علاقة الولاياتالمتحدةالأمريكية بمصر علاقة استراتيجية تتعلق بالأمن القومى الأمريكى وتعلو فوق التوترات، والحفاظ على المصالح العليا للبلدين يحتم استمراريتها، رغم ما تشهده من اضطرابات منذ أحداث 30 يونيو التى غيّرت من جوهر علاقة الولاياتالمتحدة بمصر وحوّلتها من علاقة ترتبط بشخص من يحكم مصر إلى علاقة تقوم على قوة الدولة المصرية التى تكمن فى أهميتها للعالم أجمع، علاوة على دور الشعب المصرى كلاعب أساسى فى المعادلة السياسية، هذا ما أكده الخبراء خلال فعاليات الندوة التى عقدتها مؤخرًا «مجلة أكتوبر» حول العلاقات المصرية الأمريكية. بداية النقاش كانت بحديث السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق الذى أكد أن العلاقات الخارجية المصرية تتسم بالشموخ والوطنية الشديدة على مدار تاريخها، مشيرًا إلى أنه على سبيل المثال تم اعتقال رئيس جمهورية الكونغو آنذاك إبان حكم عبد الناصر بعد حضوره أحد المؤتمرات بالقاهرة ردًا على قطع المياه عن السفارة المصرية وحبس العاملين بها فى إطار رفض الدعم المصرى ولم يتم الإفراج عنه إلا عند عودة المياه إلى السفارة ووقف تلك الممارسات، وأشار بيومى - فى شهادة للتاريخ - إلى أن جميع طاولات التفاوض التى جلس عليها اتسمت باحتفاظ مصر باستقلال قرارها وعدم التهاون فى عزّتها وكرامتها الوطنية، مؤكدًا أن ذلك ينطبق على العلاقات المصرية الأمريكية. وردًا على التساؤل الذى طرحه محمد نجم مدير عام التحرير حول طبيعة عمليات الشد والجذب بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية على خلفية وقف جزء من المعونة العسكرية لمصر وتجميد بعض المساعدات الاقتصادية من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية فى ضوء توتر العلاقات بين البلدين بعد أحداث 30 يونيو. أوضح السفير جمال بيومى من واقع خبرته على المستويين الدبلوماسى والاقتصادى أن صياغة العلاقات المصرية الأمريكية يجب أن تتم فى ضوء المصالح المصرية حتى إن كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية الشيطان الأكبر فى الأرض. مؤكدًا ضرورة الاستفادة من تجربة الرئيس الراحل أنور السادات فى الحفاظ على المصالح المصرية، حيث استطاع كسب لعبتى الحرب والسلام وفتح ملفات عبر مختلف أنحاء العالم تم توظيفها لخدمة الاقتصاد المصرى والعلاقات الخارجية المصرية. ونفى أن يكون للولايات المتحدةالأمريكية أى آليات للضغط على مصر، وردًا على مداخلة من عاطف عبد الغنى مدير التحرير بمجلة أكتوبر حول مدى تأثير الولاياتالمتحدةالأمريكية وسائر قوى العولمة على الداخل المصرى فى ضوء تبنى هذه القوى تطبيق نموذج للتغيير فى المنطقة يتم عبر «الربيع العربى» قال: إن ذلك مرهون بالداخل المصرى الذى يملك وحده التأثير فى مجريات الأمور، مؤكدًا أن جميع الدول الكبرى فى مصر لا ترغب فى تحول مصر إلى قوة كبرى انطلاقا من أنها دولة محورية فى منطقة الشرق الأوسط وتحولها إلى مصاف الدول المتقدمة يغيّر موازين القوى العالمية، مؤكداً أن المصالح الاستراتيجية العليا هى التى تحدد تحالفاتها، مشيرًا إلى أن ألمانيا على سبيل المثال تحالفت مع جميع القوى المعادية لها