يبدو أن جملة «أنا كلمتى لا يمكن تنزل الأرض أبدا.. خلاص تنزل المرة دى».. هذه الجملة الساخرة التى قالها عبقرى الكوميديا الراحل، وخريج مدرسة «الفرير» الفنان عبد الفتاح القصرى، لزوجته قوية الشخصية فى فيلم «ابن حميدو»، لتدل على مدى سيطرتها عليه، وعدم قدرته على فرض رأيه أو كلمته عليها، وأن كل غضبه وحنقه ينتهى فى النهاية إلى لا شىء قد أصبحت بالفعل تحكم الكثير من العلاقات فى البيوت المصرية. فالظاهر أمام الناس هو أن الرجل يسيطر على المرأة، بل وقد يضطهدها فى ظل مجتمع ذكورى، وقوانين تنحاز إلى الرجل.. وأن المرأة العربية بشكل عام مظلومة ومقهورة.. لكن الحاصل فى الواقع عكس ذلك تماما.. وصورة «سى السيد» الذى يشخط وينطر ولا ينتظر من زوجته الست «أمينة» المنكسرة الغلبانة سوى السمع والطاعة.. هذه الصورة اختفت أو كادت تختفى من المجتمع المصرى.. والمرأة الآن لا تكتفى بالنقاش والتشاور، لكنها فى الحقيقة ومن وراء الستار، وأحيانا من أمامه هى صاحبة القرار، وعلى الزوج أن يكتفى بالصراخ أحيانا، وبالتهديد أحيانا أخرى، قبل أن يرضخ فى النهاية لما تقوله الزوجة. والبعض يرى أن السبب فى اختفاء ظاهرة «سى السيد» هو خروج المرأة للعمل ومشاركتها للرجل فى الإنفاق وتحمل تكاليف وأعباء الحياة ومصاريف البيت والأولاد، بل وكثير من الزوجات تفوق دخولهن دخول ومرتبات أزواجهن، ويتحملن القدر الأكبر من مصروف البيت ونفقات المدارس.. وقد يكون هذا صحيحا، أو على الأقل عاملا من عوامل تهاوى قوة الرجل وسطوته على المرأة.. لكن.. ماذا نقول عن الزوجات المسيطرات من ربات البيوت اللاتى لا تعملن ولا توفرن للأسرة أى نوع من أنواع الدخل المادى، وتعتمدن بشكل كامل على الزوج فى الإنفاق..لماذا لا يستسلم لهن الرجل، إذا كان الأمر متعلقا بالمادة، ومن الذى لا ينفق أو من يكسب أكثر ومن يكسب أقل!. والبعض يرجع الأمر إلى زيادة نسبة التعليم، خاصة بين الفتيات، وانتشار التليفزيون بأفلامه ومسلسلاته، التى تعلم المرأة كيف تثور وتتمرد، وربما يكون ذلك بالفعل أحد الأسباب، لكن يبدو أن هناك شيئا ما قد تغير فى «جينات» الرجل الشرقى نفسه، وجعله يتخلى عن عاداته القديمة.. ويتحول إلى «كيس جوافة» فى البيت.. ويقتنع بأن الأفضل له أن يربى «عياله» ، بدلا من أن يربى «شاربه»!.