أثارت الغارة الأمريكية التى تم تنفيذها بطائرة بلا طيار - فى منطقة شمال وزيرستان الباكستانية القريبة من الحدود الأفغانية، والتى أدت لمقتل حكيم الله محسود زعيم حركة طالبان الباكستانية- العديد من التساؤلات والانتقادات فى آن واحد حول مدى تحقيقها للهدف الذى تسعى إليه الولاياتالمتحدة، وهو إضعاف حركة طالبان باكستان أم أنها ستؤدى إلى نتائج عكسية، إذا قاد مقتل محسود إلى هجمات انتقامية من قبل طالبان، وتوقف جهود الحكومة الباكستانية لبدء محادثات سلام مع الحركة؟ ويبدو أن الإجابة عن هذا السؤال لن تكون بهذه السهولة، فالصحف العالمية والمحللون السياسيون اختلفوا فى تقدير نتائج هذه الضربة، فالفريق الأول يرى أن مقتل محسود ضربة كبرى لحركة طالبان الباكستانية، خاصة أنها تأتى بعد أقل من شهر من اعتقال قائد كبير آخر من قبل القوات الأمريكية، وفى هذا السياق قال «رحيم الله يوسفزاى» لوكالة فرانس برس إنه من غير الواضح ما إذا كانت حركة طالبان لديها شخصية قادرة على ملء الفراغ الذى خلفه القائد محسود الذى كان يتمتع بالكاريزما، مضيفا أن مقتله سيضعف الحركة. وعلى ما يبدو أن اختيار زعيم جديد سيمثل أزمة كبيرة لحركة طالبان باكستان، وما نشر الأيام الماضية يؤكد هذا الكلام، حيث أعلنت الحركة فى بادىء الأمر اختيارها القائد المتشدد «خان سعيد ساجنا» زعيما جديدا لها، قبل أن تتراجع عن القرار، وتختار قائدا مؤقتا هو عصمت الله شاهين. من ناحية أخرى، ترى كثير من التحليلات السياسية أن الضربة الأمريكية كانت خطأ كبيرا، لأنها أدت لنسف أية مفاوضات بين الحكومة والحركة، حيث جاء مقتل محسود بينما تستعد حكومة إسلام آباد لإرسال وفد إلى المناطق القبلية معقل المتمردين فى شمال غرب باكستان بالقرب من الحدود الأفغانية للتحاور مع المتمردين تمهيدا لمحادثات سلام محتملة، فكتبت صحيفة «ديلى تايمز» الباكستانية أن ضربة الطائرة الأمريكية بدون طيار تعرض محادثات السلام للخطر، كما أكدت صحيفة «إكسبريس تريبيون» الباكستانية أن الضربة الأمريكية تبدو محاولة متعمدة من الولاياتالمتحدة لتصفية حركة طالبان باكستان، وتقويض عملية السلام، وقد أكد الرئيس الأفغانى حامد كرزاى نفس المعنى، فقال إن توقيت الغارة الأمريكية غير مناسب بالنسبة للسلام فى أفغانستانوباكستان التى كانت على وشك بدء مباحثات مع الحركة التى استبعدت بعد الغارة إجراء أى حوار، كما أشارت صحيفة «الباييس» الإسبانية إلى أن الحكومة الباكستانية اعتبرت الغارة الأمريكية ضربة موجعة موجهة لجهود حكومة رئيس الوزراء نواز شريف، للتوصل إلى سلام بين الفرقاء فى البلاد، كما ظهر وزير الداخلية الباكستانى «تشودرى على خان» فى مؤتمر صحفى مطول بث على الهواء واستمر ساعة كاملة، وكان الغضب باديا على ملامحه وكلماته، حيث قال « إن حكومة باكستان لا ترى الغارة التى قامت بها طائرات مُسيرة عن بعد على أنها موجهة ضد فرد بعينه، بل هى هجوم على عملية السلام فى باكستان»، وفى إطار الغضب الباكستانى طالب بعض السياسيين بقطع خطوط الإمداد للقوات الأمريكية فى أفغانستان ردًا على الهجوم الأمريكى، وهو ما من شأنه أن يحدث اضطربا خطيرًا بينما تستعد القوات الأمريكية والغربية للانسحاب من أفغانستان بحلول نهاية العام المقبل.