والتى هزمتها واحتلتها إبان الحرب العالمية الثانية لخدمة مصالحها العليا، مشيرًا إلى أن عقلاء ألمانيا استطاعوا إقناع الولاياتالمتحدةالأمريكية بضرورة الحفاظ على ألمانيا الموحّدة لأن ذلك هو الأفضل للولايات المتحدة فى الدفاع ضد روسيا وانطلاقا من ذلك أكد أن أجمل ما يصل إليه موقف وطنى هو إقناع العدو بأن ما يفعله يصب فى صالحه، وأوضح بيومى أن تحالف الولاياتالمتحدة مع الإخوان جاء من منطلق أنهم الجماعة الأكثر تنظيمًا والقادرة على الوصول للحكم، كما أن ذلك الدعم جاء ايضا من منطلق إعادة تصدير الإرهاب للدول العربية بعد أحداث 11سبتمبر من خلال دعم تيارات الاسلام السياسى للوصول للحكم. وفى ضوء ذلك أكد أن سيناريوهات التفتيت التى تتعرض لها مصر لا يمكن مواجهتها إلا بوحدة الصف المصرى، ومن ناحية أخرى أوضح أن السياسات الأمريكية نحو مصر تهدف إلى تأمين إمدادات الطاقة وضمان حرية المرور فى قناة السويس وباب المندب والممرات المائية التى تقع تحت سيطرة الدول العربية. وفى ذات السياق جاء رده على تساؤل مدير عام التحرير حول «استخدام الولاياتالمتحدةالأمريكية سلاح المعونة فى الضغط على مصر؟» قائلاً: لا بالتأكيد لأن المعونة بقيمتها المادية لا تمثل أى ضغوط على مصر حيث لا تمثل سوى 0.800% من الناتج القومى المصرى، مشيرًا إلى أن جميع المعونات التى تحصل عليها مصر من الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبى واليابان لا يمكن استخدامها كأداة للضغط على مصر لضآلة قيمتها، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة هى الجانب المتضرر من وقف المساعدات الأمريكية إلى مصر لأن ذلك من شأنه أن تفقد صناعة السلاح الأمريكية 1300 مليون دولار قيمة المعونة العسكرية لمصر والتى تخصص لشراء السلاح الأمريكى موضحًا أن ذلك من الممكن أن يؤدى إلى تغيير منظومة التسليح المصرى وهو ما يترتب عليه تغيير منظومة التسليح فى العديد من الدول العربية مما يزيد من الأعباء على الاقتصاد الأمريكى. فعلى سبيل المثال كانت آخر ميزانية خصصتها السعودية لشراء السلاح الأمريكى 34 مليارًا وهو ما يعد مؤشرًا مهمًا للخسائر التى يمكن أن تلحق بالاقتصاد الأمريكى نتيجة وقف المساعدات العسكرية لمصر، ومن ناحية أخرى أوضح أن توازنات القوى العالمية وتركيبها لا تسمح بمجابهة صينية أمريكية أو روسية أمريكية لصالح عملية تغيير منظومة التسليح المصرية وذلك فى ضوء ترتيبات حفظ السلام على المستوى العالمى بعد الحرب العالمية الثانية والتى من بينها معاهدة منع قيام الحرب عن طريق الخطأ التى تفرض العديد من المبادئ التى تلتزم بها القوى العالمية للحفاظ على السلام العالمي، علاوة على مستجدات الأوضاع فى ضوء انهيار حائط برلين والاتحاد السوفيتى باعتبارهما التطورين الأكثر تأثيرًا على مجريات النظام العالمى وهو ما يجعل الصين هى الأكثر تضررًا من زيادة تفاقم الأزمة الاقتصادية الأمريكية نظرًا لأن الصين هى أكبر حائز للدولار، علاوة على أنها أكبر مصدر والولاياتالمتحدة أكبر مستورد. السفينة قادرة على الإبحار وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادى المصرى ومدى تأثره