قرر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ترميم الكعبة المشرفة ترميما شاملا لأول مرة إدراكا لعظمة وجلال القبلة التى يتجه إليها أكثر من مليار مسلم يوميا خمس مرات مع كل صلاة. كما تم تجديد مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام من النحاس المغطى بشرائح الذهب والكريستال والزجاج المزخرف ووضع غطاء من الزجاج البللورى المقاوم للحرارة والكسر فى شكل قبة على ذات المقام، وذكر الثعلبى فى كتابه «عرائس المجالس» عن قصص الأنبياء الصادر عام 1954 أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال (كان بيت الله قبل هبوط آدم عليه السلام ياقوتة من يواقيت الجنة، والبيت المعمور الذى فى السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة حذاء الكعبة الحرام، وأن الله تعالى أهبط آدم عليه السلام إلى موضع الكعبة وهو مثل الفلك فى شدة رعدته وأنزل عليه الحجر الأسود وهو يتلألأ كأنه لؤلؤة بيضاء فأخذه آدم فضمه إليه استئناسا به وحج سيدنا آدم وطاف بالبيت وكان طوافه سبعة أسابيع، خمسة منها ليلا وأسبوعان نهارا. ولم يكن سيدنا آدم أول حاج وإنما سبقته الملائكة بحوالى ألفى عام. وقيض الخالق العظيم لسيدنا آدم ملكا أراه المناسك كلها التى يمارسها المسلمون حاليا بعد أن بنى البيت وطاف به أسبوعا وظل الله تعالت عظمته يحرس الكعبة حتى حدث الطوفان فرفعها تعالى شانه إلى السماء الرابعة وبعث جبريل عليه لسلام وخبأ الحجر الأسود فى جبل أبى قبيس حفاظا عليه من الغرق وعندما أمر الخالق العظيم سيدنا إبراهيم ببناء بيت له يعبد فيه لم يدر مكانه فأرسل الله عز وجل السكينة وهى ريح أرشدته إلى مكان البيت وأخذ سيدنا إبراهيم يبنى البيت ويناوله سيدنا إسماعيل الحجارة وتم بناء الكعبة من حجارة خمسة جبال طور سيناء وطورزيتا ولبنان والجودى وحراء، ونادى أبو قبيس سيدنا إبراهيم أن لك عندى وديعة فأخرج الحجر الأسود وركَّبه فى مكانه الحالى، وبعد انتهاء البيت دعا سيدنا إبراهيم وإسماعيل الله تعالى أن يتقبل منهما ويريهما المناسك ويتوب عليهما وأرسل جل شأنه لهما سيدنا جبريل عليه السلام يعلمهما مناسك الحج والتى يمارسها المسلمون حاليا من التروية إلى عرفة ثم إلى المزدلفة ثم منى ورمى الجمرات والنحر والإفاضة. وأمر الله تعالى سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يؤذن فى الناس بالحج وعندما أذن أجابه كل من آمن بالله أن يحج إلى يوم القيامة مرددين: لبيك اللهم لبيك. فظل البيت الحرام على حاله منذ بناه سيدنا إبراهيم إلى سنة 35 من مولد سيدنا محمد قبل بعثه بخمس سنوات فهدمت قريش الكعبةثم بنتها وكان الناس يهابون هدمها وأعلن الوليد بن المغيرة عن البدء فى هدمها وهو يقول: اللهم لا نريد إلا الخير. وانتهوا فى الهدم إلى الأساس وتنازعت القبائل فيما بينها على من يضع الحجر فى الركن لدرجة التواعد على القتال. واقترح أبو أمية بن المغيرة ؟أن يحكموا إلى أول من يدخل عليهم من باب المسجد وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وطلب النبى الأمين ثوبه ووضع بداخله الحجر على أن تأخذ كل قبيلة بطرف من الثوب ودفعوه جميعا ووضعوه فى مكانه بيده ثم بنوا عليه. فظلت الكعبة المشرفة على حالها إلى سنة أربع وستين من الهجرة حتى حاصر الحصين بن نمير السكونى عبد الله بن الزبير فقذفوها بالمنجنيق واحترق باب الكعبة من الخشب، وقام عبد الله بن الزبير بهدم الكعبة حتى سواها بالأرض واحتفظ بالحجر الأسود عنده فى تابوت فى خرقة من حرير. وبنى ابن الزبير وأدخل فيها الحجر وجعل لها بابين باب للدخول وآخر للخروج وظلت الكعبة على حالها حتى قتل الحجاج بن يوسف الثقفى ابن الزبير وتولى الحجاز عبد الملك بن مروان فأعاد للكعبة بناءها الأول بحضور مشايخ قريش وظلت على حالها، وإنصافا للحقيقة فإن خادم الحرمين الشريفين أعاد للكعبة المشرفة أصالتها وعظمتها وجلالها وبريقها وروحانيتها بعد سنوات طويلة من عمليات الترميم الجزئية. أما الملك عبد الله بن عبد العزيز فجعل الترميم شاملا ومتكاملا بما يتناسب مع حرمة بيت الله وجلاله حيث يقول عز من قال ( سأجعل بيتى أخصه بكرامتى وأوثره باسمى وأنطقه بعظمتى وعليه وضعت جلالى ثم أجعل ذلك البيت حرما آمنا.