ذكرت أحدث دراسات الأستاذ الدكتور محمد غانم أستاذ ورئيس قسم الأمراض النفسية والعصبية ورئيس مركز الطب النفسى والعصبى بجامعة عين شمس أن أكثر من 17% من المصريين مصابون باضطرابات نفسية بل إن 10% مصابون بالوساوس فالأزمات المتكررة أدت إلى انعكاس على السلوك العام فالجهاز العصبى للمجتمع تحمل فوق طاقته بكثير نتج عن ذلك انفلات وممارسات عدوانية غير مبررة، فلا يمكن تصور أننا فى هذا التوقيت قادرون على إدارة حوار جدلى بين توجهات سياسية متباينة وتداول الأفكار فى القضايا والأزمات بدون ان يكون ذلك دعوة صريحة للاشتباك والخلاف حيث انتهى حوار أو المفترض أنه حوار بين ضيفين داخل استوديو إلى تبادل الاتهامات والسباب ثم التراشق بالمياه وهو ما يعكس بالضبط الحالة النفسية السيئة الذى نشير إليه فإذا كان ذلك حال النخب، فما بالنا بالجماهير المشحونة أصلا.. يقول الدكتور أنور الاتربى أستاذ الامراض النفسية والعصبية جامعة عين شمس أن رجال الشرطة من أهم الفئات التى ترددت عليه فى العيادة حيث كان يعانى الكثير منهم تشوشا فكريا وتخبط نفسى بسبب أنه لا يستطيع سوى طاعة الأوامر طاعة عمياء لذا تقدم هو ومجموعة من زملاءه بمبادرة لإعادة تأهيل ضباط وعساكر الشرطة على التعامل مع الأزمات حيث أنه مع الضغط النفسى على الضباط والعساكر فى تأدية الأوامر، جعلهم تحت ضغط شديد، مما جعله يفتقد القدرة على التحمل .. هذا غير فئة العاملين فى القطاع الخاص والعاملين بالسياحة الذى أضيروا أشد الضرر لدرجة أن بعضهم باع أثاث بيته لكى يتقوت هو وأولاده مما أدى إلى إصابتهم بحالة شديدة من الانهيار النفسى. ويقول الدكتور يحيى الرخاوى أستاذ الأمراض النفسية بكلية طب - قصر العينى - جامعة القاهرة أن الجهاز العصبى للمصريين تحمل فوق طاقته بكثير مما نتج عنه ممارسات عدوانية غير مبررة، ساعد فى انتشار هذة الحالة اتساع الفضائيات بهذه الصورة الزائدة وبالذات ما يسمى بالتوك شو التى أضافت إلى حياتنا نوعا من الاهتمامات لم تكن لها هذا الحيز من اهتمامنا قبلا فأغلب ما يجرى هو تنظير غير هادف بمعنى أنه لا يركز على تحقيق فعل بذاته عند المتلقى حيث إننى أشعر أن كثيرا من المتجادلين يمارسون شطارة لفظية أكثر منهم يهدفون إلى توصيل رسالة أو تحريك وعى. ويضيف الرخاوى أن هناك عوامل كثيرة تجعل أى شخص يتوقف عند مرحلة استعمال الألفاظ فى ذاتها دون توظيفها حاملة لمضمون يريد توصيله معتقدا أن نقص الثقة بالنفس عامل أهم من نقص الخبرة فى هذا المجال بجانب نقص المعلومات ومن ثم الفتوى – ليس فقط الدينية- بغير سند، وللأسف أرى الآن أن كفة الأداء الإعلامى السلبية تتزايد مع تزايد التركيز على الإثارة وعلى التهييج وعلى تدعيم الانفعالات الفجة والبدائية دون الوعى بأثر عرض أية صورة أو أى خبر متسائلا هل هو لمجرد هز السلطة أو الانتصار على الخصم أم أنه يعود بالخير على اقتصاد البلد وأمنه كما يجب فى مواجهة عدو متربص؟ ويقول الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسى أنه لابد أن نفرق ما بين المرض النفسى والصحة النفسية، لأن المرض النفسى يحتاج إلى علاج طبى ونفسى وسلوكى، أما الصحة النفسية فهى موجودة عند كل الناس وليس لها علاقة بالمرض النفسى فالمرض النفسى مثل القلق، الاكتئاب، الفصام، الهذيان، الهوس، الذاتوية، وأمراض كثيرأما بالنسبة للصحة النفسية فالأمر مختلف لأن منظمة الصحة العالمية لها مقولة شهيرة إنه لا توجد صحة دون صحة نفسية لأن تعريف الصحة هى جودة الحياة الجسدية والنفسية والاجتماعية وليست الخلو من المرض وفى مصر الآن لا يطيق أى إنسان أى إنسان آخر وأصبحت العصبية العامل الأساسى فى حياة الإنسان المصرى وبالتالى المكون الأساسى للصحة النفسية زى الزفت دلوقتى.