تتعدد السيناريوهات المتعلقة بمستقبل الملف السورى خاصة فى ظل استمرار الصراع المسلح بين النظام والمعارضة الذى ألقى بتأثيراته على منظومة الأمن والاستقرار فى المنطقة إلى جانب الدعوات المطالبة بالتدخل العسكرى الدولى، على غرار الحالة الليبية التى تم فيها إسقاط نظام القذافى ومع ذلك يؤكد خبراء صعوبة حل الأزمة السورية المعقدة من خلال الحل العسكرى. عن هذا الملف أكد اللواء أركان حرب د. محمود خلف، الخبير الأمنى والاستراتيجى فى تصريح خاص ل ( أكتوبر ) أنه رغم خطورة ما يتردد حول تنفيذ المخطط الأمريكى المعروف ب مشروع الشرق الاوسط الجديد وتقسيم الدول العربية الى دويلات والذى تم بالفعل فى السودان والعراق وسوريا على وشك التقسيم ولكن حدوثه مستبعد فى مصر لما يتميز به الشعب المصرى من الوحدة الوطنية وعدم معاناته من اى مشاكل عرقية اواثنية او طائفية التى تسمح بحدوث هذا الانقسام . ويرى اللواء خلف ان مكونات الأزمة السورية معقدة جدًّا، وبها تفاعلات متبادلة داخلية وخارجية، والقوات المسلحة السورية كبيرة جدًّا تصل عددها إلى 200 ألف جندي وتمتلك أسلحة متقدمة وعندها إمداد كبير، وإن النزاع بين قوات نظامية ضد قوات غير نظامية لا تسطيع تفهمها بشكل كبير سوى أن ترى تفجيرات هنا وهناك. واوضح أن الصراع على أرض الواقع في هذا المسطح الجغرافي ليس بين الجيش الحر والجيش السوري على الإطلاق إنما هو صراع دولي وإقليمي، ومن أهم تداعياته الخطيرة هو تقسيم سوريا لعدة دويلات وهو السيناريو المرجح للتنفيذ خاصة أنة من المرجح ان يستمر هذا الصراع لفترة طويلة . وحول الاستراتيجية الروسية والإيرانية فى التعامل مع الأزمة السورية يرى الخبير الامنى والاستراتيجى أنه لأول مرة تكون الرؤى الروسية والإيرانية متوافقة، ولهما خبرات عالية فى التفكير في هذا الأمر، ووضعوا استراتيجية متلائمة مع الواقع في سوريا تدعم نظام بشار الأسد وهناك إمكانيات روسية قوية جدًّا يتم الإمداد بها إلى سوريا عبر إيران عبورا بالأراضي العراقية، ففى مايو الماضي مثلًا وصل 200 صاروخ الى النظام السوري. وأوضح خلف أن الأمر الذى يقلق القوى الغربية هو نوعية هذه الصواريخ، مضيفا أن الحرس الثورى الإيرانى يمثل خط الدفاع الأول عن النظام السورى من خلال المليشيات المسلحة الموجودة بسوريا، مؤكدا أن روسيا تعتبر البنية الأساسية للنظام السورى؛ حيث تمنحه نظاما دفاعيا أكثر تطورا. وأضاف خلف خلال ندوة تحت عنوان “تداعيات الأزمة السورية على الأمن الإقليمى والدولى” بالمركز الدولى للدراسات المستقبلية - أن قوات حزب الله تتولى العملية القتالية فى الجزء الجنوبى الغربى لسوريا ضد الجيش الحر. وأكد أن الجنرال الإيرانى قاسم سليمان يشغل منصب تنفيذ العمليات العسكرية لنظام بشار، بالإضافة لحسين طالب مهندس قمع الثورة الإيرانية، وهو بمثابة الذراع اليمنى والرأس المدبرة لإجهاض الثورة السورية. ومن جانبه اكد اللواء أسامة الجريدلى -رئيس المركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية - أن هناك تناقضا فى البداية فيما يتعلق بطبيعة المنظور النظرى لما يمكن أن تشكله سوريا على مخاطر الأمن القومى فى إسرائيل، فالأمن القومى الإسرائيلى يعمل على مسألة توفير القدرة العسكرية بمفهومها الشامل. وأضاف الجريدلى أن إسرائيل لها سماتها الخاصة فيما يتعلق بالتهديدات والمخاطر والشىء الملفت بالأمن القومى الإسرائيلى لا يستطيع التفرقة بين التهديد الخطر، فكلاهما لديه خطر، فمواجهة التهديد تختلف عن مواجهة الخطر، لكن الجانب الاسرئيلى يعتبر أن الآتنين واحد وله سرعة للغاية فى التعامل. وشدد الجريدلى على أن التهديد الذى يمثل خطورة لدى الجانب الإسرائيلى هو فى الأساس “البرنامج النووى الإيرانى” ، بعدما حصل تقدم فى البرنامج ووصل التخصيب مرحلة متقدمة، وهو ما يهدد بشكل أساسى الخطوط الحمراء الإسرائيلية، وقد يكون ذلك سببا فى أن تعلن إيران الانسحاب من معاهدة الأنشطة النووية. ومن جهته أكد د. مصطفى علوى أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، أن الأزمة السورية شديدة التعقيد خاصة بعد تدخل روسياوإيران وحزب الله فى الأزمة ودعمهم لنظام بشار الأسد من جهة وتدخل أمريكا وإسرائيل وتركيا ودعمم للمعارضة من جهة اخرى , مضيفا أن تعدد الأطراف الداخلية فى المعارضة السورية ففيها على سبيل المثال ( جبهة النصرة التابعة للإخوان المسلمين والائتلاف المعارض والتنظيم الإسلامى فى العراق والشام التابع لتنظيم القاعدة، وعلى مستوى الأطراف الإقليمية،هناك بعض الدول لا تتدخل بشكل مباشر ولكنها تتابع عن كثب ما يحدث مثل اسرائيل، والتعقيد يبلغ قمته عندما نتحدث عن القوى الدولية ممثلة فىالولايات المتحدةوروسيا والاتحاد الأوروبى والصين، والأزمة عندما تكون معقدة تعنى إطالة مدى الأزمة. وأكد علوى أنه على مستوى المعارضة السورية لا يوجد هناك تجانس بين قوى المعارضة الداخلية فى هذه الأزمة، والائتلاف السورى هاجم تنظيم الدولة الاسلامية فى الشام وندد باستخدام القوة مع المدنيين، وبالفعل حصل صراع عسكرى بين القوة المعارضة، مؤكدا أن قوى المعارضة استخدمت القوة ضد بعضها وهى حالة فريدة من حيث تعقد الأزمة وحدتها.