منذ ثورة 25 يناير ذهبنا للإدلاء بأصواتنا أكثر من مرة، لا أذكر العدد بدقة، لكننا عانينا فى الطوابير أمام اللجان وأمام الصناديق، وفى الشهور القليلة القادمة سنذهب أكثر من مرة للتصويت فى الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعد أن اصبحت مسألة الذهاب للجان الانتخاب جزءًا مهمًا من الحياة الديمقراطية فى مصر. ونحن الآن فى أمس الحاجة لتنفيذ أسلوب التصويت عبر الإنترنت لتخفيف الزحام أمام اللجان وأمام صناديق الانتخاب، وسيساهم هذا الأسلوب فى سرعة إعلان النتائج، وسيتجاوز الانفلات الأمنى الموجود فى بعض المحافظات، ويفوّت على جماعة الإخوان محاولاتها المستمرة - عبر العنف - لعرقلة مسار خارطة الطريق. فأى اعتداء إرهابى على لجنة انتخابية فى الأماكن المضطربة أمنيًا يسفر -لا قدر الله- عن سقوط ضحايا من الناخبين، سيجعل الكثيرين يمتنعون عن الذهاب والمشاركة الآن أو مستقبلًا. أو يحشد الإخوان ومؤيديهم جهودهم لمنع الأقباط من التصويت كما حدث فى محافظة المنيا من قبل، لإشاعة حالة من الفوضى. ورغم التصريح المحبط لوزير التنمية الإدارية بأنه يستحيل فى الوقت الحالى استخدام التصويت الإلكترونى فى مصر نظرًا للظروف التى تمر بها البلاد، وأنه لا توجد ثقة كاملة من جانب بعض فئات الشعب فى هذه الطريقة، ولكى تُستخدم يجب أن يكون لدى الشعب ثقافة ووعى وثقة فى الحكومة. انتهى كلام الوزير وخلاصته «استحالة» استخدام التصويت الإلكترونى. لكن هناك تصريحًا آخر لرئيس الشركة المصرية للاتصالات فى حوار تليفزيونى منذ أسبوعين، أكد فيه أن عدد المشتركين فى الإنترنت فى مصر بلغ «16 مليون مشترك». وتحت هذا الرقم نضع أكثر من خط، لأنه يدعم بشكل كبير أن يرى التصويت عبر الإنترنت فى مصر النور. ولدينا نموذج ناجح يستعمله طلاب الثانوية العامة منذ سنوات وهو «التنسيق الإلكترونى» لدخول الجامعة، وهى مسألة أكثر تعقيدًا من عملية التصويت الانتخابى. وأود أولًَا أن نفرق بين نوعين من التصويت الإلكترونى، الأول يتم داخل لجان الانتخاب عن طريق أجهزة إلكترونية معينة وهو مطبق فى أمريكا والهند والبرازيل. والثانى هو التصويت عبر الإنترنت، وهو الذى أتمنى أن يطبق فى مصر، ويقوم الناخب عبر جهاز الكمبيوتر بالإدلاء بصوته من أى مكان. هذا النظام لن يكون اختراعًا مصريًا، فالانتخابات التمهيدية للحزبين الديمقراطى والجمهورى فى أمريكا تتم عبر الإنترنت، وقد بدأت بريطانيا فى استخدامه منذ عام 2002 لمواجهة ضعف الإقبال على مراكز الاقتراع، أما التجربة البارزة عالميًا فهى تجربة «أستونيا» وهى دولة مطلة على بحر البلطيق - من جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق- ونظامها جمهورى برلمانى، بدأت فى استخدام الإنترنت فى التصويت عام 2005، وصوت نحو 25% من عدد الناخبين البالغ عددهم مليون ناخب عبر الإنترنت فى الانتخابات البرلمانية عام 2011. الناخب الأستونى يستخدم بطاقة مميكنة مثل بطاقة الرقم القومى، يدخل بياناته الشخصية، ثم يقوم بالتصويت من أى مكان عبر شبكة الإنترنت. وبمجرد إدلاء الناخب بصوته إلكترونيًا يحذف إسم الناخب من لجنته الإنتخابية حتى لا يكرر عملية التصويت إلكترونيًا أو تقليديًا. كلنا نعرف أن التصويت عبر الإنترنت لن يكون ممكنًا فى المرحلة الحالية، لكن يجب أن نضع المسألة فى الحسبان ونعمل على تطبيقها، فما نريده فى كل انتخابات هو النزاهة والدقة والشفافية، وأن نمنع أى شبهة تواطؤ أو إكراه، وإذا عبرت مصر بأهلها إلى بر الأمان واكتملت خارطة الطريق على خير، وبدأنا فى بناء دولة القانون، فمن المحتم أن يصبح التصويت عبر الإنترنت -بجانب الطريقة التقليدية- أمرًا عاديًا وممكنًا فى المستقبل القريب. ملحوظة: عند تطبيق التصويت عبر الإنترنت سيصبح حزب «الكنبة» أقوى حزب فى مصر!!.