بالأوضاع السياسية أوضح بيومى أن مصر صاحبة أكبر اقتصاد فى شمال أفريقيا. كما أنه ثالث أكبر اقتصاد على مستوى العالم العربى، علاوة على أنه اقتصاد خدمات بنسبة 47% ويملك 27 مليون يد عاملة وهو ما يجعل سفينة الاقتصاد المصرى قادرة على الإبحار حال توافر المناخ الملائم الذى يتمثل فى رئيس منتخب ومجلس نواب وسيولة نقدية، مشيرًا إلى أن أفضل سنة للتجارة الخارجية منذ 50 سنة فى مصر عام2011 حيث بلغت قيمة الواردات 59 مليار جنيه فى مقابل 32 مليار جنيه صادرات. وفى ذات السياق أكد ضرورة الهبوط بسقف المساعدات ورفع سقف العمل والانتاج، مشيرًا إلى أنه لا يصح لدولة بقدر مصر بقدراتها الاقتصادية ووضعها التاريخى والإقليمى أن تعيش على المساعدات، وأنه يجب الإسراع فى تنفيذ مشروعات تنموية حقيقية من شأنها دفع عجلة الاقتصاد. الإخوان والأمريكان ومن جانبه فسر عمر مهنا رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى تعاون الأمريكان مع الإخوان بأنه جاء من منطلق الاعتقاد الخاطئ من جانب الولاياتالمتحدة والغرب الأوروبى فى قدرة الاخوان على تحقيق الاستقرار فى مصر. وهو نفس الاعتقاد الخاطئ الذى وقع فيه الشعب المصرى فى تقديره لقوة الإخوان، علاوة على الاعتقاد الخاطئ من جانب الأمريكان أيضا بأن الشعب المصرى أكثر تقبلا للإخوان نظرًا لتدينه وأن الجماعة هى الأقرب إليه، مشيرًا إلى أن الجميع لم يدرك أن الشعب المصرى رغم تدينه الشديد فإنه يلفظ التعصب ويتصف بالوسطية وأنه قادر على الاختيار الصحيح عند توافر وطرح جميع الخيارات. وبخلاف ذلك أوضح أن دعم الأمريكان للإخوان جاء نتيجة للتنازلات التى قدمها الإخوان للأمريكان والتى لم يحصلوا عليها إبان حكم الرئيس مبارك. الخطأ الجسيم وأشار مهنا إلى أن صمت الغرب الأوروبى والأمريكى عن ممارسات الإخوان التى وصفها بالطغيان السياسى كانت بداية لاحتقان الشعب ضد سياسات الإخوان وكانت بمثابة خطأ جسيم فى سياسات الغرب الأوروبى والولاياتالمتحدة نحو مصر، وبخلاف ذلك أرجع عمر مهنا مجيئ الاخوان المسلمين للحكم إلى سياسات مبارك التى قامت على إقصاء جميع التيارات الاسلامية والليبرالية حيث كانت تقوم على مبدأ أنا وبديلى المستحيل هو الإخوان المسلمين، علاوة على أخطاء المرحلة الانتقالية التى شهدت سلسلة من الأخطاء جاءت بوصول الإخوان المسلمين للحكم وأنه لو تم وضع الدستور أولا لتغير مسار الأمور. النقطة الفاصلة وأوضح عمر مهنا أن ثورة 30 يونيو تعد النقطة الفاصلة فى تحول جوهر العلاقات الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومصر حيث تحولت من علاقة تقوم على مزاج الشخص الحاكم فى مصر ويغيب عنها المؤسسية وهى العلاقة التى استمرت لسنوات إلى علاقة تقوم فى جوهرها على قوة مصر كدولة محورية وشعبها عنصر أساسى فى المعادلة السياسية، مؤكدًا أن ذلك جاء بفضل موقف الشعب المصرى غير المتوقع الذى وصفه بمفجر المفاجآت على مدار الثورتين. علاقات فوق التوترات علاقة الولاياتالمتحدة بمصر قوية وفوق التوترات كانت وستكون وستظل بحكم المصالح العليا للبلدين نظرًا لأن مصر دولة محورية فى منطقتها واستقرارها أو عدمه ينعكس على العالم