بهذه العبارة الغامضة والمخيفة استقبل الملك الذهبى الشاب توت عنخ آمون زائرى ومكتشفى مقبرته للمرة الأولى فى نوفمبر 1922، ولم يلق الزائرون بالا لتلك العبارة إلابعد الوفاة المفاجئة طول حملة الكشف عن المقبرة اللورد كارنارفون، وتبعه أمين قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر جورج بينديت متأثرًا بضربة شمس بعد خروجه من المقبرة،و12آخرون فقدوا حياتهم وقتها، مما فتح الباب لأول مرة عن اكتشاف أسطورة «لعنة الفراعنة» حسام عبد العظيم الباحث فى الآثار المصرية يروى ان نبأ اكتشاف المقبرة غطى على الأحداث العالمية فى ذلك الوقت فى صحف العالم مثل إعدام خمسة من رؤساء الوزارات السابقين فى اليونان بتهمة الخيانة العظمى والثورة فى أيرلندا و الصراع داخل الكرملين و معارك العرب و الصهاينة فى فلسطين و الحرب الأهلية فى الصين، وزلزال طوكيو و ولاية أوكلاهوما الأمريكية و القتلى الذين بلغ عددهم 120 ألفا، وفشل انقلاب هتلر فى ميونخ و انهيار سعر المارك الألمانى ، حتى أصبح الدولار يساوي 4 ملايين مارك و انتخاب مصطفى كمال رئيساً لتركيا،وخصصت الصحف العالمية كثيراً من أعمدتها يومياً لنشر نبأ الاكتشاف ..عن مقبرة الملك توت حظى باهتمام عالمي ، و حضر الافتتاح وقتها كل من الملكة إليزابيث الثانية ملكة بلجيكا و ولى عهدها الأمير ليوبولد الذين جاءا من بلجيكا خصيصاً لهذا السبب استقلا قطاراً خاصاً من الإسكندرية، وأمضت شهراً فى مصر تبرعت خلاله ب 1800 جنيه و عقدت مؤتمراً صحفياً عن أهمية الكشف،..ونحن فى هذه الأيام نحتفل بهذا الشهر الذى تم فيه اكتشاف واحدة من أهم مقابر ملوك مصر القديمة، حيث يقام فى وادى الملوك فى إبريل القادم بإذن الله تركيب أول مقبرة مستنسخة هناك و هى للملك توت عنخ آمون بحيث يتم إغلاق المقبرة الأصلية ليتم حفظها، و يتوجه الزوار إلى المقبرة المستنسخة. اما الدكتورة هالة نور الدين الحفناوى «أستاذة ميكروبيولجى» فتقول إن العلماء يرون أن هذه اللعنة ما هى سوى تخيلات بشر حيث ان كون المقبرة مغلقة آلاف السنين يجعل من الطبيعى أن يكون بها هواء ملوث وميكروبات وغازات سامة وفور أن يستنشق الإنسان هذا الهواء الملوث طبيعى أن يمرض وقد يموت فى بعض الأحيان. وأضافت فضلات الخفافيش المتراكمة داخل المغارات قد تكون سببًًا فى وجود الفطر المعدى الذى ينمو بين هذه الفضلات وبعض المواد المتعفنة, فقد أظهرت عينات من الهواء أخذت من داخل التابوت من خلال ثقب تم حفره، مستويات عالية من كبريتيد الأمونيا والفورمالدهايد والهيدروجين وهذه الغازات كلها سامة ولها رائحة نفاذة وقوية وتؤثر على الأعصاب الخاصة بحاسة الشم وتؤدى إلى الوفاة بمجرد استنشاقها.فالبكتيريا تعيش فى بيئات متنوعة مثل التربة والماء والهواء، و تعتبر أيضا مكونا طبيعيا من مكونات الجسم البشرى ولها أشكال متعددة فهناك بكتيريا كروية مثل الستافيلوكوككس وبكتيريا عضوية مثل السودوموناس. وأهم الأمراض التى تسببها البكتيريا مرض الدفتيريا و مرض الالتهاب الرئوى ومرض السل. و هناك ايضا الفطريات مثل فطر الأسبرجيلس والفيوزاريوم والتى تسبب العديد من الامراض أهمها مرض الهستوبلازموسيس والذى ينتقل عن طريق استنشاق هواء ملوث بالفطر وأكثر الأماكن التى تتواجد فيها هذه الأنواع من الفطريات هى الكهوف والبيوت الزجاجية حيث يختلط الفطر بفضلات الخفافيش والطيور. وهناك ايضا تفسير آخر للعنة الفراعنة وهو الإشعاعات الذرية حيث..