القانون يحدد شروطا للتدريس بالمدارس الفنية.. تعرف عليها    محافظ بورسعيد يبحث استعدادات إجراء انتخابات مجلس النواب 2025    أول تعليق من «الأطباء» على واقعة إصابة طبيب بطلق ناري خلال مشاركته في قافلة طبية بقنا    تفاصيل محاكمة المتهمين بالتنمر على الطفل جان رامز على مواقع التواصل    القانون ينظم عمل ذوي الاعاقة.. تفاصيل    سعر الذهب اليوم الجمعة 14-11-2025 في الصاغة.. عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه خلال عطلة البنوك اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    وزير المالية: الكثير من الدول المتقدمة صناعيًا على مصر شهدت زيادات هائلة في أسعار الطاقة والإنتاج والفائدة    "بي بي سي" تعتذر رسميا لترامب عن تحريف خطابه وترفض دفع تعويضات    وزير الدفاع الأمريكي يعلن بدء عملية "الرمح الجنوبي" ضد شبكات مخدرات في الغرب    وزير خارجية سوريا: نسعى لتفادي التصعيد مع إسرائيل ونحاول الرد دبلوماسيا    العثور على حطام طائرة إطفاء تركية ووفاة قائدها    بن غفير يتباهى بالتنكيل بمواطنين فلسطينيين داخل إسرائيل    صلاة الاستسقاء قطر اليوم – تفاصيل أداء الصلاة في مصلى لوسيل    إنجلترا تواصل حملة الانتصارات مع توخيل وتعبر صربيا بثنائي أرسنال    المنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026 بعد تأهل فرنسا    تقرير: خطة برشلونة لتكريم ميسي    طنطا يواجه ديروط.. ومسار يصطدم ب الداخلية في دوري المحترفين    بعد الفوز على الكاميرون.. الكونغو تصعد لنهائي الملحق الأفريقي لكأس العالم 2026    الغندور والقلاوي حكمان لمباراتي مصر والجزائر استعدادا لكأس العرب    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    إخماد حريق محل خردة في «تعاونيات زهور بورسعيد» دون إصابات    «اقفلوا الشبابيك» .. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار رعدية ورياح هابطة    بالأسماء.. مصرع وإصابة 14 شخصاً في حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    مصرع وإصابة 8 أشخاص في حادث تصادم بطريق القصير مرسى علم    ضبط المتهمين بإصابة طبيب بطلق ناري أثناء مشاركته في قافلة طبية بقنا    بالأسماء، إصابة 4 أشخاص في تصادم موتوسيكل ب"توك توك" بطريق نبروة بالدقهلية    الهام عبد البديع تخطف الأنظار على السجادة الحمراء بعد غياب طويل بمهرجان القاهرة السينمائي ال46    أنغام تشارك في مسابقة «الفنانة المفضّلة» ضمن joy awards بموسم الرياض    ما الذي تغير في نانسي عجرم بعد ال 40؟ الفنانة ترد (فيديو)    أذكار المساء يوم الجمعة – حصنك من الشر والهم والضيق    4 أبراج «بيجيلهم اكتئاب الشتاء».. حسّاسون يتأثرون بشدة من البرد ويحتاجون للدفء العاطفي    «الصحة»: التطعيم ضد الإنفلونزا يمنع الإصابة بنسبة تزيد على 70%    طريقة تنظيف حوامل البوتاجاز شديدة الاتساخ بمكونات من مطبخك    عمر هشام طلعت يفوز بعضوية المكتب التنفيذى للاتحاد العربى للجولف..والرميان يحتفظ بالرئاسة    الصين وإسبانيا تؤكدان تعزيز الشراكة الاستراتيجية وتوسيع التعاون الاقتصادي    ترامب يكثف جولاته الداخلية وسط تصاعد الانتقادات الاقتصادية    زوروها زوروها.. أنصار مرشحي الدائرة الثانية يحتجون على نتائج الحصر العددي بقنا    الفيلم التركي كما نتنفس يعرض صورة مغايرة للحياة التركية في عرضه الأول بمهرجان القاهرة السينمائي    نانسى عجرم : كنت زمان حاطه ضغط على نفسى بس دلوقتى وصلت لمرحلة لازم أقدّر حالى وأحتفل بنجاحي    "الصحة" تنظم جلسة لمناقشة