أجمع وليس فقط الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو ما يجعل من المستحيل الحفاظ على مصالح الولاياتالمتحدة دون إقامة علاقة جيدة مع مصر خاصة أنها الدولة العربية الأولى والوحيدة التى أقامت سلامًا حقيقيًا مع إسرائيل.. هذا ما أكده أيضا عمر مهنا ردًا على التساؤل الذى طرحه الحضور حول مستقبل العلاقة بين البلدين، وحول الإجراءات التى اتخذتها مؤخرًا الولاياتالمتحدة بوقف جزء من المعونة العسكرية لمصر وتجميد المساعدات الاقتصادية أوضح أن الإدارة الأمريكية ملتزمة بالقوانين والمفاهيم الداخلية التى تتحكم فى طبيعة الاجراءات التى يتم اتخاذها مع الدول التى يتدخل فيها الجيش عند مرحلة معينة من الأحداث، مشيرًا إلى أنه شارك مجموعة من القوى الوطنية فى توضيح الصورة للجانب الأمريكى وشرح حقيقة ما حدث بأنه سحب شعبى للثقة من الرئيس مرسى وتصدى الجيش لانجراف الدولة نحو حرب أهلية على خلفية الطغيان السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، وجاء ذلك نظرًا لغياب ميكانيزم سحب الثقة من الحكام والحكومات على مستوى العالم العربى وليس فقط داخل مصر. وهنا جاءت مداخلة من السفير جمال بيومى أكد خلالها أن الخارجية الأمريكية صرحت بأنها لم تستخدم مصطلح انقلاب بشكل رسمى لأن ذلك يقضى بقطع المعونة بالكامل وأن ذلك جاء فى إطار الحفاظ على العلاقات مع مصر وأشار أيضا إلى أن الرئيس الأمريكى استغل حقه القانونى حينما صرح فى قبرص بأن العلاقة مع مصر تتعلق بالأمن القومى الأمريكى وأنها خارج قرارات الكونجرس، موضحًا أن ذلك الحق استخدم من قبل اثنين من رؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية السابقين هما ايزنهاور إبان الحقبة الناصرية حين خرج عبد الناصر عن الطوع الأمريكى، ومرة أخرى من جانب الرئيس ريجان. توازنات القوى وبعودة الحديث مرة أخرى لعمر مهنا أكد أن هناك تحولًا جوهريًا فى موقف الولاياتالمتحدة من أحداث 30 يونيو بعد توضيح الأمر وأيضا فى ضوء إدراك الولاياتالمتحدة لتقديرها الخاطئ لقوة جماعة الإخوان المسلمين وقدرتها على قيادة مسيرة التحول الديمقراطى فى مصر وهو ما أدركه أيضا الشعب المصرى. مؤكدًا أن هذا التحول اتسم بالبطء نظرًا لصعوبة عملية تغير الاتجاه واتخاذ القرار فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو ما يرجع بدوره إلى توازنات القوى الداخلية التى تمثل دوائر قوية فى صناعة القرار وأن الأمر ليس فقط بيد الحزب الحاكم. وفى هذا الصدد شبّه التحول فى السياسات الأمريكية بدوران سيارة النقل الكبرى «الترلة» للخلف حيث تأخذ وقتًا يتصف بالبطء وعدم القدرة على المناورة. وأضاف أن هناك انفراجة فى تحسن العلاقات المصرية الأمريكية وهو ما تعبر عنه زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولى زياد بهاء الدين للبنك الدولى، مشيرًا إلى أن تلك الزيارة تفتح الباب أمام زيارات رسمية تالية لواشنطن من شأنها تحسين العلاقات. كما أنها تتيح الفرصة أيضا لإجراء مباحثات مع الجانب الأمريكى على هامش الزيارة، وعن ذلك الأمر طرح الحضور تساؤلًا حول مدى قدرة الولاياتالمتحدة فى التأثير على موقف