كان قدماء المصريين قد يفهمون قوانين التحلل الذرى وكان اليورانيوم معروفا لدى كهنتهم وحكمائهم ومن المحتمل أنهم استخدموا الإشعاعات الذرية من أجل حماية أماكنهم المقدسة ومن المعلوم ان ذرة اليوانيوم تفرز إشعاعا بصورة تلقائية مستمرة لا تؤثر عليها المؤثرات الخارجية من ضغط ودرجة حرارة ولهذا سمى إشعاع اليورانيوم «إشعاع نشط» وتسمى هذه الظاهرة «النشاطية الإشعاعية» فمثل هذه الإشعاعات يمكن أن تقتل إنسانا أو تؤثر تأثيرا سلبيا على صحته. ولا بد هنا من التذكير بأن أكثر حالات الوفاة بين علماء الآثار المتصلين بمقابر المصريين القدماء لم يتمكن الأطباء من تحديد السبب الحقيقى لها وأن العديد من علماء الآثار المصرية القديمة كانوا يشعرون بالتعب المفرط كما ظهر عند البعض منهم علامات واضحة على تلف الدماغ نتيجة العمل الطويل داخل المقابر. والبعض الآخر عانى من تغيرات بيولوجية ولم تظهر عليه هذه الآثار إلا بعد شهور أو سنين والبعض مات فجأة وبشكل غير متوقع. وأضافت: من الممكن أن تبقى مصادر الإشعاع داخل المقبرة وبنفس الفعالية على مدى آلاف السنين وتظل قوة ذلك الإشعاع قادرة على إلحاق الأذى بالناس فاليورانيوم من العناصر المشعة التى يكون لها فترة نصف عمر طويلة(هو الزمن الذى تنخفض فيه الكمية المشعة إلى النصف) تستغرق آلاف السنين حتى تستقر وتتوازن مع البيئة، كما ان استخدام الإشعاع يفسر سبب عدم عمل الأجهزة داخل حجرة الدفن بالهرم وهذا يعنى أن قدماء المصريين ربما كانوا يتمتعون بقدر من المعرفة يتجاوز ما وصل إليه العلماء فى عصرنا هذا، لقد بقيت لعنة قدماء المصريين ظاهرة لا تجد لها تفسيرا علميا دقيقا عبر القرون ولا تزال تحير وتربك علماء المصريات رغم تقدم العلوم وتطورها الهائل فى العصر الحديث..ويبقى الغموض وتبقى اللعنة سرا لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى . ايضا يقول دكتورمحمد بكر رئيس هيئة الآثار المصرية سابقا إن مايقال عن لعنة الفراعنة هو شائعة ولا وجود لها فقد اثيرت هذه الشائعة بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ امون والذى تبنى عملية الاكتشاف اللورد الإنجليزى كارنارفون الذى اصيب فى رئتيه بعد وقوع حادث له فى أوربا كانت سبب مجيئه الى مصر لتلقى فترة نقاهة المرض وأثناء اقامته فى احد الفنادق بالاقصر اقترب منه هيوارد كارتر وهو رسام إنجليزى يساعد فى رسم الآثار للبعثات ومن ثم نسبت اليه مهارة الكشف عن الاثار فعرض على اللورد كارنار فون تمويل اكتشاف مقبرة فى وادى الملوك لم يتم الكشف عنها بعد, واكد له ان اثناء بحثة وجد بقايا تحمل اسم الملك توت عنخ امون الذى لم يكن معروفا فى هذا الحين مدفونة فى مكان توقع أن يكون بالقرب من مكان مقبرته المختفية فى الأنفاق، وبدأ عملية البحث والتنقيب ووجد آثارًا كثيرة جدا أثناء العمل ونقلت إلى لندن وبعد مدة مل اللورد كارنارفون من وجوده فى مصر وقرر الرجوع إلى بلاده فترك الأقصر وذهب إلى القاهرة استعدادا للعودة إلى بلادة ، ولكن فى الأيام الأخيرة تم اكتشاف مدخل المقبرة، فقام كارتر بإعلام كارنارفون عن الاكتشاف بخطاب نصه «اكتشفنا مدخل مقبرة توت عنخ امون برجاء العودة إلى الأقصر لكى تحضر الافتتاح» فحضر الافتتاح وبعدها أصيب بحمى شديدة جدًا نقل بسببها إلى القاهرة للعلاج بالمستشفى الأمريكى بالزمالك لمدة ثلاثة ايام وبعدها توفى ونشر أنها وفاة مفاجئة وهذا غير صحيح, فأثناء وقيل إنه فى نفس لحظة وفاته مات كلبه بعد امتناعه عن الطعام وبعد عواء طويل، ومن هنا صارت شائعة لعنة الفراعنة وخاصة لعنة توت عنخ امون والذى أوجد هذه الشائعة وركزها فى عقول البشر أحد الصحفيين كان يشتهر بكتابة القصص بعث بخطاب يشير فيه أنه يوجد احتمالية أن توت عنخ امون له لعنة تصيب كل من تسبب فى فتح المقبرة وانتهاك حرمة الميت، فتم الربط بينها وبين وفاة اللورد . وأكد أن المكتشفين كانوا يتعاملون مع هذه القطع أثناء تخريجها من المقبرة بحذر شديد لأنها كانت هشة وفى حاجة إلى ترميم وقام كارتر بترميمها والاستعانة بمرممى آثار من الخارج وعملوا بترميم القطع الأثريه لمدة تسع سنوات ،وأشارمحمد