.. وهناك العديد من الأمثلة والدلائل على ذلك فى السياسة الخارجية الأمريكية فى سوريا والعراق وإيران والقضية الفلسطينية.. وفى النهاية نواسى الشعب الأمريكى الصديق، ونتمنى له إدارة أفضل من الحالية بعد ثلاث سنوات.