مؤسسات التمويل الدولية ممثلة فى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى من التعامل مع مصر. وجاءت إجابة عمر مهنا بأن موافقة صندوق النقد الدولى على إقراض مصر تعد رسالة طمأنة لجميع القوى العالمية تقضى باستقرار الأوضاع وهو ما يفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية ويشجع على التعاون الاقتصادى مع مصر، وهنا جاءت مداخلة من السفير جمال بيومى أكد فيها أن مصر لا تستطيع الاقتراض من تلك المؤسسات دون أكبر ممول ممثلاً فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويعود عمر مهنا مرة أخرى ليؤكد أن الانفراجة فى العلاقات المصرية الأمريكية تظهر أيضا فى موافقة 50 شركة من أكبر الشركات الأمريكية على زيارة مصر فى يناير المقبل. علمًا بأن هذه الشركات لها استثمارات كبيرة فى مصر تسعى لزيادتها. الفهم الخاطئ ومن جانبه انتقد أنيس أكليمندوس رئيس غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة حالة الاستغراب التى تسعود الشارع المصرى على مستوى النخب والقاعدة الشعبية من الموقف الأمريكى من جماعة الإخوان المسلمين، موضحًا أن تعاون الولاياتالمتحدة مع جماعة الإخوان المسلمين جاء من منطلق إدراك الولاياتالمتحدةالأمريكية فى ضوء قراءة الأحداث واستطلاعات الرأى أنها القادم للحكم وهو ما يفرض ضرورة التعامل معه وفهمه جيدًا قبل أن يأتى وأشار إلى أنه أثناء زيارة كونداليزا رايس للجامعة الأمريكية فشلوا فى إقناعها بعدم الاجتماع مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها جماعة محظورة والاجتماع بهم يمنحهم الشرعية إلا أن الاعتقاد بأنهم القادمون للحكم كان وراء الإصرار على لقائهم، وأضاف أن اقتناع الولاياتالمتحدة بالاخوان يستند إلى العديد من المبررات الأخرى منها إدراك قوة مصادر تمويلهم وقدرتهم على التواصل مع القاعدة الشعبية علاوة على أنهم الجهة الأكثر تنظيمًا، مشيرًا إلى أن ذلك يتفق مع قناعات الشارع المصرى فى تقديره لوزن وقوة جماعة الإخوان المسلمين منذ اندلاع ثورة 25 يناير. ولذا فإنه لا يوجد ما يدعو للاستغراب من الموقف الأمريكى. وردًا على مداخلة من الحضور بدأها عاطف عبد الغنى بأن الولاياتالمتحدة لديها مشروع غربى تسعى لتطبيقه وهو الخاص بمساعدة جماعات الاسلام السياسى للصعود للحكم ثم مساعدة شعوبهم على إسقاطهم جاء الرد أولا خلال مداخلة من عمر مهنا بأنه غير متأكد من جزئية مساعدة شعوبهم على إسقاطهم. وهو ما أكده أيضا أنيس أكليمندوس مفسرًا تعاون الولاياتالمتحدة مع جماعة الإخوان بأنه جاء انطلاقا من نظرية الرئيس الأمريكى الأسبق بوش التى تهدف إلى استمرار شعوب المنطقة العربية فى استنزاف ثرواتها فى الدفاع عن نفسها حتى لا تصدّر الارهاب الى الولاياتالمتحدة والغرب وأن ذلك من الممكن أن يتم خلال آليتين أساسيتين هما إما بنجاح جماعات الإسلام السياسى فى إقامة نظم حكم ديمقراطى فى دولهم وإما بتفجير تلك الدول بكل تياراتها الفكرية من الداخل. وأوضح أن الرئيس بوش عبّر عن هذا التوجيه قبيل غزو العراق عندما صرّح بعبارة لم يلتفت إليها أحد وهى عبارة «keep them running»، وهى العبارة التى تعنى