إلى أن هذه المقبرة الوحيدة فى مصر التى تم اكتشافها كاملة ولم تتعرض للسرقة منذ أن تم دفنها فى نفق من أنفاق جبل الأورمة الموجود بالبر الغربى من الأقصر وسميت هذه المنطقة بوادى الملوك لأنها ضمت معظم ملوك الدولة المصرية الحديثة ،وأوضح أن القطع التى وجدت بالمقبرة حوالى 5000 قطعة من جميع مايخطر على البال من أشياء تتعلق بالديانة وأمور تتصل بالجنازة والتحنيط وأيضا المقتنيات التى لايستطيع الفنانون المعاصرون مضاهاتها، حيث وجدت ملابس ونوعيات من الحبوب التى كانت تستخدم فى هذه الفترة وكمية من المجوهرات الملكية والتى نقلها كارتر إلى لندن. وأضاف أن هذه المقبرة غيرت خريطة السياحة فى العالم فقد أثرت المتحف المصرى وأعطت فكرة للعالم أن مصر مازالت صاحبة الحضارات بعد طول النهب والسرقة وبها مايميزها عن غيرها ومازالت غنية بالآثار المخبأة بباطن جبال مصر ،ويشير إلى أهمية الأحتفال بافتتاح المقبرة حيث أنها فرصة لمحاولة التعريف على مستوى العالم بأهمية مصر. فالتراث الفرعونى هو أقدم تراث فى العالم كله، وهى محاولة لتسليط الأضواء على مناسبة عظيمة حدثت فى عام1922م لانزال نحتفل بها حتى اليوم. وأكد الدكتورمصطفى أمين الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار:لا يوجد مايسمى بلعنة الفراعنة فالمشكلة الأساسية تكمن فى أن الخبراء عند اكتشافهم المقبرة تكون مغلقة منذ فترة طويلة وقد يكون بها بعض البكتريا والميكروبات التى تؤثر على التنفس وصحة المكتشفين وأصابتهم بالأمراض التى تؤدى إلى موتهم ،وأكد أن هذا كان يحدث بسبب عدم معرفتهم كيفية التعامل مع المقابر فيصابون بالأمراض ولكن بعد ذلك أدركوا السبب وبدأوا عند اكتشاف أى مقبرة يتركونها لفترة بحيث يتجدد الهواء بها وتتطهر من البكتريا وبالتالى أصبح لايوجد أى خطورة على الخبراء ، وأضاف مصطفى أنه لايوجد سبب مرتبط بالمقبرة فى وفاة كارنا فون الا أنه توفى بعد اكتشافها فقيل إن لعنة الفرعنة أصابته وهذه يطلق عليها «خرافات» والدليل على ذلك أنه كان بعض الفراعنة يقومون بسرقة كثير من المقابر ولم يحدث لهم شىء،مضيفا ان الكثير من دول العالم كانت ولازالت شغوفة بهذه المقبرة وبأسرار الملك الشاب. ويضيف دكتور عبدالرحمن العايدى عالم الآثار: اشتهرت مقبرة توت عنخ امون بأن بها لعنة الفراعنة بسبب وجود تابوت بداخلها مكتوب عليه «من يزعج الملك فى رقدته سوف تلاحقة اللعنه» فهى عبارة كان المقصود بها إرهاب لصوص المقابر فى العصر القديم , وقد يكون الأثرى متلهفا الأكتشاف فيسرع بدخوله المقبرة دون أن يأخذ احتياطاته فيصاب بالأمراض بسبب البكتريا الموجودة داخل المقبرة والتى يستنشقها فى الهواء فتتسبب فى موته وأكد العايدى أن موت اللورد كارنا فون بعد اكتشاف المقبرة مجرد مصادفة والدليل على ذلك أنه مرض بالحمى، وأشار العايدى إلى أنه بالرغم من أن الملك لم يحكم إلا فترة وجيزة جدًا ولم يكن له أثر كبير فى التاريخ الفرعونى ولم يكن ذا شهرة فأن أهمية كشف المقبرة أنها من أهم المقابر التى تم الكشف عنها وكانت سببًا فى إثراء السياحة فى مصر وأثرت أيضا علماء الآثار وأضافت لعلم الآثار الكثير وألقت الضوء على حقبة من أهم حقب التاريخ وهى الفترة الانتقالية مابين نهاية عصر الأسرة الأولى فى القرن ال18 وانتقال الحكم للأسرة الثانية وأوضح العايدى أن توت عنخ آمون جاء فى فترة حرجة واختفى فجأة من الحكم بعد عدد سنوات وجيزة وتوفى فى سن صغير مما فتح جدالًا على سبب وفاته ،ويؤكد أن الاحتفال بهذا اليوم له أهمية فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد من الممكن أن تساعد فى جلب السياحة مرة أخرى حيث سيكون لها مردود جيد على الدخل القومى ومن الناحية العلمية يحفز العاملين باكتشاف الآثار على أهمية اكتشاف المقابر .