نحمد الله أن هناك دولًا عربية احتلت مكانة متقدمة على مستوى العالم، وكى لا يذهب تفكيرنا بعيدًا، فإن هذا التفوق جاء فى «الفساد». ففى تقرير منظمة الشفافية الدولية حول مؤشرات الفساد، تصدرت خمس دول عربية هى الصومال والسودان وليبيا والعراق وسوريا الدول العشر الأكثر فسادًا فى العالم. الشفافية الدولية منظمة غير حكومية معنية بالفساد، ويتضمن مجال عمل المنظمة الفساد السياسى ومختلف أنواع الفساد، وتشتهر عالميًا بتقريرها السنوى «مؤشر الفساد» وهو قائمة مقارنة للدول من حيث انتشار الفساد حول العالم. المنظمة تأسست عام 1993 فى ألمانيا، وهى تقود الحرب ضد الفساد، ومهمتها خلق تغيير نحو عالم بلا فساد. وجدير بالذكر أن مقياس «صفر» لتصنيف البلدان من حيث الفساد يعنى أن البلد غارق فى الفساد، فى حين أن درجة «مائة» تعنى أن البلد يخلو من الفساد بشكل تام. وجاءت الدنمارك ونيوزيلاندا فى المرتبة الأولى حيث حصلا على 91 درجة. أما أفغانستان وكوريا الشمالية والصومال فجاءت فى المرتبة الأخيرة فحصلت على 8 درجات فقط، وجاءت مصر فى المركز ال 114 وحصلت على 32 درجة. الجدل حول مستويات الشفافية فى مصر مازال مستمرًا، ولم يتغير كثيرًا عما كان عليه فى عهد مبارك. ويرجع البعض فقدان الشفافية لكونها محاولة حكومية لترتيب الأوضاع من الداخل، لن تستغرق وقتًا طويلًا حتى تستقر وتعود الشفافية المفقودة. أما البعض الآخر فيرى أن الموضوع يعود إلى الإصرار على التعتيم الذى يتحلى به كل من يتولى مقعد المسئولية فى مصر، ولا يزال التصور قائمًا فى أنه من حق النظام أن يخفى ما يريد ويفشى ما يريد. وهناك إحساس عام بتفشى الفساد فى منطقة الشرق الأوسط، بما فى ذلك أجهزة الشرطة والقضاء والإدارات الحكومية المعنية بالمشتريات العامة. والدول التى تشهد عنفًا أكثر فى الشرق الأوسط هى الدول التى يتفشى فيها الفساد، وتزداد الأوضاع سوءًا بسبب غياب الاستقرار السياسى، وهو ما يسمح بانتشار الانتهاكات. ويعتمد إعداد تقرير «مؤشر الفساد» على دراسات عديدة من خلال أسئلة لرجال الأعمال والمحللين من داخل وخارج البلد الذى يقومون بمسحه. وترى المنظمة أن جميع البلدان مهددة بالفساد، على جميع مستويات الحكومة، وأن هناك استحالة لقياس الفساد بشكل دقيق، لأنه يمارس خلسة وبصورة غير شرعية. كما ترى المنظمة أن التصنيف الأخير يرسم جدولًا مثيرًا للقلق، لأن الفساد يقف عقبة رئيسية أمام التنمية. وتؤكد المنظمة أنه وإن كانت مجموعة صغيرة من الدول تحقق نتيجة جيدة إلا أن أى منها لا يصل للدرجة النهائية، وأكثر من ثلثى الدول التى شملها التقرير - 177 دولة - حصلت على درجة دون الخمسين. وترى المنظمة فى هذا التصنيف تهديدًا لتعافى الاقتصاد العالمى، وتهديدًا لجهود مكافحة الفقر فى العالم.