وردة مطربة جزائرية صنعت فى مصر صحيح أن البداية كانت فى باريس وبيروت، لكن ذلك كان فى مرحلة الطفولة وتقليد أم كلثوم وأسمهان ونور الهدى، فلما جاءت للسينما فى القاهرة، صنعت نجوميتها على المستوى العربى بألحان رياض السنباطى وبليغ حمدى قبل أن يحين الوقت لألحان محمد عبد الوهاب ومعظم نجمات العرب جئن لمصر من أجل الشهرة بالسينما والحفلات العامة والإذاعة المصرية وكانت صانعة النجوم ولكن لم تنسب أية مطربة إلى بلدها، فلم تسمع عن صباح اللبنانية، أو أسمهان السورية أو عليا التونسية فقط هى «وردة الجزائرية» وكان نسبها إلى بلدها الجزائر يغضبها كثيرًا فهى تغنى للعرب وليس لأهل بلدها فقط. وقد يرجع سبب هذه التسمية إلى أن وردة عندما جاءت للقاهرة وهى صغيرة بدعوة من إذاعة صوت العرب لتشارك فى احتقالات ثورة يوليو 1952، جاءت ممثلة لدولتها الجزائر فى الاحتفالات الغنائية وقدمت أغنيتها «أنا من الجزائر.. أنا عربية»وتخصصت فى غناء الفقرة الخاصة بالجزائر فى نشيد «الوطن الأكبر» و«صوت الجماهير» ثم إن وردة كانت تحمل كثيرًا من الثقافة والعادات والانفعالات الجزائرية، ولأنها كانت صغيرة السن فإنها لم تحسن التعامل مع رجال الإعلام فى مصر فلم يستقبلوها كما تحب، وكم من أخبار سيئة نشروها عنها وشائعات سلبية روجوها تتهمها بكراهية المصريين، وبعلاقات غير مستحبة مع المشير عبد الحكيم عامر. وكم كانت الجزائر تقدر ابنتها الفنانة العربية الكبيرة، فبعد أن تزوجت الضابط الجزائرى «جمال القصرى» وأنجبت وداد ورياض، واعتزلت الغناء وأعادها الرئيس الجزائرى «هوارى بومدين» لتشارك فى احتفالات عيد الثورة الجزائرية العاشر، ولما توفيت فى 17 مايو 2012 بعث الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بطائرة خاصة لتنقل جثمانها إلى الجزائر وتم تكريمها هناك. وصوت وردة جميل متمكن ومساحته عريضة وقدراته كبيرة فى أداء الألوان العربية التقليدية، وإذ لزم الأمر فإن الغناء الدرامى على حنجرتها مقنع لصدقه وقد ظهر ذلك فى بعض أفلامها ومنها «حكايتى مع الزمان» و«آه ياليل يازمن» والتى لحنها لها بليغ حمدى ضمن 80 أغنية تعاونا معا فى تقديمها. والمستمع لأغنيات وردة يستطيع أن يتبين اختلافا كبيرًا فى أدائها حسب اختلاف الملحن، فأغنية «يالعبة الأيام» ألحان رياض السنباطى تركيز وردة فى أداء اللحن الكلاسيكى الكبير، فلا توجد فرصة لاستعراض عضلات الصوت أو الاستظراف الغنائى، أما ألحان بليغ حمدى لوردة فإنها تفضل صوتها من مصاف نجمات الغناء الكلاسيكى إلى مطربات ألون الشعبى. فالصوت مثل جواد منطلق وبلا لجام والكلمات شعبية قد تكون من تأليف بليغ حمدى سواء عرفت باسمه أو باسم غيره ونستثنى من هذه الأغانى الألون الدرامية التى لحنها بليغ لوردة منها «حكايتى مع الزمان» و«بودعك» وألحان مسلسل الأطفال التلفزيونى «أوراق الورد» وقد كتب كلماته عبد الوهاب محمد فى شكل مادة تربوية للأطفال تختلف كثيرا فى شكلها الغانى وأدائها ولحنها عن أغنياتها العادية ومنها «اسمعونى» «وحشتونى» و«دندنه» «ولاد الحلال» «اشترونى» وغيرها بالإضافة إلى مسرحية «تمر حنة» ولو تكررت التجربة بينهما لحققا نجاحاً كبيرًا. أما الألحان التى وضعها محمد عبد الوهاب لوردة مثل «لولا الملامة» «فى «يوم وليله» «أنده عليك بالحب تجينى» «بعمرى كله حبيتك» بالإضافة إلى «الوطن الأكبر» «والجيل الصاعد» و«جيش وشعب» فإن أداء وردة فيها ملتزم بالشياكة وعدم التطجين والتركيز فى الاحساس بالكلمة والنغمة، وحتى الوقفة على المسرح، ولو سمعتها مسجلة فأنت أمام عمل محترم متكامل، فقد كان عبد الوهاب قاسيا دائمًا فى البروفات مع وردة ومع غيرها لذلك يأتى الأداء الغنائى والموسيقى مبهرًا مختلفا عن أداء بعض المطربين فى ألحان غيره. وهكذا تستطيع أن تدرك شخصية الملحن فى أغنيات وردة من طريقة أدائها غنت من ألحان فريد الأطرش «روحى وروحك» و«كلمة عتاب» وحلمى بكر «ياخبر» و«ما عندكش فكرة» ومحمد الموجى «على عينى» «أكدب عليك» «ويالا لاللى» «أحبه» وهى قصيدة وطنية ولم تغن وردة باللغة العربية الفصحى إلا أغانٍ محدودة منها «لا تقل لى ضاع حبى من يدى» شعر إبراهيم عيسى لحن رياض السنباطى «وأحبه» لحن الموجى، وغنت وردة «بتونس بيك» و«حرمت أحبيك» و«نار الغيرة» من ألحان صلاح الشرنوبى كما غنت ألحان فى المسلسل التلفزيونى «آن الأوان». كانت وردة صاحبة أول حركة تمرد على الرئيس المخلوع حسنى مبارك عندما غنت فى إحدى حفلات أكتوبر أمامه «حرمت أحبك» وكان مصيرها الوقف لفترة، وقد كانت هى الثائرة بدون قصد أو ثورجية بالصدفة.