مشكلة محمد مرسى الرئيسية الارتباط بالتنظيم الإخوانى الذى يدين له بكامل الولاء.. فهو من قدَّمه إلى المشهد السياسى ودفعه إلى سدة الحكم ولولا ذلك لظل مرسى فى عمله الأكاديمى مثل الآلاف غيره.. حيث إننا لم نشهد له عبقرية خاصة فى مجال السياسة أو زعامة كشفت عن نفسها.. أو قيادة فريدة.. بدليل أن فترة حكمه التى استمرت لمدة عام.. كانت تدار كما يعرف القاصى والدانى من مكتب الإرشاد بالمقطم.. لذلك رأيت ونحن فى مستهل محاكمة مرسى وقيادات الإخوان أن أعقد محكمة خاصة لأفكار مؤسس الجماعة حسن البنا.. فى محاولة للبحث عن أصول الأشياء وجذورها. محكمة القاضى: حسن البنا الساعاتى البنا: حاضر.. وأنت كنت «غايب»!! القاضى: جاوب فى حدود السؤال ياشيخ حسن! البنا: الكلام ده كان زمان يا حضرت جناب القاضى: أنا ماكنتش أعرف أن الدعوة التى أطلقتها سنة 28.. بقى لها تنظيم دولى وصوت مسموع بالشكل ده.. القاضى: خلينا فى صلب الموضوع البنا: مستكتر عليا أفرح بالنجاح اللى بلغته دعوتى ياه.. ده مشوار طويل جدًا القاضى: من حقك تفرح بالعدد وهو أكيد كبير لكن ياريت تحزن للعنف والدم.. تاريخ الإخوان بقى حافل.. بالقتل والتخريب البنا: أعوذ بالله أنا كان شعارى الدعوة إلى الدين.. لامتلاك الدنيا القاضى: والدعوة مالها ومال السياسة يا شيخ؟ البنا: الإخوان قوم سياسيون ودعوتهم دعوة سياسية.. نحن ندعو إلى الإسلام الذى جاء به محمد ( صلى الله عليه وسلم ) والحكومة جزء منه والحرية فريضة من فرائضه فإن قيل لكم هذه سياسة فقولوا هذا هو الإسلام! وكنا نقول يا قوم إننا نناديكم والقرآن فى يميننا والسنة فى شمالنا وعمل السلف الصالحين من أبناء هذه الأمة قدوتنا وندعوكم إلى الإسلام وتعاليم الإسلام وأحكام الإسلام فإن كان هذا من السياسة عندكم فهذه سياستنا وإن كان من يدعوكم إلى هذه المبادئ سياسيًا فنحن أعرف الناس والحمد لله فى السياسة وإن شئتم أن تسموا ذلك سياسة فقولوا ما شئتم فلن تضرنا الأسماء متى وضعت المسميات وانكشف الغايات. القاضى: يعنى هدفكم كرسى الحكم؟ البنا: وفيها إيه؟ القاضى:فيها كتير لما يبقى الطريق للسلطة مفروش بالدم يا مولانا ولا نسيت أن الشعار اللى عملته وضع القرآن الكريم مع السيف لا.. دول سيفين وتحتها كلمة «واعدوا» يعنى للتأكيد على استخدام القوة.. يعنى الدعوة مش تسامح وموعظة حسنة وحكمة. البنا: المؤمن القوى خير وأفضل عند الله من المؤمن الضعيف القاضى: ولما تبقى القوة غاشمة وتتعامل مع المجتمع المسلم على أنه مجتمع جاهلية البنا: أنت كده.. بتخلط الأوراق يا حضرة القاضى لأن ده كلام الشيخ سيد قطب رحمة الله عليه.. الإسلام بالنسبة لى منهج حياة القاضى: وقتل السياسيين والشرطة والجيش والأبرياء.. منهج حياة برضه يا شيخ حسن البنا: الخطأ مش فى النظرية لكن فى التطبيق والدنيا اتغيرت كتير غير أيامنا القاضى: وماله الدنيا تتغير.. لكن المبادئ ثابتة يا مولانا البنا: للأسف فيه ناس دخلت التنظيم عشان مصالحهم الخاصة وناس انحرفوا عن الدعوة.. وده وارد فى كل عصر احنا بشر مش ملايكة القاضى: وهما البشر أوصياء على الدين.. مع أن المولى سبحانه وتعالى بيقول للنبى الكريم ( صلى الله عليه وسلم ): لست عليهم بمسيطر البنا: هو سيادتك بتحاكمنى على الدعوة اللى أسستها ولا على اللى حاصل اليومين دول القاضى: أنت الأصل يا شيخ حسن!! البنا: بالمنطق ده.. يبقى سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) مسئول عن اختلافات المسلمين وتفرقهم فى الوقت الحالى وهو اللى حذر من الفتن والخلافات. القاضى: معنى كده أقدر أقولك أنت غضبان من اللى عمله بديع ومرسى والشاطر!! البنا: ربنا يسامحهم اللى عملته فى سنين ضيعوه فى سنة! وعن هذه اللحظة يحدث بعض الهرج والمرج داخل قاعة المحكمة وقد دخل بعض الشباب يرتدون القمصان الصفراء وعليها شعار «رابعة».. ويتطلع إليهم حسن البنا مندهشًَا ولكن القاضى يسأله. القاضى: عاجبك اللى بيحصل ده يا مولانا! البنا: هما مين دول القاضى: شباب الإخوان جايين يحيوك البنا: وايه الشعار العبيط اللى هما عملينه؟ ومعناها أيه «الأربع صوابع»! القاضى:ده شعار مستورد من تركيا ويرمز لميدان رابعة اللى اعتصموا فيه! البنا: ولو اعتصموا فى حى الأربعين كانوا هيعملوا أيه؟ القاضى: اسألهم! البنا: خيبة الله عليهم.. تركوا الشعار الأصلى واستوردوا شعار تركى القاضى: ماانت قلت قبل كدة.. عندنا وطن صغير هو مصر.. ووطن كبير هو العالم العربى.. ووطن أكبر هو العالم الإسلامى البنا: قلت !!.. لكن الكلام حاجة والفعل حاجة تانية!! القاضى: شايفك زعلان يا مولانا؟! البنا: أنا فعلا زعلان وغضبان.. وآسف وندمان؟! القاضى: ندمان على ايه! البنا: كل الناس بتتكلم باسم الإسلام وبتدعى الدفاع عن الإسلام.. اختلفت المذاهب والآراء وتعددت الاتجاهات.. لكنهم للأسف الشديد خدموا أنفسهم أكثر مما خدموا الإسلام زادت أعداد المسلمين ومظاهر تدينهم لكن الإسلام فين؟.. والدين محله أيه من الإعراب.. هو ده السؤال!!