تطبيق التحول الأخضر في المستشفيات وإدارة المخلفات الطبية    ابرز ادعية النجاح في المطر والدعاء التوفيق    موجة أمطار رعدية تضرب مدينة الإسكندرية.. وتحذيرات عاجلة للمواطنين    عمرو طلعت: الذكاء الاصطناعي ليس منافسًا للإنسان بل أداة لتعزيز الكفاءة الإنتاجية    وزير المالية: مصر أمام فرصة استثنائية حقيقة لتكون مركزا رئيسيا للتصنيع والتصدير.. ويجب ألا نضيعها    بين الإبداع والتنوع الثقافي.. «أيام قرطاج المسرحية» تنظم منتدى مسرحيًا عالميًا    كلية الآداب بجامعة عين شمس تستقبل مدير شراكات جامعة إسيكس البريطانية    احتفالية مركز أبحاث طب عين شمس بمرور خمس سنوات علي إنشاءه    كيف تدعم وزارة التعليم العالي وبنك المعرفة الأئمة والدعاة لنشر القيم الصحيحة؟    خبير اقتصادي: افتتاح المتحف الكبير وجولة السيسي وماكرون رسائل طمأنة للعالم    إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    خالد الجندي: الله يباهي الملائكة بعباده المجتهدين في الطاعات(فيديو)    وزير الصحة يبحث مع نظيره العراقي تدريب الكوادر الطبية العراقية في مصر    بث مباشر مباراة العراق والإمارات اليوم في تصفيات كأس العالم 2026 – ملحق آسيا    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    إسعاد يونس: أتمنى استضافة عادل إمام وعبلة كامل وإنعام سالوسة «لكنهم يرفضون الظهور إعلاميا»    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكثبان السياسية المتحركة!
نشر في أكتوبر يوم 29 - 09 - 2013

كنت أتحدث مع أحد الدبلوماسيين المخضرمين فقلت له: ألا ترى أننا نعيش ما يشبه حركه الكثبان السياسية المتحركة؟ إلا فلاحظت في عينيه مفاجأة المصطلح ( الكثبان السياسية المتحركة).. كما شعرت من ثنايا كلامه بالاتفاق على عمق المعنى والدلالات الخفية التي يحملها. فلا أحد يستطيع - مهما كانت خبراته وبراعته وموقعه – أن يقول إلى أين نحن ذاهبون.. ولا كيف سينتهي المشهد الحالي.. ومتى ستتوقف حركة الكثبان السياسية السريعة والخطيرة معاً؟
ولعلنا هنا نعرض محاور أساسية.. دولية وإقليمية.. فقد تابعنا تطورات الأزمة السورية الأخيرة التي كادت أن تصل إلى حافة الهاوية والمواجهة شبه العسكرية بين واشنطن وسوريا. وقبل أن نفيض في تفاصيل هذا المشهد.. يجب أن ندرك أن روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفييتى الأمس.. رغم أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الذى خرج من أحضان الدب السوفييتى وتخرج من عباءته.. إلا أنه يدرك تماماً مدى التغييرات التى طرأت على الساحه الدولية.. فى روسيا لن تعود مثل الاتحاد السوفييتى.. وهو لن يكون جورباتشوف أو ستالين أو حتى لينين!! لماذا .. لأن العالم قد تغير.. وهو أيضاً.. وروسيا ذاتها أصابها من العالم الخارجي الكثير من التبديل والتعديل والتحوير.. فأصبحت الشخصية الروسية تناغى الغرب.. سلوكا وممارسة.. بل وفكراً أيضاً.
والزاوية الأخيرة تحتاج إلى بعض الإيضاح.. فلم تعد هناك اختلافات إيديولوجية جوهرية بين روسيا والغرب عموما.. وروسيا والولايات المتحدة خصوصاً.. بل لا نبالغ إذا قلنا إن القطبين قد عادوا إلى ذات الجذور الحضارية والايديولوجية.. رغم كل مظاهر المواجهة والتوتر والصدام المصنوع.. والمحكوم أيضاً!!.
ومن المؤكد أن القيادة الروسية الحالية تدرك أن هناك"فوارق" بين الاتحاد السوفييتي زمان.. وروسيا الآن.. إيديولوجيا وسياسياً وجغرافياً واقتصادياً وتكتيكياً أيضاً ونحن لسنا فى معرض الإفاضة فى شرح هذه التباينات والاختلافات الجوهرية..
