اشتعل الصراع فى تحالف المعارضة السودانية، ورفض حزب «المؤتمر الشعبى» بزعامة حسن الترابى الاتهامات التى وجهها إليه «حزب الأمة» برئاسة الصادق المهدى، باعتبار الترابى مهندسا للحرب فى إقليم دارفور، والتى تسببت فى 600 ألف قتيل من ضحايا الحرب، وخسائر نحو 17 مليار دولار، فضلا عن مئات النساء والفتيات اللواتى تعرضن للاغتصاب. وشن «حزب الأمة» هجوما عنيفا ضد زعيم حزب المؤتمر الشعبى حسن الترابى، وحمّله مسئولية الحرب فى دارفور. وقالت رئيسة المكتب السياسى بالحزب سارة نقد الله: «إن جريمة دارفور مست كل السودانيين، وأن النظام افتعلها لتفتيت البنية والنسيج الاجتماعيين للإقليم». متهمة حسن الترابى بمسئولية - هندسة - مأساة دارفور». وأوضحت نقد الله أن التفتيت استند إلى خلق مشكلات قبلية بين المجموعات السكانية، وحل الإدارة الأهلية، وتسليح الرعاة والمزارعين واستخدامهم وقودا للحرب الأهلية، وخلق صراعات بين القبائل ذات الأصول العربية والقبائل الإفريقية. واعتبرت رئيسة المكتب السياسى أن النظام سعى لتفتيت نسيج دارفور لأنها توالى وتؤيد حزب الأمة، وأن حزبها حاز فى آخر انتخابات على 35 دائرة من أصل 38 دائرة انتخابية. ووصف الأمين العام للحزب إبراهيم الأمين حرب دارفور بالجريمة، وقال أثناء المؤتمر الصحفى الذى عقد السبت الماضى، وخصص لعرض خلاصة ورشة عمل نظمها الحزب باسم «إعلان الأحفاد حول حريق السودان فى دارفور»: «ما حدث فى دارفور أسوأ عملية ضد الإنسانية، ولا يمكن أن تحل إلا فى ظل نظام جديد، وأن ذهاب النظام الحالى هو الحل الوحيد لتلك المأساة». ودعا حزب الأمة إلى إعادة توطين حل مشكلة دارفور، وحصر التدخل الدولى فيها، والتعامل الإيجابى مع المجتمع الدولى وقرارات مجلس الأمن بحق السودان. رد المؤتمر الشعبى وفى رد لم ينتظر طويلا اتهم حزب المؤتمر الشعبى حزب الأمة القومى بتحريض الأجهزة الأمنية لاعتقال قياداته، وقال المسئول السياسى لحزب المؤتمر الشعبى كمال عمر فى مؤتمر صحفى: «إن اتهام رئيسة المكتب السياسى لحزب الأمة لحسن الترابى بتخطيط وهندسة مأساة دارفور التى راح ضحيتها مئات الآلاف، تحريض صريح للأجهزة الأمنية باعتقال قياداته». وأضاف أن «مثل هذا الاتهام إساءة لأهل دارفور، لأنه يصورهم كأنهم دعاة لا يفهمون قضيتهم.. لذا جاء الترابى وهندسها لهم». وبشأن حل مشكلة دارفور قال إن حزبه هو أول من قدم مبادرة لحل أزمة الإقليم، ولم يدخر جهدا لوقف الحرب، منذ مطالبته بانتخاب الولاة، وإجراء تحولات ديمقراطية فى البلاد، فى الوقت الذى لم يقم حزب الأمة بأى فعل ملموس تجاه حل المشكلة. مشكلة دارفور هذا وتحارب ثلاث حركات متمردة فى إقليم دارفور - غرب البلاد - منذ عام 2003 وتطالب باقتسام عادل للسلطة والثروة، وهى حركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، وحركة تحرير السودان بقيادة أركومناوى. وتزعم دوائر أمنية فى حكومة الرئيس البشير أن حركة العدل والمساواة هى الجناح العسكرى لحزب الترابى، الذى اعتقل لعدة أشهر عقب اجتياح جيش الحركة للعاصمة الخرطوم فى مايو 2008 ثم أطلق سراحة دون تقديمه للمحاكمة. وأسس الترابى الحركة الإسلامية السودانية، ويعد المخطط الرئيسى للانقلاب الذى أوصل الرئيس البشير للسلطة فى يونيو 1989، إلا أن الرجلين اختلفا فى عام 1999، وأسس الترابى حزب المؤتمر الشعبى. حزب سلفى جديد وفى خطوة اعتبرت انقلابا فى فكر التيار السلفى الذى طالما دعم نظام الرئيس البشير، أعلن التيار السلفى عزمه على تأسيس حزب سياسى وخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وكان التيار السلفى قد هاجم البشير ووصف نظامه بأنه «غير إسلامى ويجب على الإسلاميين مناهضته». وفى حديث تم بثه على الانترنت صرح محمد عبد الكريم أحد رموز التيار السلفى أن الحزب الحاكم فشل فى تطبيق الشريعة الإسلامية، مما يحتم على الإسلاميين أن يعارضوا هذا النظام من منطلق التوجه الإسلامى الصحيح حتى لا تكون فتنة». وأضاف «الكل وصل إلى قناعة بأن هذا النظام وصل إلى الشيخوخة التى عجز معها إصلاحيو النظام أنفسهم من الداخل عن رتق الفتق وإصلاح الخلل». وقالت مصادر قريبة من السلفيين إن برنامج عمل الحزب السلفى الجديد سيشمل مناهضة التمدد الشيعى ومكافحة نشاط القوى اليسارية والعلمانية، ومحاصرة ظاهرة التيار الجهادى المسلح الذى كان محسوبا على الجماعات السلفية. اجتماع لاهاى على صعيد آخر اجتمع قادة «الجبهة الثورية» مع مسئولى المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى، وقدموا شرحا للأوضاع فى السودان، متهمين الخرطوم بمواصلة انتهاك حقوق الإنسان وتنفيذ «إبادة جماعية» فى إقليم دارفور وولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق. وحض الوفد الذى قاده رئيس الجبهة مالك عقار المحكمة على تكثيف الجهود للقبض على البشير وبقية المتهمين. كما عرض قادة تحالف متمردى «الجبهة الثورية» على المحكمة الجنائية الدولية المساعدة فى القبض على الرئيس السودانى الذى يواجه مذكرتى اعتقال فى تهم تتعلق بالإبادة الجماعية وجرائم حرب ارتكبت فى إقليم دارفور منذ عام 2003. الإصلاح والنهضة ومن جهة أخرى اختار اجتماع بمنزل غازى صلاح الدين، أبرز الإصلاحيين المنشقين عن الحزب الحاكم وسط حضور كبير، اسم «حزب الإصلاح والنهضة» ليكون مسمى للحزب الجديد. وقال القيادى الإصلاحى أسامة توفيق: إن قيادات تيار الإصلاح اتفقت على إطلاق اسم «الإصلاح والنهضة» على حزبهم الجديد ليعبر عن «كل الجماهير التواقة لتحقيق قيم الحق والخير والعدل والبناء والتنمية الشاملة». وأضاف أنهم شرعوا فى إجراءات تسجيل الحزب، مؤكدا أن الحزب الجديد سيطرح برنامجا مختلفا عن برامج الأحزاب السودانية، وسيخاطب الشعب ببرنامج طموح وهادف. ورحّب حزب «المؤتمر الشعبى» المعارض بزعامة حسن الترابى بالخطوة، واعتبرها إضافة لقافلة الإصلاح والحريات والتحول الديمقراطى.