ليس غريبًا على هذه الدار العريقة أن تحتضن (منتدى السلام والتنمية).. فمنها انطلق شعاع الفكر العربى والإسلامى على يد بشارة ونجيب مترى وأضاء بنوره أرجاء المعمورة.. وفيها تربع عمالقة الفكر العربى والإسلامى.. وقدمت دارالمعارف للعالم بأسره تراثًا تعجز غالبية دور النشر العالمية عن تحقيقه.. بل إن ال 17 ألف كتاب و عنوان التى قدمتها مؤسستنا كانت ومازالت وستظل حلم كل الناشرين.. دون استثناء. دار المعارف هى أيضًا التى احتضت أكتوبر الإصدار الأم الذى يقترب من عامه الأربعين بخطى ثابتة وواثقة بمشيئة الله، ومن رحم أكتوبر خرجت «وادى النيل» العروس الجميل التى تتأهب لانطلاقة واعدة بقيادة الزميلة سوسن أبو حسين وكذلك بوابة دار المعارف بقيادة الزميلة زينب عبد المنعم.. وبوابة أكتوبر التى نأمل أن تنطلق قريبًا بقيادة العبد الفقير والأستاذ عاطف عبدالغنى. إذًا فالابن البكر أنتج وأبدع مجموعة من الإصدارات التى أضافت وسوف تضيف للمؤسسة العريقة.. ومنها نبعت فكرة منتدى السلام والتنمية التى بدأت بمقالة لمعالى الوزير الصديق د. محمد العرابى رئيس حزب المؤتمر.. تحدث فيه عن السلام الاجتماعى.. ثم طرحت أكتوبر مبادرة لتحقيق السلام الاجتماعى خلال مؤتمر الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، وفى حوار هاتفى مع سيادة اللواء أركان حرب وجيه دكرورى اقترح علىَّ تحويل المبادرة إلى منتدى ونالت الفكرة إعجابى واستحسان بعض الأصدقاء ومنهم د. علاء رزق الخبير الاقتصادى المرموق.. وعملنا معًا على تطويرها إلى مرحلة أكثر عمقًا ومؤسسية فتحولت المبادرة إلى (منتدى السلام والتنمية) وبالإنجليزية (Peace and Development Forum) وهو يضاهى مراكز الدراسات والأبحاث فى العالم المتقدم (Think Tank). وهذه المراكز تساعد صُنّاع القرار ومؤسسات الدولة فى دراسة قضايا استراتيجية كبرى وتقديم الحلول والبدائل الممكنة لمعالجتها. إذًا فالمطلوب إنشاء مؤسسة فكرية متكاملة تعالج كافة قضايا السلام التنمية.. وهو إطار واسع يمكن أن يستوعب أغلب مشاكلنا وهمومنا ويجتهد فى دراستها وتحليلها وحلها. وإذا بدأنا بالمحور الأول (السلام) فإننا نقترح على المنتدى والمشاركين الكرام أن يشمل المحاور التالية: * معالجة مشاكل الفتنة الطائفية والمذهبية، فنحن نشهد الآن بعض مظاهر التعصب والتطرف من كل الأطراف دون استثناء، وهو ما يتنافى مع تكوين الشخصية المصرية الوسطية على مدار التاريخ، هكذا كان الإنسان المصرى.. وسوف يظل بمشيئة الله.. رغم كل محاولات صُنّاع الفتنة داخليًا وخارجيًا. * صناعة الكراهية.. للأسف الشديد هذه ظاهرة قائمة فى مصر.. تشارك فيها جهات وأطراف وأفراد كُثر دون أن يدروا أنهم يخربون بيوتهم بأيديهم.. إنهم يصنعون أعداء وهميين داخل الوطن الواحد.. بما يساهم فى إضعافه وتهميشه.. وربما تمزيقه.. لا قدر الله. * العنف والتطرف.. مشكلة رئيسية أخرى شهدناها ونشاهدها فى مصر وكثير من دول العالم، ولكننا لا نعالجها معالجة دقيقة وعميقة، فلا يمكن للحل الأمنى وحده أن ينزع جذور العنف وأسباب التطرف.. نحن نريد