ولكن هناك عاملاً شخصياً يمس الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الذى نجح بكاريزمته وخبراته وبراعته فى السيطره على مسار السياسة الروسية على مدى السنوات الماضية.. وحتى نهاية ولايته الحالية.. على أقل تقدير. فهذا الرجل يتمتع بذكاء ثاقب ورؤية استراتيجية متكاملة.. وبراعة تكتيكية واضحة.. مثل لاعبى الشطرنج الروس الذين يسيطرون على هذه البطولات منذ عقود طويلة!
بمعنى آخر.. فإن مهارات بوتين انعكست بشكل واضح على التوجه السياسى الروسى وعلى صناعة القرار الروسى داخلياً وخارجياً.
ولعل أبرز الدلائل على ذلك كيفية إدارته للأزمة السورية خلال الأسابيع الماضية ببراعة فائقة.. والوصول بالحركة السياسية والعسكرية والدبلوماسية إلى الهدف الذى يريده بوتين وليس أوباما فقد بدا للجميع أن الغرب والولايات المتحدة تحديداً يصران على ضرب بشار الأسد ومعاقبته لاستخدام السلاح الكيماوى ضد شعبه.. وتحركت الأساطيل وتأهبت وكادت الطلقة أو الضربه الأولى تنطلق.. دون أن يدرى أحد كيف سينتهى؟! ولكن روسيا بوتين نجحت فى إدارة الأزمه ببراعه..
فعلى المستوى العسكرى تحركت الأساطيل الروسية لأول مرة أمام السواحل السورية.. فى إشارة واضحة إلى استعداد روسيا للدفاع عن نظام بشار.. وهو ما لم يكن يحدث فى مواجهات سابقة(سوفيتية أمريكية). بل كانت موسكو تتراجع غالباً فى آخر لحظة!! ورغم أن روسيا لم تكن تود اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية ضد الولايات المتحدة.. إلا أنها استغلت تحركاتها العسكرية فى المتوسط للضغط على الموقف الأمريكى تحديداً.
وفى ذات الوقت تحركت روسيا دبلوماسياً على مستويات عدة.. فى مجلس الأمن ومع التنين الصينى ومع إيران حليفة سوريا على الأرض.. وطرحت مبادرة نزع السلاح الكيماوى من سوريا. وقبلت كل الأطراف هذا المشروع الروسى.. والخلاصة أن بوتين نجح فى تحقيق عدة إنتصارات لروسيا ونظام بشار بل.. ولإيران أيضاً.
- فقد أكد بدء عوده النفوذ الروسى على الساحة الدولية وقدرة موسكو على تحقيق انتصار على القوة الأولى عالمياً (الولايات المتحدة) وأعتقد أن هذا لم يحدث منذ سنوات طويلة.
- إلغاء أو تأجيل الضربة الغربية الأمريكية لنظام الأسد إعطاؤه قبلة الحياة والقدرة على إعادة تنظيم أوضاعه المتهالكة.. وتوفيق حساباته الخاطئة.. وربما أصبح بشار الأسد ونظامه الآن أقوى من أى وقت مضى.. بهذا الدعم الأمريكى الروسى المشترك!! بل يمكن القول أن المقاومة السورية دخلت مرحلة خطيرة قد تؤدى إلى ضعفها كثيراً.. رغم كل أشكال الدعم السياسى والعسكرى الذى لن يغير المعادلات الجيواستراتيجية على الأرض.
- عدم تحمل إيران أعباء المواجهة العسكرية التى كان يمكن أن تجلب الكثير من الخسائر السياسية والإقتصادية الفادحة.. خاصه أنها تعيش ظروفاً داخلية صعبه جداً.
- إسرائيل هى الفائز الأكبر من كل هذه التطورات - فقد تم نزع (سلاح الفقراء) أو السلاح الكيماوى من يد الجيش السورى المزعزع أصلاً.. فأصبح جيشاً مهيض الجناح.. لا يهابه أحد.. وهذا هو المطلوب مع كل جيوش المنطقة.. عدا إسرائيل طبعاً.
**
وإذا انتقلنا إلى المشهد الثانى من مشاهد الكثبان السياسية المتحركة.. فسوف نراه متداخلاً مع المشهد الأول ومرتبطاً ومتأثرا به.. ومؤثراً فيه أيضاً.. أنه مشهد العلاقات الإيرانية الغربية أنه عامه.. والإيرانية الأمريكية خاصة.
