جامعة أسيوط تحتفل بتخرج الدفعة 39 من كلية التمريض.. وتُكرم المتفوقين    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    البابا تواضروس الثاني يلتقي رهبان دير القديس الأنبا هرمينا بالبداري    لجنة لمتابعة تنفيذ أنشطة مشروع تحسين نوعية المياه بمصرف كيتشنر بالدقهلية    رئيس الحكومة المغربية: مستعدون للتجاوب مع المطالب الاجتماعية والحوار    استدعاء الشيبي.. الركراكي يعلن قائمة منتخب المغرب لفترة التوقف الدولي    الداخلية: ضبط 3 من أسرة طالبة تعدوا على مدرس داخل مدرسة بالجيزة    وزير الصحة يكلف بتطوير مستشفى قلاوون التاريخي للرمد بالجمالية    الأوبرا تمد فترة التسجيل في مسابقات مهرجان الموسيقى العربية ال33 حتى 6 أكتوبر    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء فى قطاع إلى 66.225 شهيدا منذ بدء العدوان    الكرملين: الاتصالات بين الإدارتين الروسية والأمريكية تتم عبر "قنوات عمل"    مخاوف أمريكية من استغلال ترامب "الغلق" فى خفض القوى العاملة الفيدرالية    النائب ياسر الهضيبي يتقدم باستقالته من مجلس الشيوخ    ديكيداها الصومالي يرحب بمواجهة الزمالك في ذهاب دور ال32 بالكونفدرالية في القاهرة    البلدوزر بخير.. أرقام عمرو زكى بعد شائعة تدهور حالته الصحية    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    لأول مرة.. الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية للاستثمار في وثائق صناديق الملكية الخاصة    نجل غادة عادل يكشف كواليس علاقة والدته بوالده    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس لدعم حملة ترشح خالد العنانى فى اليونيسكو    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2أكتوبر 2025.. موعد أذان العصر وجميع الفروض    بكالوريوس وماجستير ودكتوراه، درجات علمية جديدة بكلية التكنولوجيا الحيوية بمدينة السادات    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    قطر تستنكر فشل مجلس الأمن فى اعتماد قرار بشأن المعاناة الإنسانية فى غزة    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    شيخ الأزهر يستقبل «محاربة السرطان والإعاقة» الطالبة آية مهني الأولى على الإعدادية مكفوفين بسوهاج ويكرمها    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    «غرقان في أحلامه» احذر هذه الصفات قبل الزواج من برج الحوت    بتكريم رواد الفن.. مهرجان القاهرة للعرائس يفتتح دورته الجديدة (صور)    بين شوارع المدن المغربية وهاشتاجات التواصل.. جيل زد يرفع صوته: الصحة والتعليم قبل المونديال    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    رئيس منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع فعاليات مسابقة السنة النبوية (صور)    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    تفاصيل انطلاق الدورة ال7 من معرض "تراثنا" بمشاركة أكثر من 1000 عارض    حمادة عبد البارى يعود لمنصب رئاسة الجهاز الإدارى لفريق يد الزمالك    السفير التشيكي يزور دير المحرق بالقوصية ضمن جولته بمحافظة أسيوط    " تعليم الإسكندرية" تحقق فى مشاجرة بين أولياء أمور بمدرسة شوكت للغات    تموين القليوبية يضبط 10 أطنان سكر ومواد غذائية غير مطابقة ويحرر 12 محضرًا مخالفات    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    القائم بأعمال وزير البيئة في جولة مفاجئة لمنظومة جمع قش الأرز بالدقهلية والقليوبية    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



((مانديلا)) .. و((نجم ديللا)) !
نشر في أكتوبر يوم 15 - 12 - 2013

كأنهما على موعد معا.. بعد هذا العمر المديد.. والكفاح البديع من قاع المجتمع إلى القمة.. وكلاهما بقدر ما عانى من السجن والظلم والجوع والمعاناة.. لكنه عاش لا يحمل فى قلبه سوى المحبة للجميع.. وانتصر بالبراءة والمناورة على قوى الشر، ولم يضعف أمامها أو يتنازل.. وبذكاء المصرى وفهلوته.. حتى بعد رحيله.. وكأنه أراد أن ينضم إلى حالة الحداد الرسمية التى أعلنتها مصر على رموز الحرية نيلسون مانديلا.. وقف أحمد فؤاد نجم أو «نجم ديللا» تحت نفس المظلة ولما لا.. تلك هى تصاريف القدر.. وبركة دعاء الوالدين كما كان «الفاجومى» يردد.. حيرنا اليتيم ابن الشرقية.. وأدهشنا كذلك ابن إقليم «أومتاتا» فى جنوب أفريقيا الذى كان اسمه الأصلى «دوليها لاهلا» المشاغب.. ثم اكتسب اسم مانديلا بعد ذلك كما اكتسب نجم لقب «الفاجومى» ومعناها بالبلدى الذى يعيشها بالطول والعرض وقد ضرب الدنيا بالقديمة.. وحول سجنه المظلم إلى مساحة ضده للحرية.. له ولغيره. كلاهما استطاع أن يحصل على احترام قاضيه ومن يحاكمه.. بل من يعاديه وفى مرة من ذات المرات التى تم فيها القبض على «نجم» وفى مجمع المحاكم ببولاق.. أمر القاضى بإحضاره.. ودخل إليه بعد أن فكوا الحديد من يده.. وعندما انفرد به طلب منه أن يسمع قصيدة «بقرة حاحا» وكانت قد أثارت جدلًا واسعًا.. وعن هذا الموقف قال نجم فى مذكراته:
(بصيت على القاضى لقيت قدامى وش مصرى.. شعر ملح وفلفل وسحنة نحاسية ووش بيضاوى لا يمكن أنساه.. وش يديك الإحساس بالألفة والأمان.. أنا لغاية دلوقت ما عرفش هو مين.. لكن هو عارف نفسه وقلت القصيدة بكل ما فى داخلى من حزن وعشق وشجن، وفوجئت بدموع القاضى نازلة على خدوده فى صمت فانفجرت أيضًا فى البكاء حتى انتهيت منها.. وبعد لحظات أخرج من جيبه ورقة بعشرة جنيهات وقدمها إلىّ قائلًا:أنا هافرج عنك أنت والشيخ إمام بكفالة عشرين جنيها، وللأسف ماقدرش أساهم غير بالمبلغ ده!