أن ندرس هذه الظاهرة بعناية فائقة ومع كل الأطراف المعنية بها.. بل ومع من يمارسونها، حتى نصل إلى وضع حلول شاملة ومتكاملة لها. * التشجيع على قبول الآخر.. هذا هو المحور الرابع لهذا المنتدى (كما أقترحه) فقد وصلنا فى مصر.. بل وفى العالمين العربى والإسلامى إلى مرحلة الكراهية لبعضنا البعض.. بل إلى مرحلة العداء أحيانًا لدرجة أننا بحاجة ملحة إلى إعادة إرساء مبدأ قبول الآخر.. رغم أن هذا الآخر قد يكون الجار أو الزميل.. بل قد يكون الأخ أو الابن أو حتى الزوج أو الزوجة!! * إقرار آليات الحوار والمفاوضات كطريق وحيد وخيار استراتيجى لحل كل الأزمات، فداخل المجتمع الواحد لا يمكن أن نقبل بغير الحوار كوسيلة للتفاهم والتعايش.. بل كوسيلة لحل مشاكل التنمية. * تمثيل عادل ومتوازن لكل الأطياف والشرائح والأطراف داخل المنتدى.. بما فى ذلك الأزهر والكنيسة والإسلاميون واليساريون والليبراليون والعسكريون.. والمرأة التى تمثل نصف المجتمع وربما شكلت أغلب المجتمع إذا حظيت بمكانتها اللائقة وقامت بدورها المطلوب والمرغوب بشدة. *** المحور الثانى للمنتدى هو (التنمية) ويمكن أن يتسع لتناول كافة القضايا الاقتصادية.. مثل: * الفقر الذى بلغت نسبته فى مصر الآن نحو 60%.. ونخشى فى ظل استمرار هذه الأوضاع أن تزيد تلك النسبة وتتفاقم هموم البؤساء الذين يدفعون كافة الفواتير سابقًا.. وحاليًا.. ولاحقًا! * الجهل.. قضية حيوية من قضايا التنمية.. فلا يمكن أن نضع أسس التنمية فى مجتمع يجهل كثيرًا من تاريخه وحضارته وواقعه ومستقبله، نعم إن غالبية المصريين لا يدركون قدر مصر ومكانتها للأسف الشديد، وكيف أنها لو تخلصت من قيود الجهل وأغلال الغباء الفكرى ورواسب التخلف النفسى والمجتمعى سوف تنطلق انطلاقة كبرى.. بمشيئة الله. * المرض محور آخر يعالجه المنتدى.. وإذا كانت أمراض الأبدان هى الظاهرة المقصودة هنا.. فى ظل تدهور البيئة وتراجع الخدمات العلاجية والصحية.. فإن أمراض النفوس والقلوب هى المهمة الأصعب والأشق.. وكلاهما مرض الأبدان والنفوس بحاجة إلى دراسات عميقة من هذا المنتدى المحترم رفيع المستوى. * التعليم.. محور رابع من محاور التنمية.. بل ربما يكون أهم وأخطر محاور نهضة الأمم، فلا توجد دولة متقدمة لم تهتم بالتعليم والارتقاء بكل عناصره، ونحن إذ نحظى بقامة وخبرة كبيرة فى هذا المجال (د.أحمد جمال الدين موسى) وزير التعليم الأسبق ورئيس حزب مصر وغيره من الخبراء على ثقة بأننا سوف نقدم دراسات جادة وحيوية للارتقاء بالعملية التعليمية بكل مراحلها. وإذا كانت المحصلة النهائية والهدف الرئيسى لهذا المنتدى هو الارتقاء بمستوى الإنسان المصرى وتقديم الدراسات اللازمة لصانع القرار المصرى.. فإننا فى ذات الوقت نتطلع إلى أن تتسع مهام المنتدى لتشمل المنطقة العربية فى مرحلة لاحقة، وربما اتسع نشاطه إلى آفاق عالمية.. بمشيئة الله. نعم كانت هذه هى فكرة منتدى السلام والتنمية.. كيف نشأت وتطورت.. وما هى أهدافها.. ونرجو أن يحقق الزملاء الأعزاء المشاركون فى المنتدى آمالنا وطموحاتنا.. وطموحات الشعب المصرى أولًا.