ومره أخرى يجب أن نتعمق فى قراءه هذا المشهد وندرك أن الغرب لا يرى إيران عدواً له.. بل أن إسرائيل لا ترى إيران عدواً لها.. رغم كل ما يقال فى العلن للاستهلاك الإعلامى والدعائى فقط. وليست مفاجأة أن إسرائيل – كانت ومازالت وستظل تعتبر مصر عدوها الاستراتيجي الأول وليست إيران.. ويجب أن ندرك نحن فى مصر هذه الحقيقة الراسخة المؤكدة وألا نستخف بكل التطورات السريعة المتلاحقة التى تخطف العقول وتخيف بعض القلوب.
والغرب يعتبر فترة الثورة الإيرانية على طولها ورسوخها وانتشارها فترة تكتيكية بمنطق التاريخ الإستراتيجي الفارسى القديم!! بمعنى آخر.. هناك ثورة إسلامية كبرى حدثت عام 1979 فى إيران.. وهناك واقع جيوسياسى وجيواستراتيجى نشأ فى إيران والمنطقة والعالم بشكل عام بعد هذه الثورة الكبرى.. ولكن المحللين الغربيين وأيضاً صناع القرار الغربى ومراكز البحوث الغربية تعتبرها فترة طارئة.. يمكن استيعابها بكل الطرق.. واستعادة الحليف الإيرانى القديم.. ولو بعد حين!
وقد يرى البعض – خاصة فى إيران وحلفائها – فى هذا التحليل نوعاً من الشطط أو العبث.. ولكنه احتمال قائم وليس مستبعداً! وقد لا نعيش حتى نراه!! وعلى هذا الأساس يمكن تفسير تطورات العلاقات الغربية الإيرانية.. صعوداً وهبوطاً.. انحساراً وانتشاراً!!
والقيادة الإيرانية (الإسلامية) نجحت بامتياز فى استيعاب الميراث الطويل لهذه الأمه (الفارسية) العريقة ووظفت كل قدراتها وخبراتها المتراكمه فى مواجهة مختلف الصعاب والمخاطر والحصار والمقاطعة!! بل إن علماء وخبراء الدبلوماسيه سوف يدرسون فن الدبلوماسية الإيرانية فى معاهدهم وجامعاتهم!! وليس أدل على ذلك من قدرة إيران الفائقة عن الإفلات من كل الأزمات والمصائد التى صُنعت لها بمهارة فائقة!! بل لا نبالغ.. إنها ساعدت حلفاءها فى المنطقة خاصة سوريا وحزب الله على تجاوز أخطر أزماتهم.. ومنها إفلات بشار من الضربه الأمريكية المحتملة!وكان لإيران دوراً كبيراً فى هذا.
يجب أن ندرك أيضاً أن المرشد العام يقوم بدور كبير فى تصعيد القيادات الإيرانية ( بما فى ذلك الرؤساء والوزراء وكافة المناصب القيادية الكبرى المؤثرة داخل إيران) قد كان أحمدى نجاد هو الرجل الأنسب للمرحلة السابقة.. كما أن روحاني هو الأكثر ملاءمة لهذه المرحلة.. تماماً مثل خاتمي الذى سبق نجاد. إنها عملية توزيع أدوار استراتيجية بارعة.. فى إطار نظام ايديولوجى وسياسى واستراتيجى واضح ومحدد فالكل يعرف قواعد اللعبه داخل إيران.. ويقبل بهما التزاماً بالمصالح الإيرانية الاستراتيجية. وياليتنا نتعلم من هؤلاء أن الأنظمة والأشخاص زائلون والأمم والشعوب هى الباقية.
المهم أن تصعيد أو صعود روحانى لرئاسة إيران (وليس قمة السلطة) أمر مطلوب لتلبية متطلبات هذه المرحلة إقليمياً ودولياً.. قبل الساحه الداخلية الإيرانية. وعندما يلتقى قادة الغرب مع روحانى ويرحبون بتصريحاته فإننا ندرك التحليل السابق بأن العلاقه الغربية الإيرانية ممتدة على المستوى الاستراتيجى التاريخى بعيد المدى.. رغم كل المواجهات اللفظية والحديث عن الشيطان الأكبر أو محور الشر.. فالسياسة فن السفالة الأنيقة تستوعب كل شىء ولا تمانع ولا تمنع كل المحرمات والموبقات للأسف الشديد!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.