إنهاك قوى دول المنطقة فى الدفاع عن نفسها، ومن ثم عدم تصدير الإرهاب مرة أخرى للغرب. تحركات مقلقة وعلى صعيد التحرك الإخوانى داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية أكد أنيس أكليمندوس أن التحرك المقلق الذى لم يلتفت إليه أحد حتى الولاياتالمتحدةالأمريكية ذاتها هو انتشار الفكر الإخوانى داخل المجتمع الأمريكى، مشيرًا إلى أنهم نجحوا فى التواصل إعلاميًا مع العديد من القوى الضاغطة على صناعة القرار السياسى الأمريكى وتسللوا إلى مناطق حيوية داخل الولاياتالمتحدة واستطاعوا خلق شبكة من المتعاونين معهم وهو ما من شأنه إلحاق الضرر بالولاياتالمتحدة ذاتها فى ظل المرجعيات الفكرية للإخوان المسلمين التى لا تعترف بالحدود ولا بالسياسة. تصفية الأجواء وردًا على التساؤل الذى طرحه محمد نجم عن التوقعات الخاصة بمستقبل العلاقات بين الولاياتالمتحدة ومصر أكد أن الولاياتالمتحدة تعى جيدًا حقيقية الدور المصرى فى المنطقة وحقيقة أنه دور محورى فى الحفاظ على المصالح الأمريكية وهو ما يجعلها تتراجع تدريجيًا عن السياسات التى انتهجتها عقب اندلاع أحداث 30 يونيو فى ضوء الإدراك الجيد لحقيقة ما حدث. وفيما يتعلق بالمعونة أكد أنها قضية حيوية للطرفين واستمرارها ضرورة للحفاظ على المصالح العليا للبلدين، موضحًا أنها تعنى فى قيمتها الرمزية لمصر أنها تتعامل بشكل سلمى مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وأنها تحصل على المعونة كنتيجة لعلاقات وثيقة مع الجانب الأمريكى، علاوة على توفير الآلاف من فرص العمل داخل المجتمع المصرى على خلفية فتح الولاياتالمتحدة لمجالات استثمارية عبر بوابة المعونة، وفى ذات الوقت فإنها بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية تعد أداة جيدة لإنعاش الاقتصاد الأمريكى، حيث إن وقفها يلحق الضرر بالصناعة الأمريكية، وأضاف أنه علاوة على ذلك فإن الولاياتالمتحدة توظّف المعونة فى خلق أسواق جديدة ونظرًا لأن السوق المصرية تعد سوقًا مميزة وحيوية فى المنطقة علاوة على أنها سوق استهلاكية كبيرة وانطلاقًا من ذلك فإن أى خلل فى آليات التعاون الاقتصاى بين البلدين من شأنه أن يضر بسياسة التوسع الأمريكية فى خلق أسواق جديدة. ولذا يتوقع أنيس أكليمندوس عودة العلاقة بين البلدين إلى سابق عهدها فى غضون عامين أو ثلاثة أعوام على الأكثر، بينما أكد عمر مهنا فى مداخلة أخيرة أن عودة العلاقات من الممكن أن تتم قبل تلك المدة بكثير مع إتمام خارطة الطريق. وعلى مستوى نشاط الغرفة الأمريكية بالقاهرة أكد أكليمندوس أنها تتبنى برنامجًا يهدف إلى زيادة استثمارات الشركات الأمريكية الكبرى فى مصر وأن إحدى ثمار ذلك الجهد تمثل فى موافقة ال 50 شركة من أكبر الشركات الأمريكية على زيارة مصر يناير المقبل. علمًا بأن ذلك ليس بالأمر السهل بالنسبة لمثل هذه الشركات، وأوضح أن هذا البرنامج يعتمد على نظرية الطرق على المسمار حتى يثبت بمعنى أن الجهود تهدف إلى فتح قنوات جديدة للتعاون الاقتصادى مع المختلفين معنا داخل أمريكا وهو ما يستوجب تكثيفًا أكثر للجهود وعددًا أكبر من الزيارات وخطابًا ينجح فى التواصل مع تلك الأطراف.