قلت: شكرًا أنا معايا المبلغ.
قال: هات لى به شريطا من تسجيلاتكم.
قلت له: شرايطنا لا تباع.. هاجيب لك واحد هدية.
قال: أنا هافرج عنكم لكن هما مش هيسيبوكم خلوا بالكم!
قلت له: المفروض أنتوا اللى تخلوا بالكم!
وعلى النقيض من ذلك كان هناك من الضباط من ينظر إلى نجم والشيخ إمام على أنهما من مصادر الإزعاج للسلطات ولهم.. وكانت لديه القدرة العجيبة على أن يحول كل لحظات الأنس إلى ذكريات يحكيها بلا خجل.
شقاوة «الفاجومى» فى عزبة نجم بالشرقية وارتباطه بأمه.. هى نفس الصورة التى عاشها مانديلا.. الذى كان يطارد الطيور بواسطة المقلاع ويجمع عسل النحل والجذور يصطاد الأسماك بالخيط المجدول.. ويلعب المصارعة والمبارزة.
وها هو نجم بخفة ظله يحكى عن حربه الضروس مع كلاب القرية ويقول:
وأنا لم أبدأ هذه الحرب وقد ضاعت كل فرص السلام بينى وبين كلاب القرية فإذا سمعت فى القرية أحد الكلاب يعوى أو يصرخ مستجيراً أعلم أنى لى علاقة بالموضوع.. وكأن الكلاب قد عرفتنى فهى تنبح بشدة إذا شاهدتنى.. وياويلى إذا تواجدت فى منطقة لا أجد فيها ما تيسر من الطوب ومع ذلك انتصرت فى كل معاركى باستثناء موقعتى الشهيرة مع كلب الخواجة كارند.. يا أخى حتى كلاب الخواجات «بنت كلب» أمثالهم!
وتغيرت أحوال مانديلا عندما ذهب إلى «جوهانسبرج».. وضاع نجم فى زحام القاهرة..تجربة السجن.. حولت مانديلا إلى بطل... وتجربة السجن حولت نجم من مجرد متهم بالتزوير فى أوراق حكومية.. إلى شاعر يتسع قلبه وعقل لمصر على اتساعها.. وقد دفع فى غرامها وأرادها دائماً. فى أحسن حال كما تستحق.. وظل حتى آخر أيامه يشع بالتفاؤل.. بأن أم الدنيا سوف تتجاوز ماهى فيه لتصبح قولا وفعلاً «قد الدنيا» و «مانديلا».. المقاتل العظيم قهر العنصرية بكفاحه المرير لا محبته العظيمة لبلاده.
جاءت الفرصة أكثر من مرة أحمد فؤاد نجم. ومعه الشيخ إمام أيام المطاردة والفتك خاصة فى عصر السادات.. وفتحت أمامهما أبواب الملوك والرؤساء وكنوز الذهب والفضة والقصور.. لكنهما اختارا حياة الفقر والحوارى والبهدلة والحشيش.. بدون تنازل أو تفريط لأنهما لم يكافحا لأجل المال والشهرة ومانديلا بعد أن أعاد بلاده إلى الأفارقة أصحابها وأهلها بعد سرقتها من البيض عاش بسيطاً بين الناس.
أحب عمر أحمد وقد كان سبباً فى يوم من الأيام خلال السبعينيات فى فصلى من كلية الهندسة و وقتها كنت أمينا للجنة الثقافية وجاء بعض الزملاء يطلبون موافقتى لعمل أمسية شعرية يحضرها مع الشيخ إمام... نعم كنا نتصرف فى الاتحاد على حريتنا.. لكن مباحث أمن الدولة كانت لنا بالمرصاد تراقب كل كبيرة صغيرة...
ولم أكن من الذين يتابعون نجم مثل زملائى وكنا فى هندسة المطرية فى شبه عزلة عن باقى كليات جامعة حلوان الجامعات الأخرى ومع ذلك وافقت.. وسافرت فى مرحلة إلى أسون وجاء إمام ونجم وزحف الطلاب خلفهما من جامعات مصر كلها فى سابقة لم تشهدها الكلية من قبل وتدخل أمن الكلية والحرس لإفشال الأمسية بكل السبل.. وكانت مجلات الحائط فى هذا الوقت تمثل وسيلة الاعتراض الأولى والأخيرة.. ووقع المحظور وأنقذتنى العناية الإلهية من المأزق لكى اكتشف أكثر وأكثر من هو نجم وأحبه عن وعى ومعرفة بعد أن كنت أحبه عن بعد .. مثلما فرحت بمانديلا وقرأت مذكراته أكثر من مرة.
ومن كلاهما تعلمت الانتصار على الحياة بالحب وفقا لنظرية المنطاد كلما ازدت الارتفاع به القيت بالمزيد من شكائر الرمال أو تنازلت عن الكثير من الأشياء التى يقاتل غيرك لأجلها.
والوقت وقتك ياولد
يابن البلد
ياقلب مصر ونبضها
يسرى بطولها وعرضها
ياقحمها يارمحها ياصبحها ياربحها
يانور سماها وأرضها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.